ليبيا: السراج يعمق خلافاته مع حفتر بالتدخل في معارك الجنوب

طالب بوقف عاجل لـ«عملية درنة»... وشكّل قوة عسكرية موازية

TT

ليبيا: السراج يعمق خلافاته مع حفتر بالتدخل في معارك الجنوب

في خطوة من شأنها تعميق الخلافات مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أعلن فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس، عن معارضته لعملية تحرير مدينة درنة في شرق البلاد من طرف جيوش حفتر، وأمر في المقابل بتأسيس قوة عسكرية لتأمين المنطقة الجنوبية. وتوقعت مصادر مقربة من المشير حفتر لـ«الشرق الأوسط» أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة حجم الخلافات السياسية والعسكرية المعلنة بين الطرفين، مشيرة إلى أنها قد تحول أيضاً دون موافقة حفتر على عقد اجتماع جديد مع السراج، تخطط له السلطات الفرنسية في باريس، على غرار الاجتماع الذي عقد العام الماضي، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. كما تسود مخاوف بأن تؤثر هذه المواقف على الجولة الجديدة المقرر عقدها في العاصمة المصرية قريباً، بين ضباط عسكريين ليبيين يتبعون لحفتر وآخرين تابعين للسراج، وذلك في إطار مساعي الوساطة المصرية الرامية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية. وفى خطاب وقعه باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، أمر السراج قادة 3 مناطق عسكرية، هي طرابلس والغربية والوسطى، بالبدء في تجهيز قوة عسكرية قوامها لواء، تشكل بواقع كتيبة من كل منطقة عسكرية، بكل أفرادها وأسلحتها ومعداتها، مطالباً بتمام الجاهزية والاستعداد لهذه الكتائب خلال 10 أيام فقط، قبل أن يؤكد أن مهمة القوة العسكرية هي حماية وتأمين الجنوب.
لكن علي حمودة، رئيس مجلس مشايخ وأعيان وادي الشاطئ، رفض قرار السراج، واعتبر أن ما يخطط له هو محاولة لشرعنة الميلشيات المسلحة، مطالباً أهل الجنوب بـ«التصدي له بكل قوة». كما حمل حمودة رئيس حكومة الوفاق الوطني مسؤولية قراره، وقال إنه سيقف ضده حتى لا تتحول منطقة فزان (الجنوب) إلى ساحة للحروب الأهلية، معتبراً أن السكان بحاجة إلى إنجاز المشاريع والخدمات والبناء «وليس إلى عبث الميليشيات الإجرامية الظالمة».
واندلعت منذ السبت الماضي اشتباكات عنيفة ومتقطعة، بعدما سيطر مسلحون من قبيلة التبو على المنطقة العسكرية في مدينة سبها، التي تشهد منذ 25 فبراير (شباط) الماضي معارك بين قبيلتي «التبو» و«أولاد سليمان»، كما تتهم أطراف ليبية مهاجرين أفارقة من تشاد والنيجر والسودان بالقتال إلى جانب قبيلة التبو. وفي إعلان حاول فيه تجنب الإشارة إلى اسم المشير حفتر صراحة، دعا السراج الحكماء إلى التدخل العاجل لإيجاد حل سلمي يحقن الدماء في مدينة درنة، وقال إنه يتابع «بقلق شديد» ما يتوارد من أنباء عن العمليات العسكرية والقصف الجوي الذي يستهدفها. وحذر السراج من خطورة هذه العمليات، والخسائر المترتبة عليها في صفوف المدنيين والبنية التحتية، موضحاً أنه طالب سابقاً بفك الحصار الخانق على المدينة، ووقف القتال.
واعتبر أن الفرصة باتت متاحة للتراجع لأن «التداعيات ستكون خطيرة، والعواقب وخيمة، وتبعات الحرب ستتجاوز درنة إلى مناطق أخرى في البلاد»، حسب تعبيره.
من جهته، ندد المجلس الأعلى للدولة، الذي يقوده القيادي الإخواني البارز خالد المشري، بما يتعرض له أهالي درنة من اعتداء عسكري «دون وجه حق»، لافتاً إلى أن ما يتعرض له المدنيون في درنة جراء قصفها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والطيران «جريمة»، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ولكل المواثيق والمعاهدات الدولية.
وبدورها، ذكرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا جميع أطراف النزاع المسلح في درنة بضرورة احترام القانون الإنساني الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لضمان حماية المدنيين والمنشآت المدنية.
وسيطرت قوات الجيش الوطني الليبي، التي يقودها المشير خليفة حفتر، على محاور الظهر الحمر، والحيلة، ومرتوبة، القريبة من درنة. وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها قوات الجيش سيطرتها على مواقع قرب درنة منذ الإعلان عن عملية عسكرية لاستعادة المدينة مطلع الشهر الحالي.
وفي شأن آخر، أعلنت إدارة مطار مصراتة الدولي، في غرب ليبيا، عن توقف حركة الركاب والشحن الجوي بالمطار، وذلك بسبب تعدي المهربين وضعاف النفوس على الجهات الأمنية والضبطية العاملة بالمطار.
وقالت إدارة المطار، في بيان نشرته صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه في أثناء رحلة الخطوط الأفريقية المتجهة إلى إسطنبول أول من أمس، تم ضبط محاولة تهريب كمية أموال من العملة الأجنبية بحوزة أحد أعضاء طاقم الطائرة، ولدى إحالته إلى الجهات ذات الاختصاص والتحقيق معه، قامت مجموعة من الخارجين عن القانون بسرقة المبلغ المضبوط بالقوة من مركز الجمارك بالمطار.
وأضافت الإدارة أن موظفي المطار، من جهات أمنية وضبطية، قرروا التوقف عن العمل إلى حين استرجاع المبلغ المسروق، وإحالة المتهمين إلى القضاء، وهددت بأنه «في حالة عدم إرجاعه خلال 24 ساعة، سيتم نشر أسماء من قاموا بهذه العملية».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.