قادة العالم ينعون «ماديبا» في جوهانسبيرغ.. وأوباما يخطف الأضواء

عشرات الآلاف من المواطنين انضموا لرؤساء وقادة العالم في مراسم شعبية ورسمية لتأبين الزعيم الأفريقي

زعماء العالم وحشود غفيرة يؤبنون الرئيس الراحل نيلسون مانديلا في استاد لكرة القدم (رويترز)
زعماء العالم وحشود غفيرة يؤبنون الرئيس الراحل نيلسون مانديلا في استاد لكرة القدم (رويترز)
TT

قادة العالم ينعون «ماديبا» في جوهانسبيرغ.. وأوباما يخطف الأضواء

زعماء العالم وحشود غفيرة يؤبنون الرئيس الراحل نيلسون مانديلا في استاد لكرة القدم (رويترز)
زعماء العالم وحشود غفيرة يؤبنون الرئيس الراحل نيلسون مانديلا في استاد لكرة القدم (رويترز)

انضم عشرات الآلاف من المواطنين في جنوب أفريقيا إلى العشرات من رؤساء وقادة دول العالم في حضور مراسم تأبين المناضل والرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.
وخطف الرئيس الاميركي باراك اوباما الاضواء في حفل التأبين الذي شهد تجمعا لا سابق له لكبار قادة العالم.
ووصف اوباما مانديلا بأنه "احد عمالقة التاريخ"، ولم يتردد في انتقاد القادة الكثيرين الذين "يقولون انهم متضامنون مع معركة مانديلا من اجل الحرية، لكنهم لا يتقبلون أي معارضة من قبل شعوبهم".
واستقبل أوباما بالكثير من التصفيق والتحية من الحشود التي ملأت موقع الحفل في استاد سوكر سيتي في جوهانسبيرغ عاصمة جنوب افريقيا. وتبلغ سعة الاستاد 94 ألف مقعد، وهو الملعب الذي شهد الظهور العلني الأخير لمانديلا خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، وقال أوباما في كلمته "تصعب الاشادة بهذا الرجل والأصعب عندما يكون أحد عمالقة التاريخ وقاد الأمة الى العدالة".
وعلى المنصة في مكان غير بعيد عنه، جلس ممثلو النظام الصيني ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي، اللذين يوجه اليهما الغرب باستمرار انتقادات بسبب أدائهما في مجال حقوق الانسان.
وشكلت مصافحة بين أوباما والرئيس الكوبي راوول كاسترو مفاجأة كبيرة على المنصة الرسمية.
وقال احد مستشاري الرئيس الاميركي ان اوباما هو من اتخذ مبادرة هذه المصافحة ليبرهن مجددا على الرغبة في كسر الجليد بين العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ الستينيات. وبدأ حفل التأبين حوالي الظهر (10.00 غرينتش) .
لكن الآلاف بدأوا بالتجمع منذ الساعة السابعة صباحا ليحجزوا مواقع لهم في المدرجات، وهم يغنون تحت أمطار غزيرة أناشيد تعود الى عهد التمييز العنصري عندما كان بطلهم مانديلا مسجونا.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عند وصوله الى الملعب "اقترحوا علينا ارتداء ربطة عنق سوداء". وأضاف "لكن عندما نسمع هذه الهتافات وعندما نرى أجواء الاحتفال السائدة نتأكد ان اهل جنوب افريقيا يريدون وداع هذا الرجل العظيم وكذلك الاحتفاء بحياته وارثه".
وبدأ الحفل بالنشيد الوطني لجنوب افريقيا، ثم تعاقبت الخطب والاغاني.
وقال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون من جهته، ان "جنوب افريقيا فقدت أبا والعالم فقد صديقا عزيزا وأخا". وأضاف ان "نيلسون مانديلا دلنا على طريق بقلب اكبر من هذ المدرج وابتسامة معدية يمكن ان تشعل الأضواء"، وتابع أن مانديلا "كان يكره الكراهية، وقد اظهر قوة الصفح وقدرتها على توحيد الناس"، وقامت منسقة المؤتمر الوطني الافريقي (الحزب الحاكم) بعد ذلك بغناء النشيد الوطني مع الحشد الذي كان يردد مقاطع منه.
وقد قوبل رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما بصيحات استهجان مع بداية مراسم التأبين. وفي لقطات بثها تلفزيون جنوب افريقيا، صدرت صيحات استهجان عن مجموعات من انصار "مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" (ايكونوميك فريدوم فايترز)، حزب الرئيس السابق لشباب المؤتمر الوطني الافريقي جوليوس ماليما المناهض لزوما.
وعندما بدأ زوما بإلقاء خطابه، غادر قسم من الجمهور المدرج، وتعهد زوما في هذا الخطاب "بمواصلة" عمل نيلسون مانديلا من اجل جنوب افريقيا "ديمقراطية وخالية من الفقر"، مشددا على الطابع "الفريد" لأبي "امة قوس قزح".. وكرر مرات عدة "لا أحد مثل ماديبا، كان فريدا"، وتابع "على شرفه، سنواصل التزامنا ببناء أمة اساسها القيم الديمقراطية والكرامة البشرية والحرية"، وفي المقابل صفقت حشود ستاد سوكر سيتي للرئيس السابق ثابو مبيكي، الذي دفعه زوما الى التنحي عن الحكم في 2008- ونائب الرئيس غاليما موتلانتي الذي ترشح ضد زوما لقيادة المؤتمر الوطني الافريقي.
يذكر أن الحفل نقل عبر شاشات عرض كبيرة على الهواء مباشرة في ثلاثة ملاعب أخرى غصت بالمشاركين.
وكان نيلسون مانديلا قد توفي في منزله يوم الخميس عن 95 عاما.
وتحيي البلاد عددا من الاحتفالات الأخرى حتى يوم الجنازة الذي سيكون الأحد المقبل.



قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).