شح المعروض يدعم ارتفاع أسعار النفط

حفارات نفط في حقل للخام بالولايات المتحدة الأميركية  (رويترز)
حفارات نفط في حقل للخام بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)
TT

شح المعروض يدعم ارتفاع أسعار النفط

حفارات نفط في حقل للخام بالولايات المتحدة الأميركية  (رويترز)
حفارات نفط في حقل للخام بالولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

لقد ناهزت أسعار نفط برنت في لندن هذا الأسبوع الثمانين دولاراً، لكن هل ستصل الأسعار إلى مستويات 80 دولاراً للبرميل وتتجاوزها؟ رغم وجود بعض المخاطر في سوق النفط التي قد تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط دون مستوياتها الحالية، فإن العوامل التي تدعم ارتفاع الأسعار أقوى.
وعلى عكس ما يتوقعه الجميع، فإن الارتفاعات القادمة سوف تكون مبنية على أساسيات العرض والطلب ما لم يحدث اضطراب جيوسياسي كبير يهز ميزان السوق.
وقبل الخوض في العوامل الأساسية التي تدعم الارتفاع، فإن الحديث عن المخاطر التي قد تؤثر على الأسعار نزولاً مهم. وأول هذه المخاطر هي المخاوف المرتبطة بالطلب على النفط، وهو ما عبرت عنه وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري أمس عندما أبدت قلقها من تراجع الطلب في النصف الثاني مع ارتفاع الأسعار الحالي، التي زادت بنسبة 75 في المائة عن مستواها في يونيو (حزيران) العام الماضي.
وبسبب هذه المخاوف عدلت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب هذا العام لينمو بنحو 1.4 مليون برميل يومياً هبوطاً من 1.5 مليون برميل يومياً في تقرير الشهر الماضي. ومع التراجع في الطلب والزيادة المتوقعة في المعروض من الدول خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والبالغ 1.7 مليون برميل يومياً، فإن هناك احتمالية أن يكون هناك فائض بنحو 300 ألف برميل يومياً في النصف الثاني.
ولا يمكن الآن توقع ماذا سوف تؤول إليه الأمور المتعلقة بالحظر على النفط الإيراني، لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي تخفيض صادراته النفطية من إيران؛ إذ يبحث المسؤولون في بروكسل، مقر الاتحاد، الطرق الفنية التي تساعدهم على الاستمرار في استيراد النفط الإيراني رغم القرار الأميركي، بحسب ما أعلن الاتحاد على لسان أحد مسؤوليه أول من أمس.
وكانت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، قد أعلنت في أعقاب محادثات أجرتها أول من أمس (الثلاثاء) في بروكسل مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الجانبين اتفقا على العمل للحفاظ على العلاقات الاقتصادية وتعميقها بين الاتحاد وإيران.
وقالت: «نحن نعمل على إيجاد حل عملي... نحن نتحدث عن حلول للحفاظ على الاتفاق... تلك الإجراءات ستسمح لإيران بمواصلة تصدير النفط وللبنوك الأوروبية بالعمل في إيران».
ويعد الدولار العملة الوحيدة، التي يتم بها تسعير النفط في البورصات، وبالتالي فإن جميع عمليات التبادل التجاري بين المصدرين والمستوردين تتم بالعملة الأميركية.
وبعد إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران الذي يصدر 2.5 مليون برميل في اليوم، فإن بعض المستوردين مثل الهند والاتحاد الأوروبي أعلنوا رغبتهم في التحول إلى دفع قيمة النفط بعملة غير الدولار للإبقاء على الصادرات الإيرانية مستمرة.
في حين تبحث بلدان مثل كوريا الجنوبية إمكانية الحصول على استثناء من القرار الأميركي للسماح لها بالاستيراد من إيران. وباستثناء المخاطر المتعلقة بالطلب، لا توجد الكثير من المخاطر المرتبطة بالطلب، التي قد تهبط بأسعار النفط. أما العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، فتتمثل في: أولاً توازن السوق وهبوط المخزونات، فيبدو أن السوق النفطية الآن تعيش في حالة توازن، حيث أعلنت وكالة الطاقة الدولية بالأمس أن المخزونات التجارية في الدول الصناعية الآن أصبحت بأقل من مليون برميل عن متوسط السنوات الخمس؛ وهو ما يعني أن الفائض في المخزونات الذي ضغط على الأسعار لسنوات طويلة اختفى أخيراً. ومنذ يناير (كانون الثاني) 2017 حتى الآن انخفضت تخمة المخزونات بنحو 400 مليون برميل يومياً لتصبح في مستوى 2.8 مليار برميل في الدول الصناعية. وبالأمس، أعلنت الولايات المتحدة هبوط المخزونات الأسبوعية بنهاية يوم 11 مايو (أيار) بنحو 1.4 مليون برميل لتواصل هبوطها للأسبوع الثاني على التوالي؛ وهو ما يعني أن المخزونات تجاوزت مرحلة التخمة نهائياً. انخفضت مخزونات النفط الخام 2.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من مايو.
ثانياً: هبوط إنتاج الدول الداخلة في الاتفاق: فمن المتوقع أن يهبط الإنتاج النفطي من دول كثيرة في النصف الثاني، وعلى رأسها فنزويلا والمكسيك وأنغولا في ظل عدم استقرار إنتاج ليبيا ونيجيريا. وعلى مستوى إنتاج فنزويلا، أوضحت وكالة الطاقة الدولية، أمس، أن وتيرة انخفاض الإنتاج تتسارع، وبحلول نهاية العام الحالي قد تنخفض بمقدار مئات الآلاف من البراميل بشكل يومي. ولا تتوقع الوكالة أن ينمو إنتاج فنزويلا والمكسيك في المدى القصير.
وعلى جانب الأساسيات، فإن الإمدادات النفطية قد تواجه شحاً في النصف الثاني من العام الحالي بغض النظر عن أي نقص في الإمدادات النفطية الإيرانية؛ وذلك لأن إنتاج الولايات المتحدة يواجه عنق زجاجة بسبب عدم توافر بنية تحتية كافية لنقل النفط الصخري من مناطق الإنتاج إلى مناطق التصدير والمصافي.


مقالات ذات صلة

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

الاقتصاد برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

قال بنك «غولدمان ساكس» إن إنتاج الخام من العراق وكازاخستان وروسيا انخفض، امتثالاً لتخفيضات إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)

النفط يستقر مع إعلان وقف إطلاق النار وترقباً لاجتماع «أوبك بلس»

استقرت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة، الأربعاء، مع تقييم الأسواق للتأثير المحتمل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وقبل اجتماع «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مصفاة لتكرير النفط في فادينار بولاية غوجارات الغربية بالهند (رويترز)

«مؤسسة النفط الهندية» تبقي على اتفاقها مع العراق

قال مسؤول تنفيذي كبير بـ«مؤسسة النفط الهندية»، كبرى شركات التكرير بالهند، إن المؤسسة أبقت على اتفاقها السنوي لاستيراد الخام من العراق عند 21 مليون طن لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة نفط تابعة لـ«روسنفت» الروسية (رويترز)

تراجع العوائد الروسية من النفط والغاز بمقدار الثلث في نوفمبر

من المتوقع تراجع إيرادات روسيا من النفط والغاز في نوفمبر بما يعادل الثلث إلى 0.78 تريليون روبل (نحو 7.5 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا 14 نوفمبر 2024 (رويترز)

مسؤول بـ«إكسون موبيل»: منتجو النفط والغاز الأميركيون لن يزيدوا الإنتاج في ظل رئاسة ترمب

قال مسؤول تنفيذي في شركة إكسون موبيل إن منتجي النفط والغاز الأميركيين من غير المرجح أن يزيدوا إنتاجهم بشكل جذري في ظل رئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجدعان في ملتقى الميزانية: «رؤية 2030» هدفت إلى المحافظة على مالية مستدامة

وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)
وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)
TT

الجدعان في ملتقى الميزانية: «رؤية 2030» هدفت إلى المحافظة على مالية مستدامة

وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)
وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن النمو المستدام يعتمد على مالية مستدامة، وخصوصاً في اقتصاد مشابه للسعودية، وإن «رؤية 2030» هدفت للمحافظة على مالية عامة مستدامة.

وأضاف في جلسة «السياسة المالية لتعزيز النمو المستدام» ضمن «ملتقى الميزانية 2025»، إن الاقتصاد السعودي تجاوز الإصلاحات الهيكلية المؤلمة بداية إطلاق «رؤية 2030»، مشدداً على أن الإنفاق أصبح أكثر استدامة على مدار السنوات الماضية. وقال: «استخدمنا أدوات جديدة كأدوات الدين لضمان الإنفاق المستدام».

وأشار إلى أن التركيز اليوم هو على قطاعات تحمل فرص نمو أكثر من السابق.

أما وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، فلفت إلى أن الإنفاق التحولي ضروري، مشدداً على استمرار الزخم في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

وزير الاقتصاد والتخطيط يتحدث في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)

ولفت إلى نمو الأنشطة غير النفطية بواقع 52 في المائة من الناتج المحلي الحقيقي، وقد باتت تمثل أكثر من نصف الاقتصاد. وأضاف أن نمو الأنشطة غير النفطية ارتفع بواقع 6 في المائة في 3 سنوات.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن يسجل القطاع غير النفطي نمواً بواقع 3.9 في المائة هذا العام، و4.8 في المائة في عام 2025.

وقال: «نطمح إلى ما هو خلف الأرقام، وأن تدخل أنشطة مستدامة في القطاع غير النفطي». ولفت إلى أن دور السياحة في تركيبة الاقتصاد دلالة على قوة ومتانة التنويع الاقتصادي.