إردوغان يعقد اجتماعاً طارئاً للمرة الثانية لبحث تدهور الاقتصاد

بعد تهاوي الليرة بسبب تصريحاته عن تحكمه بالاقتصاد

رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
TT

إردوغان يعقد اجتماعاً طارئاً للمرة الثانية لبحث تدهور الاقتصاد

رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)

عقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اجتماعا طارئا مع محافظ البنك المركزي مراد شتينكايا بمقر حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة أمس عقب عودته من لندن بعد زيارة لبريطانيا استغرقت 3 أيام. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إنه تم خلاله مناقشة التطورات الاقتصادية في تركيا، وسبل وقف تدهور الليرة التركية وارتفاع معدل التضخم وخفض أسعار الفائدة.
وأضافت المصادر أن الاجتماع توسع بعد ذلك، لينضم إليه رئيس الوزراء بن علي يلدريم ونائبه للشؤون الاقتصادية محمد شيمشيك ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي ووزير التنمية لطفي إلوان، لبحث التطورات الاقتصادية وسبل السيطرة على تدهور الليرة وارتفاع التضخم قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة التي ستشهدها تركيا في 24 يونيو (حزيران) المقبل. ويعد هذا هو الاجتماع الطارئ الثاني بعد أسبوع من اجتماع مماثل عقده إردوغان في مسعى لوقف تدهور المؤشرات الاقتصادية وتلافي آثارها على شعبيته وشعبية الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة.
وهوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد وسجلت أكبر تراجع في تاريخها منذ 8 سنوات، على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس التركي لتلفزيون بلومبيرغ في لندن أول من أمس، لفت فيها إلى أنه يعتزم التحكم بشكل أكبر في الاقتصاد بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستركز كل الصلاحيات التنفيذية في يديه، كما هاجم أسعار الفائدة، معتبرا أنها مصدر كل الشرور والسبب في ارتفاع التضخم إلى أكثر من 10 في المائة.
وعززت تعليقات إردوغان من المخاوف القائمة منذ فترة طويلة حول مسعاه لتشكيل السياسة النقدية وتقويض قدرة البنك المركزي على كبح تضخم مكون من رقمين، حيث قال إردوغان إن البنك المركزي مستقل؛ لكنه لن يتمكن من تجاهل الإشارات الصادرة عن رئيس السلطة التنفيذية بمجرد اكتمال التحول إلى النظام الرئاسي التنفيذي في 24 يونيو. وأضاف: «سأتولى المسؤولية كرئيس للسلطة التنفيذية لا ينازعه أحد فيما يتعلق بالخطوات المتخذة والقرارات المتعلقة بهذه المسائل».
وتظهر استطلاعات الرأي أن إردوغان هو المرشح الأوفر حظا للفوز بانتخابات الرئاسة، بعد أن أيد الأتراك بفارق ضئيل التحول إلى نظام الرئاسة التنفيذية في استفتاء أجري العام الماضي، وسيسري التغيير الجديد بعد انتخابات يونيو.
وقال إردوغان إن «المواطنين سيحملون الرئيس في النهاية مسؤولية أي مشكلات تتسبب فيها السياسة النقدية.. سيحاسبون الرئيس. وبما أنهم سيسألون الرئيس عنها، فعلينا أن نعطي صورة لرئيس مؤثر في السياسات النقدية.. قد يسبب ذلك انزعاجا للبعض. لكن علينا فعل ذلك. لأن من يحكمون الدولة هم المسؤولون أمام المواطنين».
وجدد إردوغان في المقابلة وجهة نظره بأن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم. وقال إن «سعر الفائدة سبب والتضخم نتيجة. كلما انخفضت أسعار الفائدة انخفض التضخم».
وساعدت تصريحات إردوغان في دفع الليرة المتعثرة إلى مستوى قياسي جديد بلغ أكثر من 4.43 مقابل الدولار، لتصل خسائرها هذا العام إلى 14 في المائة.
ويرغب إردوغان، الذي وصف نفسه بـ«عدو أسعار الفائدة»، في أن يرى أسعار فائدة أقل من أجل دعم نمو الائتمان، خاصة في صناعة البناء. وفي الأسبوع الماضي، وصف إردوغان مرة أخرى أسعار الفائدة بأنها «أم كل الشرور»، متعهدا بأن تركيا «ستخرج منتصرة في حربها ضد أسعار الفائدة» بعد الانتخابات.
في الوقت ذاته، كشفت وكالة موديز الدولية للتصنيف الائتماني عن نظرة سلبية للبنوك التركية، قائلة إن بيئة تشغيل البنوك التركية ستظل تشكل تحديا بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي والسياسة النقدية غير الفعالة وانخفاض قيمة العملة وارتفاع معدلات البطالة.
وذكرت الوكالة في تقرير تناقلته وسائل إعلام تركية أمس الأربعاء أن هذه العوامل ستلغي الطلب على القروض وتضغط على قدرة المقترضين على سداد الديون، وأن توقعاتها تشير إلى تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي لتركيا إلى 4 في المائة في 2018 و3.5 في المائة في 2019، مقابل 7 في المائة العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن الصورة العامة تشير إلى أن خطر حدوث صدمة خارجية لتركيا - في الوقت الذي لا يزال فيه منخفضاً للغاية - قد ازداد، وهو ما جعل نظامها المصرفي أكثر عرضة لخسارة ثقة المستثمرين.
وأضاف التقرير أنه من المرجح أن تتدهور نوعية أصول البنوك بسبب بيئة التشغيل الصعبة، والصعوبات المالية بين بعض المقترضين الكبار وضعف قطاع البناء. ومن المرجح أن ترتفع القروض لتشكل نحو 4 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي خلال العام الجاري مقابل 3 في المائة في عام 2017، ومع ذلك، ينبغي أن تظل مستويات رأس المال كافية، حتى لو استمرت الليرة التركية في الانخفاض، ونمو القروض أعلى من توليد رأس المال الداخلي.
وكانت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني أعلنت مطلع مايو (أيار) الماضي خفض تصنيف الديون السيادية لتركيا، مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأوضحت أن ثمة اختلالات اقتصادية تعاني منها مالية البلاد، بما في ذلك ازدياد التضخم، مشيرة إلى أن هذه العوامل السلبية تتراكم، في حين أن حصة الديون تتزايد.
وقالت الوكالة الدولية إنها خفضت درجة الديون السيادية التركية طويلة الأجل من «بي بي» إلى «بي بي سالب»، والديون قصيرة الأجل من «بي بي موجب» إلى «بي بي سالب» مع نظرة مستقبلية مستقرة. ولفتت «ستاندرد آند بورز» إلى أن انخفاض قيمة الليرة التركية يمثل «خطراً على الاستقرار المالي للبلاد».
إلى ذلك، خفضت تركيا حيازتها من أذون وسندات الخزانة الأميركية على أساس شهري، بنسبة 10.3 في المائة إلى 40.9 مليار دولار في مارس (آذار) الماضي بحسب ما أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة، أمس الأربعاء، والتي أشارت إلى أن حيازة تركيا من الأذون والسندات الأميركية، كانت في حدود 45.6 مليار دولار في فبراير (شباط) السابق عليه. وتحتل بذلك تركيا المرتبة الـ26 ضمن قائمة الدول الثلاثين الأولى الأكثر حيازة للسندات والأذون الأميركية.
بينما انخفضت الاستثمارات بنسبة 30.6 في المائة على أساس سنوي، مقابل 59 مليار دولار في مارس 2017.
وما تعلنه الخزانة الأميركية في بياناتها الشهرية هو الاستثمارات في أذون وسندات الخزانة الأميركية فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».