مصري يؤوي المشردين يفوز بجائزة «صناع الأمل العربي» في دبي

الشيخ محمد بن راشد يكرم المتنافسين الخمسة بـ1.3 مليون دولار

الشيخ محمد بن راشد مع الفائزين الخمسة بجائزة «صناع الأمل» («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد مع الفائزين الخمسة بجائزة «صناع الأمل» («الشرق الأوسط»)
TT

مصري يؤوي المشردين يفوز بجائزة «صناع الأمل العربي» في دبي

الشيخ محمد بن راشد مع الفائزين الخمسة بجائزة «صناع الأمل» («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد مع الفائزين الخمسة بجائزة «صناع الأمل» («الشرق الأوسط»)

تُوّج متطوع مصري أسّس مبادرة معنية بإيواء المشردين في الشوارع من كبار السن بجائزة الدورة الثانية من مبادرة صناع الأمل التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وذلك خلال حفل أُقيم في مدينة دبي الإماراتية، مساء أول من أمس.
وتم اختيار محمود وحيد صاحب مبادرة «معاً لإنقاذ الإنسان» كصانع الأمل الأول عربياً في عام 2018، من بين المرشحين الخمسة الذين بلغوا التصفية النهائية، من خلال تصويت كلٍّ من الجمهور وأعضاء لجنة التحكيم، حيث عمل على توفير الرعاية الصحية والنفسية للمشردين وتأهيلهم لاستعادة حياتهم الطبيعية والسعي للمّ شملهم مع أسرهم، بمساعدة عدد من المتطوعين الذين يعملون معه، حيث انتزع اللقب من بين أكثر من 87 ألف صانع أمل شاركوا في الدورة الثانية من مبادرة «صناع الأمل».
وكُرّم صناع الأمل الخمسة المتأهلون لنهائيات المبادرة بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم (272 ألف دولار) لكل منهم، لتبلغ قيمة الجائزة 5 ملايين درهم (1.3 مليون دولار).
وأعلن الشيخ محمد بن راشد عن تأسيس أكاديمية صناع الأمل بخمسين مليون درهم (13.6 مليون دولار)، بهدف دعم صناعة الأمل في الوطن العربي، وتوفير حاضنات إنسانية لمشاريعهم، ونقل الخبرات العلمية العالمية في المجال الإنساني لمشاريعهم، وتوفير دورات تدريبية تنفيذية وقيادية لهم بالتعاون مع أفضل الخبرات والمعاهد العالمية المتخصصة.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «نستثمر في صناعة الأمل لأنّها الصناعة الأكثر مردوداً لمستقبل عالمنا العربي»، مؤكداً أنّ «أكاديمية صناع الأمل ستكون حاضنة إنسانية ملهمة، وستعمل على تحويل تجارب صناع الأمل الشخصية لتكون مشاريع إنسانية عربية مستدامة».
وأضاف: «سنعمل على ترسيخ ثقافة الأمل، ومأسسة فعل الأمل، وإدخال معايير العمل العالمية في مؤسساتنا الإنسانية التي تخلق أملاً للشعوب»، لافتاً إلى أن «أكاديمية صناع الأمل ستخرّج قيادات في العمل الإنساني... وستطور مشاريع العطاء والخير والإلهام».
وأكد على هامش الحفل الذي أقيم في مدينة دبي، أول من أمس: «صناعة الأمل أسلوب حياة، وكل مواطن عربي غيور على أمته هو طرف مشارك وفاعل فيها»، مشيراً إلى أن «الأمل هو الصناعة الوحيدة في العالم التي لا يمكن أن يخسر فيها أحد».
وقال حاكم دبي: «فخور بـ87 ألف مشارك من أصحاب العطاء، ومتفائل بجيل عربي يحمل طاقات إيجابية عظيمة»، موضحاً: «لدينا نجوم في سماء العطاء في عالمنا العربي، ودورنا أن نبرزها للأجيال الجديدة»، ولفت: «نحن بحاجة إلى إلهام ملايين الشباب العربي ليكونوا طاقات إيجابية في خدمة مجتمعاتهم».
واستعرض صناع الأمل الخمسة الذين بلغوا النهائيات قصصهم ومبادراتهم في الحفل وسط حضور، وإلى جانب محمود وحيد الفائز باللقب، تشمل قائمة المرشحين الخمسة كلاً من: فارس علي من السودان، صاحب مبادرة «الغذاء مقابل التعليم» التي يسعى من خلالها إلى محاربة الجوع وسط تلاميذ المدارس في المناطق الفقيرة من خلال توزيع الساندويتشات عليهم، ونوال مصطفى من مصر التي كرّست نفسها لقضية السجينات وأطفالهن حيث تبنت العديد من المشاريع والبرامج لإعادة تأهيل السجينات ومساعدتهن وتدريبهن على حرف ومهن يدوية لإعالة أنفسهن وأسرهن. كمّا أسّست نوال جمعية «رعاية أطفال السجينات» لتسليط الضوء على الأطفال الذين يعيشون داخل أسوار السجن مع أمهاتهم النزيلات ومتابعة أوضاعهم وتلبية احتياجاتهم. ومنال المسلم من الكويت، التي فقدت ابنتها دانة في حادث غرق، وكرّست حياتها لرفع المعاناة عن الآخرين، فأسست «فريق دانة التطوعي» لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين عبر تنظيم حملات إغاثية لتوزيع المساعدات عليهم وتوفير مختلف الاحتياجات والمستلزمات لهم. إضافة إلى مشاركة سهام جرجيس من العراق التي تتبنى العديد من المبادرات الإنسانية والإغاثية للتخفيف من معاناة شعبها، حيث تزور النازحين واللاجئين والعراقيين في العديد من المخيمات داخل العراق لتوزيع المساعدات عليهم.
وقال محمود وحيد، صاحب مبادرة «معاً لإنقاذ الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: إنّ «أكثر تحدٍّ واجهني هو عدم وجود طرق واضحة لمساعدة المشردين، وهو كمثل المشي في شارع لم يكن مرصوفاً». وأضاف: «لم يكن هناك شيء ممهّد ولم نكن نعرف أين سنذهب، كان التخبط عنواننا»، وتابع: «أجمل شيء والشعور الذي يشعرني بالسعادة، وأنني عملت شيئاً كبيراً جداً، هو دعاء الناس بعد راحتهم. وقد أثّرت فيَّ حالة ظلّت مرافقة لي لفترة، وهي دعاء أحدهم لي بالخير وهو يُحتضر».
ولفت محمود إلى أنّ المبادرة تضم موظفين من أساتذة متخصصين واختصاصيين نفسيين واجتماعيين، وقال: «لدينا هيكل وظيفي قوي لرعاية المشردين، 24 ساعة داخل الدار، وبالنسبة إليّ أنا متطوّع، أمّا بالنسبة إلى الموظفين داخل الدار فهناك هيكل وظيفي ولديهم راتب، لأنني لا أستطيع الاعتماد على المتطوعين في رعاية المشردين، كونهم بحاجة إلى رعاية خاصة. فهناك حالات لا تستطيع رعاية نفسها، ولا تستطيع أن تأكل، ولا بد أن يكون أحد معهم لمساعدتهم، لذا يصعب الاعتماد على المتطوع، كونه يأتي خلال فترة فراغه».
وتمنّى أن يتوسع في المبادرة من خلال مبنى أكبر، وأن تكون للدار فروع في جميع محافظات مصر لتستوعب جميع المشردين فيها. وعن توقعه الفوز بالجائزة قال محمود: «كنت أتوقّعه قبل معرفة طبيعة المشاركات الأخرى، وبعد المشاركة ومشاهدة أعمال الخير التي تقدمت للمنافسة عرفت أنّها صعبة جداً». وزاد: «لكن كان لديّ شعور بالفخر لوجود منافسة في عمل الخير، حيث توجد نماذج جميلة في الوطن العربي من خلال ما شاهدته، وخلال آخر 15 مشاركة كانت المنافسة شرسة جداً، وحتى في المستوى الأخير من المنافسة ومع المرشحين الخمسة وجدت منافسة كبيرة».
وعبّر عن شكره لحاكم دبي، قائلاً: «لا توجد أي كلمات شكر للشيخ محمد بن راشد توفيه حقه، وما عمل وقدمه لنا كان إحساساً برجوع الوطن العربي مرة أخرى».
وخلال الحفل قدم الفنان الإماراتي حسين الجسمي أغنية خاصة لصناع الأمل، كما أنشد الفنان محمد عساف أغنية «موطني». وشارك عساف أيضاً الفنانين حاتم العراقي وأحمد جمال وفؤاد عبد الواحد في وصلات غنائية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».