مطالبة بـ«هدنة رمضانية» شمال سوريا ووسطها

TT

مطالبة بـ«هدنة رمضانية» شمال سوريا ووسطها

قالت مصادر مطلعة على مجريات مباحثات الجولة التاسعة من مباحثات آستانة إن «تفاهماً» روسيا - تركيا حول إطلاق النار، سيشمل محافظة إدلب وخطوط تماس فصائل المعارضة مع النظام في حلب وحماة واللاذقية، سيجري طرحه طوال أيام رمضان وعيد الفطر ويعلن عنه قبل حلول الشهر الفضيل.
وأشارت المصادر إلى وجود «تحفظات» إيرانية «عميقة» حول ما سمي «هدنة رمضان والعيد» حيث أطلع المسؤولون الروس نظراءهم الإيرانيين حول مضمونها وفحواها خلال الأسبوعين الأخيرين من دون حل نقاط الخلاف التي ستستمر المناقشات بشأنها بين مسؤولي البلدين على هامش «آستانة 9» التي لن تتطرق مباحثاتها بشكل علني إلى الهدنة على أمل إحراز «خرق» في ملف السجناء والمفقودين لدى النظام السوري الذي ماطل في الاستجابة لاستحقاقاته خلال الجولتين الفائتتين من المباحثات.
ومن أهم نقاط الخلاف بين موسكو وطهران، بحسب المصادر، سعي تركيا لإنشاء آخر نقطتي مراقبة في ريف إدلب الغربي المتاخم لريف اللاذقية الشمالي، استكمالاً لتنفيذ اتفاق «تخفيف التصعيد»، المتوقع الأسبوع المقبل في بلدتي بداما والناجية اللتين دخل إليهما أخيراً رتل عسكري تركي لاستطلاع تضاريس الجبال المطلة عليهما مثل «العكاوي» ووصل إلى بلدة السرمانية في سهل الغاب، وهو ما أثار اعتراض النظام ومن خلفه إيران.
ويعترض النظام على نشر نقاط مراقبة تركية تشرف على سهل الغاب، الذي يعتبر خزاناً بشرياً وحاضنة مهمة له ويتوسط محافظات إدلب واللاذقية وحماة، وعلى جسر الشغور والأماكن المطلة على السهل والتي يعتزم النظام استعادتها بعملية عسكرية تنطلق من نقاط تمركزه في «الغاب» وريف اللاذقية الشمالي لأهميتها الاستراتيجية، وفق ما ذكرت مواقع إعلامية موالية للنظام.
ويتخوف النظام من وضع مناطق حساسة تحت مظلة «خفض التصعيد» من خلال نشر «نقاط مراقبة» تركية جديدة في مواقع متقدمة من جبلي الأكراد والتركمان على تخوم ريف اللاذقية الشمالي سبق وأن وصل إليهما وفد عسكري تركي مثل قرية معربابا ومحيط بلدة كبينة الاستراتيجيتين.
ولفتت المصادر إلى أن مصلحة تركية تكمن في إقرار الهدنة وتمديدها بعد انتهاء عيد الفطر وضمان أمن إدلب لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة في 26 الشهر المقبل والرئاسية في الصيف المقبل لمنع وقوع أي «خضة» سياسية وعسكرية بسببها.
وأعربت عن اعتقادها بأن بإمكان موسكو الضغط على طهران للقبول بالهدنة لتأسيس نقطتي غرب إدلب وترسيم «خطوط الفصل» المتفق عليها من قبل بين مواقع سيطرة النظام والمعارضة كما في ريفي إدلب الجنوبي والجنوب الشرقي وحماة الشمالي، أما موافقة النظام على ما تقرره موسكو فهو «تحصيل حاصل»، على حد
قول المصادر.
وأوضحت أن ما جرى التوصل إليه على الأرض السورية بتكريس مناطق «خفض التصعيد» كأمر واقع، بموجب مخرجات «آستانة» و«سياسة الصفقات» بين أنقرة وموسكو وعن طريق «نقاط المراقبة» التركية ثم الروسية، عززت ثقة الأخيرة بالأولى لاستكمال خطوات الحل الذي يكمل مسار «جنيف» ولا ينفك عنه.
ونجحت «نقاط المراقبة» التركية المتمركزة في العيس وتل طوقان وصوامع الصرمان ومورك في رسم حدود تفصل ريفي إدلب الشرقي والجنوبي عن مناطق هيمنة النظام وتحول دون تقدمه إلى المحافظة الشمالية التي تمكنت «آستانة 6» من خفض توترها كمنطقة رابعة ضمن المناطق المتفق عليها بين ضامني اتفاقات العاصمة الكازاخية روسيا وتركيا وإيران.
وتعتمد موسكو وأنقرة، وبتوافق أو بمعزل عن طهران، بحسب المصادر، على «سياسة الصفقات» في رسم خريطة مناطق سيطرة النظام والمعارضة ومناطق نفوذ الدول الفاعلة في الملف السوري حيث تخلت المعارضة عن حلب مقابل تمدد النفوذ التركي بمؤازرتها إلى جرابلس والراعي والمنطقة الحدودية الفاصلة بينهما وصولاً
إلى مدينة الباب على بعد 37 كيلومترا شمال شرقي حلب ثم سيطرت تركيا وحلفاؤها في «درع الفرات» و«الجيش الحر» على عفرين بضوء أخضر روسي مقابل هيمنة النظام على الغوطة الشرقية ثم ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي بينما لا يزال مصير مدينتي تل رفعت ومنبج معلقاً في انتظار المباحثات التركية مع إدارة الرئيس ترمب.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.