سجلت الليرة التركية تراجعاً جديداً أمس أمام الدولار، لتغذي مرة أخرى مخاوف المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على كبح معدل التضخم الذي يقع في خانة العشرات، بالتزامن مع بيانات أظهرت عجزاً في ميزان المعاملات الحالية في مارس (آذار) الماضي أكبر من المتوقع.
وتراجعت الليرة إلى مستوى قياسي جديد في بداية تعاملات الأسبوع في الجلسة الصباحية أمس (الاثنين)، مسجلة 4.3502 ليرة للدولار، قبل أن تعاود الارتفاع نسبياً في منتصف تعاملات الأمس إلى 4.3172 ليرة مقابل الدولار.
وخسرت الليرة التركية نسبة 13 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الحالي، تحت ضغط شكوك المستثمرين بشأن ما إذا كان البنك المركزي سيلبي توقعات السوق لسياسة نقدية «أكثر تشدداً»، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة في 24 يونيو (حزيران) المقبل.
وتدخل البنك المركزي التركي، أول من أمس، في محاولة لتعويض بعض الخسائر المستمرة لليرة مقابل العملات الأجنبية، وفي خطوة لتحسين سيولة النقد الأجنبي في الأسواق التركية، وسط تقلبات في سعر صرف العملة المحلية، قام البنك بتخفيض الحد الأعلى للتسهيلات المتعلقة بتجارة العملات الأجنبية (الفوركس).
وقال البنك في بيان إن هذه الخطوة ستؤدي إلى ضخ سيولة نقدية تقدر بنحو 2.2 مليار دولار في البنوك التركية، وإنه تم تخفيض الحد الأعلى للتسهيلات المتعلقة بصيانة تجارة «الفوركس» من ضمن خيارات آلية التحوط إلى 45 في المائة، من 55 في المائة، كما تم تخفيض جميع شرائح التسهيلات المتعلقة بهذه التجارة بنسبة 5 في المائة.ويشكل العجز في ميزان المعاملات الحالية مصدر قلق رئيسياً للمستثمرين، لكن السوق لم تبدِ رد فعل يذكر على اتساعه إلى 4.812 مليار دولار في مارس، من 4.5 مليار في فبراير (شباط) السابق عليه، بحسب ما أظهرت بيانات رسمية أمس.
وتشكل الزيادات في الأسعار المشكلة الأكثر إلحاحاً في تركيا، وتمثل مصدر قلق متزايداً للرئيس رجب طيب إردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، بينما يستعدان للانتخابات. وتعهد إردوغان بخفض التضخم وأسعار الفائدة والعجز في الحساب الجاري حال فوزه بالرئاسة مجدداً في الانتخابات المبكرة.
ويعتقد خبراء أن مصدر التهديد الأخطر بالنسبة لليرة هو التفاقم السريع للعجز التجاري التركي. وتشير البيانات الرسمية إلى أن العجز التجاري قفز في أول شهرين من العام الحالي بنسبة 84 في المائة، ليصل إلى 15 مليار دولار.
ويتوقع المحللون أن تتباطأ وتيرة النمو، الذي سجل 7.4 في المائة العام الماضي، بدءاً من منتصف الربع الثاني من العام مع استمرار معدل التضخم المرتفع، الذي سجل 11 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي، فيما لا تظهر أي مؤشرات على حدوث انكماش في مستويات العجز الخارجي، نظراً لأن الحكومة تدفع في اتجاه تحفيز النمو القائم على الطلب المحلي مهما كانت التداعيات الجانبية.
ويشير الخبراء أيضاً إلى عبء رصيد الدين الخارجي الضخم لتركيا، الذي وصل حالياً إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يضاف إلى ذلك الوضع قصير الأمد للاحتياطيات بالعملة الأجنبية في قطاع الشركات، الذي يمثل الآن نحو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك متطلبات الاقتراض الخارجي المتداول على مدى 12 شهراً، الذي وصل سقفه إلى 230 مليار دولار.
في سياق آخر، ارتفع إنتاج تركيا من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي 2017، بنسبة 4.4 في المائة مقارنة مع الكمية المنتجة عام 2016، وبلغ مليوناً و15 ألف طن.وبحسب بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، فإنّ تركيا استوردت الغاز الطبيعي المسال من 14 بلداً، وتصدّرت الجزائر والنرويج والولايات المتحدة الأميركية تلك الدول، وذلك إلى جانب الكمية المنتجة محلياً.
وأشارت البيانات إلى أن صادرات تركيا من الغاز المسال، بعد معالجته، ارتفعت العام الماضي بنسبة 25.1 في المائة، أي 266 ألفاً و368 طناً، مقارنة بعام 2016.
وأوضحت البيانات أن تركيا صدّرت الغاز المسال إلى 15 بلداً، وجاءت مصر وسويسرا وبلغاريا في صدارة تلك الدول. وبلغ إنتاج تركيا من الغاز الطبيعي المسال عام 2016 نحو 972 ألف طن.
في سياق متصل، قال أوغوز جان، المدير العام لإدارة الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية، إن تركيا عملت في السنوات الأخيرة بقوة على توسيع حصة موارد الطاقة المتجددة في توليد الطاقة من خلال استثمارات جديدة، ونتيجة لذلك، شكلت حصة مصادر الطاقة المتجددة ما يقرب من نصف قدرة توليد الطاقة في البلاد.
وخلال العام الماضي، حصلت تركيا على 65 في المائة من الطاقة الإضافية التي تبلغ قدرتها 100 ميغاواط في مجال توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، وبلغ إجمالي الاستثمارات في هذا المجال 5.6 مليون دولار في عام 2017.
وأشار جان إلى التركيز الكبير على سياسة تعزيز الطاقة المحلية والمتجددة المدرجة في الخطة الوطنية لقطاع الطاقة والتعدين، قائلاً إن تركيا زادت من قدرة إنتاج الطاقة لتصل إلى 4.334 ميغاواط من مصادر الموارد المتجددة، وإن 45.2 في المائة من الطاقة المركبة التي بلغت 84.000 ميغاواط في العام الماضي تم الحصول عليها من الموارد المتجددة.
8:18 دقيقة
تركيا: تدهور الليرة المتنامي والعجز الجاري يعززان مخاوف المستثمرين
https://aawsat.com/home/article/1268516/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AF%D9%87%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AC%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%B2%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%86
تركيا: تدهور الليرة المتنامي والعجز الجاري يعززان مخاوف المستثمرين
إجراءات البنك المركزي لم تفلح في كبح التضخم
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
تركيا: تدهور الليرة المتنامي والعجز الجاري يعززان مخاوف المستثمرين
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة