الأسواق الشعبية في جدة تصمد أمام «المولات» في رمضان

رغم الإقبال الواسع على المجمعات العصرية

أحد ممرات سوق الكندرة وسط مدينة جدة («الشرق الأوسط»)
أحد ممرات سوق الكندرة وسط مدينة جدة («الشرق الأوسط»)
TT
20

الأسواق الشعبية في جدة تصمد أمام «المولات» في رمضان

أحد ممرات سوق الكندرة وسط مدينة جدة («الشرق الأوسط»)
أحد ممرات سوق الكندرة وسط مدينة جدة («الشرق الأوسط»)

تشهد مختلف أسواق محافظة جدة حركة متواصلة واستعدادا لافتا لاستقبال شهر رمضان المبارك، حيث يكثر مرتادوها لتأمين متطلبات واحتياجات الشهر الكريم من مواد غذائية وأدوات منزلية في عادات اجتماعية تتكرر كل عام، لما لذلك من فرحة وابتهاج تكسو مشاعر الأسر والعوائل بمنطقة مكة المكرمة بشكل عام، وجدة على وجه الخصوص، لتميزها بوجود المنطقة التاريخية التي تحتفظ بين جنباتها بمظاهر الحركة في أسواقها القديمة، كونها وجهة حضارية وجزءا مهما من الهوية الثقافية والحضارية لمدينة جدة وللمملكة بأسرها، لما تحويه من تراث ثقافي ومعماري مميز، مما جعلها تصمد أمام المراكز التجارية الحديثة «المولات».
وأبرز ما يميز شوارع المنطقة التاريخية الضيقة في شهر رمضان المبارك تزيينها بالمصابيح واللوحات الترحيبية التي تعطي لهذه الشوارع بعدا آخر ينبض بالحياة في ليالي شهر رمضان المبارك، التي تعطي للمرتادين الرغبة الشديدة في زيارتها من مختلف الجنسيات سواء المقيمون والسائحون والحجاج والمعتمرون من خارج المملكة، الذين يستهويهم التجول بالمنطقة التاريخية سيرا على الأقدام، في أجواء تحتفظ بطابعها الشعبي الحجازي لزيارة أسواقها القديمة المشهورة المتميزة بنوعية بضائعها وأسعارها.
وتضم هذه الأسواق الشعبية القديمة التي تحاكي التراث بشكل كبير سوق البدو وقابل والعلوي والندى والخاسكية وباب مكة وباب شريف، التي تعد رمزا لجدة القديمة وحافظة لهويتها ومثبتة لجذورها وبرهانا على أصالتها، والتي شهدت تطورا حتى في السلع التي تبيعها، فتلتقي فيها السلع القديمة بالحديثة، وهي محطة لا بد أن تجذب زوار المحافظة للوقوف عليها، والتسوق منها، وأهم بضائعها الأقمشة والأحذية والذهب وجميع مستلزمات المناسبات من حلوى وساعات وأجهزة كهربائية، وهي هدف ومقصد لزوار المحافظة قديما وحديثا.
ويختص سوق باب مكة (بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية) أمس، بالكامل بالمواد الغذائية والتموينية، بدءا من التمور إلى الحبوب المطحونة وغير المطحونة والعسل بأنواعه إلى الأواني المنزلية، وعلى جانبي أحد الطرق في سوق باب مكة، تجد بعض الباعة ينشرون بضائعهم على الأرض التي تتركز على الخضراوات والفاكهة بالإضافة إلى بعض المستلزمات المنزلية.
وينتشر على امتداد الشارع الضيق للسوق عدد كبير من محلات اللحوم ونوعيات معينة من البقالات، التي تتركز معظم بضائعها حول الأجبان والزيتون، تشعر الزائر للمنطقة التاريخية بعبق الماضي ونوعية التسوق فيها، ولها روادها ومرتادوها.
كما يقع سوق البدو بالقرب من بوابة مكة التي كانت من مكة المكرمة وإليها، وكانت في الماضي قوافل المزارعين والإنتاج الزراعي من الحبوب والتمور وغيرها، وحتى صهاريج المياه تفد منها وإليها عن طريق بوابتها.
ويلاحظ الداخل من باب مكة حاليا وجود شارعين طويلين متفرعين؛ أحدهما على ناحية اليمين يؤدي إلى سوق البدو، والآخر على ناحية الشمال، ويؤدي إلى سوق العلوي، ولكن المهم في سوق البدو هو أن الشارع الضيق الذي يقع عليه يقود إلى أقدم معلم من معالم جدة، هو المسجد الجامع العتيق، كما أنه سوق معروفة بكثير من الأنشطة، ويمتاز بوجود أعرق الأسر الجداوية.
ويرجع تاريخ سوق البدو، كما تشير كتب التاريخ، إلى 140 عاما، وكانت في الأساس مخصصة لكل مستلزمات القهوة العربية الأصيلة، وكل من يقترب من هذه السوق يشم عن بعد روائح الهيل والقرفة والزنجبيل والزعفران، ثم تتوالى أقسام السوق المختلفة التي تضم الأقمشة والبهارات والحبوب، وكل ما كان يجذب سكان البادية، وتميز سوق البدو فيما مضى عن بقية الأسواق الشعبية ببضاعته التي تحمل طابع حياة البادية ومع بعض التغيرات التي طرأت على السوق ما زالت البضائع نفسها تباع، ولكن لم تعد بضائع البادية موجودة كما في السابق.
وخضع سوق البدو طبقا لخطط الهيئة العامة للسياحة والآثار لبرنامج إعادة إحيائها ببعض ملامحها التاريخية القديمة، ومنها إعادة بيع الثياب البدوية النسائية عن طريق مشاغل نسائية محلية، وتشجيع من بقي من أصحاب محال تلميع الذهب والفضة على الاستمرار في هذه السوق، وهم يشهدون إقبالا من الأجانب على شراء التحف الفضية القديمة الخاصة بأعراس بعض مناطق المملكة ومحافظاتها.
ويعرف سوق الخاسكية بسوق «السبحية»، حيث تكثر فيه محال بيع السبح، ويقع جنوب غربي شارع قابل، ووجد فيه محال الفوالة والمطاعم والمطابخ والمطبقانية، وتعد السوق من أهم محطات المقيمين ممن يعملون في جدة، وكذلك الزوار والحجاج والمعتمرون لشراء التذكارات، مثل المسابح والأواني الفخارية والأقمشة وغيرها من الأشياء التي تحفل بها محال السوق المحتفظة بطابعها الشعبي، دون تحديث لها.
وتعد سوق العلوي بجدة الفاصل بين حارة المظلوم شمالا وحارة اليمن جنوبا بين شارع قابل وشارع سوق البدو، وتتميز سوق العلوي بعرض كثير من السلع والبضائع كالملابس والبهارات والمستلزمات المنزلية وغيرها، أي أنها تشارك سوق البدو في كثير من بضائعها.
وظهرت بالإضافة إلى هذه الأسواق الرئيسة في جدة القديمة بعض الأسواق والخانات المعروفة، أهمها سوق السمك «البنقلة» وسوق الجزارين بالنوارية وتقع في نهاية شارع قابل، والسوق الكبيرة وتباع فيه الأقمشة وسوق الحبابة وتقع في باب مكة، وسوق الجامع نسبة إلى جامع الشافعي، وسوق الحراج «المزاد العلني» في باب شريف، وسوق العصر وتقع في باب شريف، ويقام عصر كل يوم، وسوق البرادعية وكان تصنع فيها برادع الحمير والبغال وسروج الخيل عند عمارة الشربتلي، وسوق باب شريف، ويباع فيها الأقمشة، بالإضافة إلى الخانات في جدة القديمة والخان هو ما يسمى بالقيسارية، أي الأسواق التي تتكون من مجموعة محال تفتح وتغلق على بعضها، أهمها خان الهنود وخان القصبة.
الجدير بالذكر، أنه كانت للأسواق الشعبية بضاعتها الخاصة الفاخرة أيضا فكما أن المراكز التجارية الكبرى في الوقت الحالي تسوق للماركات العالمية الشهيرة والسلع المستوردة غالية الثمن، فكانت الأسواق الشعبية في جدة القديمة تجلب الأقمشة الفاخرة والحرائر المطرزة من الهند وباكستان ومصر والمغرب وغيرها.



«الخارجية» الأميركية: مفاوضات الرياض جعلتنا أقرب إلى السلام

محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
TT
20

«الخارجية» الأميركية: مفاوضات الرياض جعلتنا أقرب إلى السلام

محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)

قال مسؤول أميركي إن العالم أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل لوقف إطلاق نار بين روسيا وأوكرانيا بعد مفاوضات الرياض، معبّراً عن تقديره للدور السعودي في دفع الجهود الدبلوماسية المستمرة.

وقال مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تعرب عن تقديرها للمملكة العربية السعودية على استضافتها لهذه المحادثات الهامة، وتؤكد التزامها بالعمل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق سلام دائم في أوكرانيا.

محادثات بين الوفدين الأميركي والأوكراني في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)
محادثات بين الوفدين الأميركي والأوكراني في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)

وتابع ميتشل أن الولايات المتحدة «شاركت بشكل فاعل في الجهود الدبلوماسية في الرياض، حيث أجرت فرقنا التفاوضية محادثات منفصلة مع كل من الممثلين الأوكرانيين والروس، بهدف التوصل إلى حلول عملية لخفض التصعيد وتحقيق وقف شامل لإطلاق النار».

تقدّم ملموس

أكّد ميتشل إحراز «تقدّم ملموس، حيث وافق الطرفان من حيث المبدأ على اتخاذ خطوات نحو الحد من الأعمال العدائية، لا سيما فيما يتعلق بحماية البنية التحتية للطاقة وأمن الملاحة في البحر الأسود»، مشدداً على التزام الولايات المتحدة بـ«تعزيز هذه المناقشات، وتوسيع نطاق الاتفاقيات لضمان حرية الملاحة وحماية المنشآت المدنية من الاستهداف».

ولفت ميتشل إلى أن الرئيس دونالد ترمب أوضح أن وقف القتال من كلا الجانبين هو «خطوة ضرورية نحو تحقيق حل طويل الأمد». وفيما أقرّ بأن «هناك المزيد من العمل المطلوب»، إلا أنه اعتبر «أننا أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بفضل الجهود الدبلوماسية المستمرة». وأشار المسؤول إلى أن ترمب ووزير الخارجية ماركو روبيو شددا على أن التسوية التفاوضية هي المسار الوحيد القابل للتنفيذ، ويتطلب ذلك التزام جميع الأطراف بتقديم تنازلات صعبة.

وقال ميتشل: «شملت المناقشات مع الجانب الأوكراني، قضايا إنسانية مهمة، مثل تبادل أسرى الحرب، وجهود إعادة الأطفال الأوكرانيين المختطفين. كما تواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائها الدوليين لضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل، بما في ذلك حماية بنيتها التحتية للطاقة واستقرار اقتصادها».

مايكل ميتشل المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية (الخارجية الأميركية)
مايكل ميتشل المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية (الخارجية الأميركية)

وأضاف ميتشل: «في الوقت نفسه تظل العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا سارية المفعول، لكننا نبحث في آليات قد تشجع على خفض التصعيد، بشرط اتخاذ موسكو خطوات ملموسة نحو تحقيق سلام دائم. يظل هدفنا واضحاً: دعم سيادة أوكرانيا، والحفاظ على استقرار المنطقة، ومنع المزيد من إراقة الدماء».

نوافذ أمل

ولأكثر من ثلاثة أعوام، بدت الحرب الروسية - الأوكرانية، وكأنها في تصاعد مستمر تنذر باتّساع الحرب لتشمل أطرافاً خارجية. غير أن مفاوضات الرياض الأميركية - الروسية - الأوكرانية الأخيرة فتحت نافذة أمل نحو حلّ يُسكت أزيز الرصاص، ويوقف إراقة الدماء.

في هذا الصدد، قال الدكتور سعيد سلّام، مدير مركز «فيجن» للدراسات الاستراتيجية، إن «السعودية بذلت جهوداً لدفع الأطراف الأميركية والروسية والأوكرانية، على مدار ثلاثة أيام، لإيجاد مخرج للحرب الروسية - الأوكرانية». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «رغم بعض المؤشرات التي توحي بالتفاؤل، فإن التحليل الدقيق للوقائع يكشف عن صورة أكثر تعقيداً، حيث تلوح في الأفق بوادر تنازلات أميركية ربما تخدم المصالح الروسية على حساب المصالح الأوكرانية». واستدرك سلام: «ومع ذلك، أعتقد أن مفاوضات الرياض، تعدّ خطوة نحو الأمام، لإيجاد حل دبلوماسي للحرب. وتم التركيز في هذه الجولة على قضايا حساسة، مثل الضربات على البنية التحتية للطاقة، والأمن في البحر الأسود، بجانب إشراك الأمم المتحدة في العملية التفاوضية، وتبادل الأسرى واستعادة الأطفال الأوكرانيين المخطوفين في روسيا».