النتائج الأولية للانتخابات العراقية تمهّد لولاية ثانية للعبادي

علاوي طالب بإلغائها... وقائمتا الصدر والعامري تتنافسان على المرتبة الثانية

موظفو مفوضية الانتخابات يعدون الأصوات يدوياً لمقارنتها بالعد الألكتروني في النجف أمس (أ.ف.ب)
موظفو مفوضية الانتخابات يعدون الأصوات يدوياً لمقارنتها بالعد الألكتروني في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

النتائج الأولية للانتخابات العراقية تمهّد لولاية ثانية للعبادي

موظفو مفوضية الانتخابات يعدون الأصوات يدوياً لمقارنتها بالعد الألكتروني في النجف أمس (أ.ف.ب)
موظفو مفوضية الانتخابات يعدون الأصوات يدوياً لمقارنتها بالعد الألكتروني في النجف أمس (أ.ف.ب)

في انتظار إعلان رسمي اليوم للنتائج النهائية للانتخابات العراقية التي جرت، أول من أمس، أشارت معطيات أولية أمس إلى أن ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي حلَّ في المرتبة الأولى، فيما تضاربت التقارير حول المرتبة الثانية التي يبدو أن التنافس عليها ينحصر بين تحالف «سائرون»، الذي يتزعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحالف «الفتح» المشكل من فصائل في «الحشد الشعبي» تدعمها إيران، ويتزعمه هادي العامري.
واستناداً لنتائج غير رسمية، أوردتها وكالة «رويترز»، متطابقة إلى حد كبير مع توقعات السياسيين والخبراء، وما بات يتسرب من وكلاء الكيانات السياسية وبعض العاملين في مفوضية الانتخابات، فإن ائتلاف «النصر» يتصدر النتائج الأولية للانتخابات، تليه قائمة «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر. بدورها نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة الداخلية أن تحالف «الفتح» جاء في المرتبة الثانية، يليه تحالف «سائرون».
وكان نحو 11 مليون عراقي من أصل 24 مليوناً يحقّ لهم الانتخاب أدلوا بأصواتهم لاختيار ممثليهم في البرلمان، في أول انتخابات تشهدها البلاد بعد هزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي، وشهدت أدنى نسبة إقبال.
وذكرت المفوضية، أن نسبة الإقبال بلغت 44 في المائة، في حين كانت نسبة الإقبال لا تقل عن 60 في المائة في الانتخابات التي جرت منذ 2005.
وفيما كشف قياديان في «النصر» و«سائرون» لـ«الشرق الأوسط» عن الخيارات المتاحة أمامهما خلال المرحلة المقبلة بعد تصدرهما النتائج، فإن أول رد سلبي على نتائج الانتخابات صدر عن زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، المتحالف مع رئيس البرلمان سليم الجبوري، مطالباً بإلغاء نتائجها. وقال بيان عن «الوطنية» اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه «نظراً لعزوف الشعب العراقي الكريم عن المشاركة في الانتخابات بشكل واسع، وانتشار أعمال العنف والتزوير والتضليل وشراء الأصوات واستغلال ظروف النازحين والمهجرين، بالإضافة إلى ضبابية الإجراءات التي اتخذتها مفوضية الانتخابات في التصويت الإلكتروني بعد أن اعتاد المواطن على إجراءات مختلفة في كل الانتخابات السابقة، وما ينتج مثل هذا العزوف عن مجلس تشريعي يفرض فرضاً على المواطن بعيداً عن رغبته، فضلاً عن حكومة ضعيفة لا تحظى بالثقة المطلوبة لنجاحها، يدعو ائتلاف الوطنية بقيادة الدكتور إياد علاوي إلى إعادة الانتخابات مع إبقاء الحكومة الحالية لتصريف الأعمال، لحين توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات تعبر عن تطلعات شعبنا الكريم».
إلى ذلك، أكد جبار العبادي، القيادي في ائتلاف «النصر» والمقرب من رئيس الوزراء والفائز في الانتخابات الحالية عن محافظة البصرة، أن «العبادي وعبر البرنامج الانتخابي الذي طرحه قبيل الانتخابات وخاضها على أساسه قال إنه سيشرع في عملية بناء الدولة ومكافحة الفساد وإيقاف الهدر في المال العام»، مشيراً إلى أن «منجز العبادي في الدورة الأولى له سواء في هزيمة الإرهاب أو مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية مرت بها البلاد يمنحه رصيداً مقبولاً للاستمرار في هذا النهج».
وأضاف أن «العبادي هو اليوم أقرب من سواه للفوز بولاية ثانية لكون الكتل المتنافسة معه لا توجد بينها تقاطعات حادة وبالتالي فإن إمكانية التفاهم بينها من أجل تشكيل الحكومة تعد جيدة إلى حد كبير». وأوضح أن «الوحدة الوطنية التي حققها العبادي والتي عمل عليها بقوة تعد هي الأخرى رصيدا مضافا لكنه يحتاج إلى جهود مشتركة لتحقيق ذلك».
وأشار إلى أن «لدى العبادي في حال تم تكليفه بتشكيل الحكومة رؤية تختلف هذه المرة على صعيد كيفية اختيار التشكيلة الحكومية والتي يجب ألا تفرض عليه من قبل الشركاء السياسيين».
من جهته، تجنب الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون»، قحطان الجبوري، الحديث الآن عن فرص تشكيل الحكومة والتحالفات، مكتفياً بالحديث عما حققته الكتلة التي يدعمها الصدر من نتائج متقدمة، قائلاً إن «الذي تحقق لم يكن مفاجئاً لنا إلى حد كبير لأسباب كثيرة، من أهمها أن كتلة (سائرون) هي الكتلة التي حاربت بقوة الفساد وهي القائمة الوحيدة التي تدعو إلى التغيير والإصلاح ضمن منهج واضح بالإضافة إلى إنها تكاد تكون القائمة الوحيدة التي جاءت بأشخاص جدد».
وأضاف الجبوري أن «قائمة (سائرون) هي الوحيدة التي ضمت كل مكونات الشعب العراقي وأطيافه وهو أمر بالغ الأهمية على صعيد ما مثلته من تنوع انعكس بالضرورة على جمهورها». ولفت الجبوري إلى أن «التيار المدني الذي انضم إلى القائمة، بما فيه من تنوع بين أحزاب وقوى، أسهم إلى حد كبير في رفع رصيد جمهور القائمة».
من ناحية ثانية، وفي الوقت الذي بدأ فيه المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك زيارة إلى العراق عشية إجراء الانتخابات فإن وزير الخارجية مايك بومبيو بارك إجراءها، ودعا في بيان «أعضاء البرلمان المنتخبين إلى تشكيل حكومة شاملة تلبي طموحات جميع أطياف الشعب العراقي».
وأعرب بومبيو عن أمله في أن يتمكن العراقيون من تشكيل الحكومة القادمة بالسرعة الممكنة وفقاً للتوقيتات الدستورية، للسماح للعراق المضي قدماً باتجاه مستقبل آمن ومزهر».
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة تقف على أتم الاستعداد للتعاون مع البرلمانيين العراقيين ومواصلة بناء علاقة طويلة الأمد من التعاون والصداقة وشراكة استراتيجية تقوم على أساس اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي ستُسهِم في استقرار المنطقة وتنمية السلام والازدهار في العراق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.