إندونيسيا: عائلة انتحارية من 6 أفراد تهاجم كنائس

عشرات الضحايا وحالة تأهب قصوى... و«داعش» يتبنى

جنود قوات النخبة الإندونيسية أمام إحدى الكنائس التي تعرضت لتفجير انتحاري في مدينة سورابايا أمس (رويترز)
جنود قوات النخبة الإندونيسية أمام إحدى الكنائس التي تعرضت لتفجير انتحاري في مدينة سورابايا أمس (رويترز)
TT

إندونيسيا: عائلة انتحارية من 6 أفراد تهاجم كنائس

جنود قوات النخبة الإندونيسية أمام إحدى الكنائس التي تعرضت لتفجير انتحاري في مدينة سورابايا أمس (رويترز)
جنود قوات النخبة الإندونيسية أمام إحدى الكنائس التي تعرضت لتفجير انتحاري في مدينة سورابايا أمس (رويترز)

أعلن الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، أمس، أن طفلين انتحاريين شاركا في اعتداءات الكنائس، التي أسفرت عن مقتل 11 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات في أحد أسوأ الهجمات على الأقلية المسيحية بالبلاد. واستهدف انتحاريون يستقلون دراجات نارية، من ضمنهم امرأة معها أطفال تجمعات حاشدة في 3 كنائس بثاني أكبر مدينة في إندونيسيا.
وقال رئيس الشرطة، تيتو كارنافيان «كانوا أسرة واحدة تشمل فتيات تتراوح أعمارهن بين 9 و12 عاماً». وأضاف: إن الهجوم الأول الذي استهدف كنيسة سانتا ماريا نفذه شقيقان (18 عاماً و16 عاماً)». وكانت تلك التفجيرات هي الأكثر دموية، التي تستهدف الكنائس في إندونيسيا، أكبر دولة ذات غالبية مسلمة في العالم، منذ سلسلة الهجمات التي وقعت عشية عيد الميلاد عام 2000، وأسفرت عن مقتل 15 شخصاً وإصابة ما يقرب من 100 آخرين. صرحت وكالة المخابرات الإندونيسية بأنها تشتبه بضلوع جماعة محلية تستوحي أفكارها من تنظيم داعش، في سلسلة هجمات انتحارية استهدفت 3 كنائس في مدينة سورابايا شرقي العاصمة صباح أمس. ورجح مدير الاتصالات في الوكالة، واوان بوروانتو، في تصريح لمحطة مترو التلفزيونية، ارتباط هذه الهجمات بحادث دامٍ وقع في سجن قرب جاكرتا كان متشددون طرفاً فيه.
وقتل 11 شخصاً على الأقل وجرح العشرات أمس في سلسلة اعتداءات شاركت فيها عائلة انتحارية من ستة أفراد، تبناها تنظيم داعش واستهدفت كنائس في سورابايا (شرق جزيرة جاوة)، في إندونيسيا أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان.
وتسعى البلاد، التي فرضت حالة تأهب قصوى بعد اعتداءات نفذها متشددون إندونيسيون أعلن التنظيم مسؤوليته عن بعضها، إلى التصدي للتعصب والكراهية المتزايدة تجاه الأقليات الدينية.
وأكد قائد الشرطة الإندونيسية تيتو كارنافيان، أن العائلة المكونة من أم وأب وطفلتين بعمر 9 أعوام و12 عاماً، وولدين بعمر 16 و18 عاماً مرتبطة بشبكة «جماعة أنصار الدولة»، التي تبايع تنظيم داعش.
وكان فرنس بارونغ مانغيرا، المتحدث باسم الشرطة في شرق جاوة، أكد مقتل 11 شخصاً وجرح 41 آخرين في اعتداءات منسقة استهدفت ثلاث كنائس قرابة الساعة 7. 30 صباحا (00. 30 بتوقيت غرينتش). وتبنى تنظيم داعش الاعتداءات عبر وكالة «أعماق» معلناً الحصيلة نفسها.
وندد الرئيس جوكو ويدودو بالاعتداءات قائلا للصحافيين «علينا أن نتحد بمواجهة الإرهاب»، مضيفاً إن «الدولة لن تتهاون مع هذا العمل الجبان».
من جهتها، أدانت مصر بأشد العبارات في بيان صادر عن وزارة الخارجية «الاعتداءات الإرهابية».
وقال شهود عيان للتلفزيون، إن أحد الانتحاريين امرأة محجبة معها ولدان. وأظهرت صور أخرى سيارة تحترق وتصاعد دخان أسود كثيف، بينما أظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام، أمس، جثة ممددة أمام مدخل كنيسة «سانتا ماريا» الكاثوليكية في سورابايا ودراجات نارية على الأرض وسط الأنقاض.
وقال رومان البالغ من العمر 23 عاماً الذي شهد التفجير في كنيسة «سانتا ماريا» لوكالة الصحافة الفرنسية «كنت مذعوراً. كثر كانوا يبكون».
وفكك خبراء الشرطة قنبلتين غير منفجرتين في كنيسة «العنصرة» في وسط سورابايا التي استهدفها أحد الاعتداءات. كذلك، استهدفت الاعتداءات كنيسة «كريستن ديبونيغورو».
وتأتي الاعتداءات بعد أيام على مقتل خمسة عناصر من قوة مكافحة الشغب الإندونيسية وأحد السجناء في مواجهات داخل سجن شديد الحراسة في ضاحية العاصمة جاكرتا أخذ فيها سجناء إسلاميون أحد الحراس رهينة.
وأمس، أعلنت الشرطة مقتل أربعة مشتبه بانتمائهم إلى «جماعة أنصار الدولة» في تبادل لإطلاق النار خلال عمليات دهم مرتبطة بأعمال الشغب داخل السجن، لكن الشرطة لم تشأ التعليق بشأن وجود رابط بين المجموعة واعتداءات أمس.
ويبلغ عدد سكان إندونيسيا 240 مليون نسمة، نحو 90 في المائة منهم مسلمون، وتضم كذلك أقليات مهمة مسيحية وهندوسية وبوذية.
وفي السنوات الأخيرة استهدفت اعتداءات كنائس في مناطق مختلفة من الأرخبيل الآسيوي؛ ما أثار المخاوف إزاء تزايد التعصب الديني. ففي فبراير (شباط) تدخلت الشرطة للقبض على رجل هاجم بسيف كنيسة في جزيرة جاوا خلال قداس في مدينة سليمان؛ ما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح بالغة، أحدهم كاهن. وفي عام 2000، تم تسليم قنابل مغلفة على طريقة هدايا عيد الميلاد إلى كنائس ورجال دين؛ ما أسفر عن مقتل 19 شخصاً عشية العيد.
وخاضت إندونيسيا (مكونة من 17 ألف جزيرة)، «حربها على الإرهاب» بعد اعتداءات بالي عام 2002 التي أوقعت 202 قتيل، بينهم أعداد كبيرة من الأجانب، وشنت السلطات حملة واسعة النطاق ضد المتطرفين أضعفت أكثر الجماعات خطورة بحسب خبراء.
وحصيلة قتلى تفجيرات الأحد هي الأكبر منذ اعتداءات 2009 التي استهدفت فندقين فخمين وأوقعت تسعة قتلى. وأوقفت قوات الأمن مئات المتشددين في حملة مستمرة منذ سنوات أدت إلى القضاء على بعض الشبكات؛ ما جعل غالبية الاعتداءات الأخيرة أقل حجماً واقتصارها على استهداف قوات الأمن المحلية. لكن خبراء يقولون، إن طبيعة اعتداءات الأحد تشير إلى وجود تخطيط على مستوى أعلى.
وتقول سيدني جونز، مديرة معهد التحليل السياسي للنزاعات خبيرة شؤون الإرهاب في جنوب شرقي آسيا لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الاعتداءات الأخيرة (السابقة) كانت أقل احترافية بكثير».
والسلطات الإندونيسية في حالة تأهب منذ اعتداءات انتحارية وهجمات مسلحة شهدتها جاكرتا في يناير (كانون الثاني) 2016، أدت إلى مقتل أربعة مدنيين والمهاجمين الأربعة.
وقال المتحدث باسم الشرطة، فرانز بارونغ مانغيرا، إن الهجوم الأول استهدف كنيسة «سانتا ماريا» الكاثوليكية الرومانية، وأسفر عن مقتل 4 أشخاص، بينهم انتحاري مشتبه به أو أكثر، وأضاف: إن شرطيين اثنين كانا بين إجمالي 41 مصاباً. وأعقب ذلك تفجير ثانٍ بعد دقائق استهدف كنيسة ديبونيغورو، ثم تفجير ثالث بكنيسة بانتيكوستا، وفقاً لمانغيرا. وذكر مسؤول بارز بالشرطة، أن التفجيرات نفذها ما لا يقل عن 5 انتحاريين، بينهم امرأة محجبة كانت تصطحب طفلين.
ووصف شاهد عيان السيدة والطفلين، قائلاً: إنها كانت تحمل حقيبتين داخل كنيسة ديبونيغورو.
وأضاف الشاهد، وهو حارس مدني يدعى أنطونيوس: «قوات الشرطة اعترضتهم أمام فناء الكنيسة، لكن المرأة تجاهلتهم وواصلت طريقها إلى الداخل. وفجأة انفجرت القنبلة».
من جانبه، قال ديفيد تريو براسوجو، وهو قائد شرطة محلي، إن فرقة من خبراء المفرقعات فجّرت قنبلة غير منفجرة في كنيسة ديبونيغورو. جاءت الهجمات على الكنائس بعد أيام من إنهاء الشرطة لأعمال شغب واحتجاز رهائن في مركز اعتقال بالقرب من جاكرتا؛ ما أسفر عن مقتل 6 ضباط و3 سجناء. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.