تراجيديا الحرب في سوريا

«دوّار الموت من حلب إلى الرقة» لفيصل خرتش

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT

تراجيديا الحرب في سوريا

غلاف الرواية
غلاف الرواية

يُضيء الروائي السوري فيصل خرتش عتمة المشهد المظلم في مدينة حلب ثاني أكبر مدينة في سوريا، خلال سبعة أعوام من الدمار والاقتتال، في روايته «دوّار الموت ما بين حلب والرقة» - شركة «رياض الريّس للكتب والنشر» بيروت - إذ يُقَدِّم سرداً حقيقياً لأحداثٍ الراوي فيها هو الشاهد والحكم.
تبدأ الرواية مع جمعة عبد الجليل مُدرِّس اللغة العربية الذي كان نائماً، واستيقظَ في صباح 25 أغسطس (آب) 2012 والكهرباء مقطوعة في حلب: «نظرت إلى نافذة المدرسة التي أمام بصري مباشرة، فرأيت النور قد غاب عنها وحلّ محلّه سواد داكن». من هنا تبدأ التراجيديا لتمتد إلى كامل الجغرافية السورية.
يسرد جمعة عبد الجليل مشاهداته والأمكنة التي كان يرتادها زمن السلم وفي أتون الحرب، انطلاقاً من ساحة سعد الله الجابري وسط حلب التي كان الحلبيون وزوار حلب يجدون فيها متنفساً من رتابة الحياة المدينية، وكذلك الفندق السياحي المطل على الساحة ومقهاه الشهير في الطابق الأول، وأيضاً مقهى «جُحا»، حيث يرتاده مع شلَّته من المثقَّفين والمطلًّ على ساحة سعد الله الجابري والملاصق لنادي الضباط.
شخصيات «دوّار الموت» متنوعة باهتماماتها وأحلامها وآلامها، أمثال: جمعة عبد الجليل، والدتُه، أختُه شكرية، زوجتُه، ولدُه الوحيد نوَّار، شلّته التي تجالسه في المقهى، الست جمالات، الفلسطيني، المدرِّسة لمياء... ومن خلالهم نطل على أكثر من حي حلبي من حلب الجديدة إلى الفرقان مروراً بالسليمانية، وسوق المدينة الأثري، وباب الفرج الذي يرتبط بأذهان القادمين إلى حلب من سكان المنطقة الشرقية، بجملة من الذكريات، والفنادق، والمطاعم، ومحال الألبسة، حيث يتم اختزال مدينة حلب بباب الفرج بالنسبة لزواها من المنطقة الشرقية.
يقرر الأستاذ جمعة المغادرة ويحزم حقائبه باتجاه مدينة الفرات الرقة التي أضحت عاصمة «داعش». يتساءل جمعة: لماذا العراق والشام فقط وربما سيجد الجواب حين وصوله للرقة قادماً من حلب حيث يجتاز عشرات الحواجز والقرى ويمر على تنظيمات مسلحة كل واحدة منها تختلف عن الأخرى بالأهداف والوسائل والارتباط لهذه الجهة الدولية أو تلك. ويجد أيضاً المقابر الحديثة، وأصحاب اللحى الطويلة واللباس القندهاري على طراز «تنظيم القاعدة»، وسيارات الدفع الرباعي التي فوقها رشاش «دوشكا»، ورشاش «ب. ك. س». يهدئ الباص من سيره.
يصعد إليه شاب مموّه، يلقي التحية عليهم، يسأل عن البطاقات الشخصية، يدخل بسرعة إلى الأماكن المخفية، لا يجد شيئاً، ويطلب من السائق أن يمضي. كان في الباص سبع نسوة كلهنّ جلسنَ في المؤخرة متشحات بالسواد، بعد اجتياز حواجز «داعش»، اطمأن السائق ومرافقه وأشعلوا السجائر، ليصلوا عبر البر إلى الرّقة، حيث تلوح الكتابة على اللافتة التي أمامهم، وعلم كبير أسود، عند مدخل الرّقة يستوقفهم حاجز آخر لـ«داعش»، يصعد شاب كثّ اللحية يقف بجانب السائق، يرتدي قميصاً طويلاً إلى ما تحت الركبة، وبنطالاً بذات اللون، وله جنادية يضع فيها فيه مسدساً، البارودة محمولة على كتفه، والقنبلة مربوطة إلى حزامه، بيده لاسلكي، يتكلم اللهجة البدوية، يربط شعره المسترسل إلى الوراء.
بعد التفتيش الدقيق يتمنى لهم إقامة سعيدة في «دولة الخلافة»، حيث ينتشر في الرقة عناصر «داعش» في كل مكان، منهم سود وشقر، أوروبيون بعيون زرقاء، أفارقة ببشرة سوداء، شيشانيون وتوانسة وليبيون ومغاربة.
وها هنا يتساءل الأستاذ جمعة: «أهذه الرقة مدينة الفرات، والشعب الطيب المسالم مدينة الثقافة والشعر، ماذا لو كان الأديب والسياسي عبد السلام العجيلي حيّاً ماذا سيقول عن هؤلاء الذين خربوا المدينة التي ترقد على خاصرة الفرات، وحولوها إلى أكوام من الحجارة».

- صحّافي وكاتب سوري


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».