إسرائيل تغلق المعبر التجاري الوحيد مع غزة... ومصر تفتح رفح استثنائياً

فلسطينيون ينتظرون في خانيونس الحصول على إذن للعبور إلى مصر عبر معبر رفح أمس السبت (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في خانيونس الحصول على إذن للعبور إلى مصر عبر معبر رفح أمس السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تغلق المعبر التجاري الوحيد مع غزة... ومصر تفتح رفح استثنائياً

فلسطينيون ينتظرون في خانيونس الحصول على إذن للعبور إلى مصر عبر معبر رفح أمس السبت (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في خانيونس الحصول على إذن للعبور إلى مصر عبر معبر رفح أمس السبت (أ.ف.ب)

فتحت السلطات المصرية بشكل استثنائي، أمس، معبر رفح البري أمام حركة المسافرين في كلا الاتجاهين، في وقت أعلنت السلطات الإسرائيلية غلق معبر كرم أبو سالم وهو المعبر التجاري الوحيد الذي يتم إدخال البضائع والمساعدات من خلاله إلى قطاع غزة، على خلفية إحراق متظاهرين فلسطينيين معدات لنقل البضائع إلى القطاع خلال «مسيرات العودة» أول من أمس الجمعة.
وتقرر إغلاق معبر كرم أبو سالم بقرار من وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بعد توصية من قائد المنطقة الجنوبية في الجيش إيال زامير ومكتب الأنشطة الحكومية الإسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن «المعبر سيبقى مغلقاً إلى حين إصلاح الضرر الذي ألحقته به أعمال الشغب وسيعاد فتحه وفق تقييم الموقف».
ويعتبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد لغزة، بعد إغلاق معبر المنطار خلال سنوات انتفاضة الأقصى الثانية، وتحويل معبر بيت حانون (معبر «إيرز») لحركة المسافرين.
ونشر الجيش الإسرائيلي فيديو يظهر عمليات إحراق المتظاهرين لكثير من المعدات داخل المعبر، مشيراً إلى أن تلك المعدات تعود للجانب الفلسطيني وتم التبرع فيها من قبل دول مانحة قبل سنوات. وقال أفيخاي أدرعي، الناطق باسم الجيش باللغة العربية، إن المعبر سيبقى مغلقاً باستثناء الحالات الإنسانية التي تتم الموافقة عليها. واتهم حركة «حماس» بأنها قامت في الأسابيع الأخيرة بـ«أعمال إرهابية تحت غطاء أعمال شغب عنيفة» وبأنها «تمس برفاهية سكان قطاع غزة وتتسبب في تجميد نشاط شريان حياتهم، بينما إسرائيل ودول أخرى تسعى إلى إدخال البضائع لسكان القطاع». كما اتهمها بـ«منع وصول البضائع» و«ارتكاب أعمال تعرض نشاط المعابر للخطر». وأشار إلى أن الأضرار لحقت بمحطة الوقود داخل معبر كرم أبو سالم، حيث إنها لم تعد صالحة للاستعمال، كما تضررت محطات وصل أنابيب الغاز وخط الغاز الرئيسي، إلى جانب إلحاق أضرار بأنابيب الوقود.
وقدّرت وسائل إعلام إسرائيلية الخسائر بعشرات الملايين من الشيكل الإسرائيلي. ونقل عن أحد الضباط الإسرائيليين الذين تفقدوا المعبر، أمس السبت، إنهم «(أي الفلسطينيين) يجلبون الدمار لأنفسهم... الأضرار غير مسبوقة». وقالت القناة العبرية الثانية إن لحركة «حماس» مصلحة كبيرة في تخريب معبر كرم أبو سالم من الجهة الفلسطينية للاستفادة من عدم نقل البضائع عبره ونقلها عبر معبر رفح المصري. واعتبرت القناة، في تقرير، أن «حماس» لا تريد للسلطة الفلسطينية الاستفادة مالياً من المعبر من خلال الأموال التي تقوم بتحصيلها من الجمارك المفروضة على نقل البضائع.
وأبلغت اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع إلى غزة، التجار، بوقف العمل في المعبر، فيما دعت جمعية البترول في غزة المواطنين للتخفيف من استهلاك الغاز خشية نفاد الكميات القليلة الموجودة لديها في حال استمر إغلاق المعبر طويلاً. ووصفت اللجنة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى ورفع الحصار، ما جرى على المعبر بـ«الأحداث المؤسفة»، داعية المتظاهرين إلى المحافظة على المعابر والممتلكات الوطنية التي يتم من خلالها تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني.
وبينما التزمت حركة «حماس» الصمت، طرح منير الجاغوب، مسؤول المكتب الإعلامي لحركة «فتح»، عبر صفحته على «فيسبوك»، تساؤلات حول الأهداف السياسية التي تقف خلف فكرة حرق المعبر والمتضرر الأكبر من ذلك، وعن الجهة المستفيدة من إغلاقه والفائدة المرجوة من حرقه. ويتوقع أن تشهد الساعات والأيام المقبلة جدلاً فلسطينياً واسعاً في حال استمر إغلاق المعبر لفترة أطول، خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك وحاجة السكان للبضائع بما في ذلك الوقود والغاز. ويأتي ذلك في وقت فتحت فيه السلطات المصرية بشكل استثنائي معبر رفح البري أمام حركة المسافرين في كلا الاتجاهين لمدة أربعة أيام، بدءاً من أمس السبت وحتى الثلاثاء المقبل. وغادرت حافلات عدة تقل المسافرين من غزة إلى مصر، فيما وصلت حافلة واحدة على الأقل تضم مسافرين عائدين إلى القطاع. بينما سمح لسيارات إسعاف بنقل مرضى إلى الأراضي المصرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.