الجيش الجزائري يجري تمارين بمنشآت نفطية بالغة الحساسية

TT

الجيش الجزائري يجري تمارين بمنشآت نفطية بالغة الحساسية

بينما سلَم إرهابيان نفسيهما للسلطات العسكرية الجزائرية بجنوب البلاد، أعلنت وزارة الدفاع أن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، نزل أمس إلى منطقة ورقلة، حيث أكبر وأغنى حقول النفط ومنشآت الغاز بالصحراء الشاسعة. وتكتسي الزيارة أهمية بالغة، قياساً إلى تقارير أمنية حذَّرت من أعمال إرهابية محتملة ضد مشروعات حيوية بهذه المنطقة. وقالت وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني، إن زيارة الضابط الكبير «تأتي في سياق الزيارات الميدانية الدورية، التي يجريها السيد الفريق إلى كل النواحي العسكرية (عددها ستة)، بغرض الاطلاع على مدى تنفيذ برنامج سنة التحضير القتالي 2017-2018، وبخاصة ما تعلق منها بالتمارين الاختبارية بالرمايات الحقيقية، والوقوف على مدى الجاهزية العملياتية لوحدات الجيش الوطني الشعبي المرابطة بكامل التراب الوطني». وبدأ صالح نشاطه بزيارة الجنود بالقطاع العملياتي جنوب - شرق جانت (قرب الحدود مع ليبيا): «حيث قام رفقة اللواء عبد الرزاق الشريف قائد الناحية العسكرية الرابعة، بتفقد الكثير من وحدات القطاع المرابطة على الحدود الجنوبية الشرقية لبلادنا، واطلع عن كثب على ظروف عمل إطارات وأفراد هذه الوحدات، ليتابع بعدها بمقر قيادة القطاع عرضاً شاملاً حول مجريات تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية، سيتم تنفيذه غداً (اليوم - الأحد) من قبل وحدات القطاع».
يشار إلى أن هذه المنطقة بالذات، شهدت مطلع 2013 هجوماً إرهابياً على منشأة غازية، انتهى بمقتل 29 متطرفاً وهلاك العدد نفسه من الرهائن، أغلبهم فنيون أجانب، وذلك أثناء تدخل للقوات الخاصة الجزائرية. وكانت الطريقة التي حسم بها الجيش الجزائري، الموقف، مثيرة للجدل.
ونقل موقع وزارة الدفاع عن صالح، قوله للضباط والجنود الذين اجتمع بهم، إنه «يحرص شخصياً على حضور هذه التمارين على مستوى مختلف النواحي العسكرية، والإشراف على مجريات تنفيذها ومعاينة النتائج المتحصل عليها، وذلك يندرج في سياق المتابعة الدائمة والمستمرة لمدى تنفيذ برامج التحضير القتالي للقوات، باعتباره العنصر الأساسي للحفاظ على الجاهزية العملياتية».
وأضاف صالح: «إن هذه التمارين التكتيكية، تمثل خطوة من الخطوات المهمة التي قطعناها، بغية كسب المزيد من التمرس القتالي والمزيد من التنسيق العملياتي، بين مختلف الوحدات، والمزيد أيضاً من التدريب وتمتين أسس الخبرة في مجال خوض كافة أنواع الأعمال القتالية وحسمها في أوقاتها القياسية، وهذا لن يتأتى إلا بالتحضير الجيد من طرف كافة أفراد الوحدات المشاركة في أي تمرين». والمنطقة التي يزورها صالح، محل تقارير أمنية تتحدث عن «عمليات إرهابية محتملة ضد منشآت اقتصادية مهمة». وأشار صالح إلى أن «عزة الجزائر وسؤددها، تستوجب على الدوام تميَّز قواتها المسلحة بكل معالم القوة العسكرية؛ لأنها وحدها تمثل الرمز الأساسي من رموز الهيبة والمناعة، وهي المعالم التي تعمل القيادة العليا للجيش، على إرساء ركائزها وغرس متطلباتها في نفوس وعقول الأفراد العسكريين بكافة فئاتهم». وتترك زيارات صالح المكثفة، للنواحي العسكرية، انطباعاً قوياً بأن السلطات تتأهب لمواجهة تهديدات كبيرة، بخاصة على الحدود مع ليبيا ومالي. إلى ذلك، سلم إرهابيان نفسيهما، الجمعة، للسلطات العسكرية بولاية تمنراست الواقعة أقصى جنوبي الجزائر. وقالت وزارة الدفاع، إن الأمر يتعلق بكل من س بوبكر، المدعو «معاوية» الذي التحق بالجماعات الإرهابية عام 2012، وس نجيم، المدعو «جابر» الذي انخرط بالجماعات الإرهابية عام 2015. وأوضحت أن الإرهابيين كان بحوزتهما مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف، وبندقية نصف آلية من نوع سيمينوف، وكمية من الذخيرة.
وفي إطار العمليات التي يجريها الجيش بمختلف مناطق البلاد، تم اعتقال شخص بشبهة دعم الجماعات الإرهابية بولاية جيجل شرقي البلاد، وتدمير قنبلة تقليدية الصنع بالمنطقة نفسها، في حين تم إبطال مفعول 3 قنابل تقليدية ومعدات للتفجير، وضبط ملابس ومفروشات وكمية من المواد الغذائية، بولاية سيدي بلعباس غربي البلاد يعتقد أنها كانت موجهة لمتطرفين.
وكان 15 إرهابياً سلموا أنفسهم في أبريل (نيسان) الماضي، كما سلمت عائلة أحد الإرهابيين مكونة من 10 أفراد نفسها للسلطات العسكرية، للاستفادة من القوانين السارية والمتضمنة في «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية». وخلال الشهر الماضي أيضاً، تم القضاء على إرهابيين اثنين، وجرى اعتقال 8 آخرين، إلى جانب توقيف 4 عناصر لدعم وإسناد الجماعات الإرهابية. وتم تدمير 26 مخبأ للإرهابيين، وضبط كمية من الأسلحة والذخيرة وقنابل تقليدية الصنع.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.