الوقفة بمليون دولار

الوقفة بمليون دولار
TT

الوقفة بمليون دولار

الوقفة بمليون دولار

> من راقب حفل افتتاح الدورة الـ71 من مهرجان «كان» السينمائي لأول مرّة، ودائماً ما هناك أول مرّة لكل منا، ربما شعر بالدهشة من فخامة الحفل بأسره خارج وداخل الصالة. أي بدءاً من وصول الضيوف حتى نهاية حفل التقديم ذاته.
> يمشي الفرد الواحد (وكل وفد يتألف من اثنين إلى ستة أشخاص) متمهلاً من بداية البساط الأحمر. موظفون متخصصون يستقبلون الوفد ويسيرون بهم إلى قرب منتصف البساط. يتوقف الوفد هناك مواجهاً مجموعة المصوّرين الفوتوغرافيين المصطفين على الجانب الأيسر أولاً. وبإشارة من الموظف يتقدم الوفد قليلاً ليستدير يميناً، هذه المرّة، لحفلة تصوير أخرى من قبل المصوّرين على الجانب الآخر.
> ثم يصعدون السلم العريض والطويل وهناك، كما حدث مع امرأة ارتدت حذاءً بكعب طوله نصف متر، من يسقط أمام المصوّرين والخلق أجمعين. عند أعلى السلم يستقبلهم رئيس المهرجان ومديره العام ويقومان بأخذ صورة تذكارية مع الجميع قبل أن يدلفوا إلى داخل القاعة.
> هذا يحدث كل ليلة مع كل فيلم، لكن حفل الافتتاح يبقى أكثر شمولية وحضوراً؛ لأنه افتتاح للدورة يؤمه كل الضيوف المتعوب على جلبهم والمصروف على إقامتهم. والاستعراض الكبير ضروري للمهرجان لكي يشعر بأنه ما زال سيداً بين أترابه وضرورياً للضيوف، خصوصاً إذا ما اقترنوا بفيلم معروض رسمياً.
> خذ منتجاً ومخرجاً وممثلين، اثنان لديهما فيلم افتتاح، أو ثلاثة ممثلين كما حدث يوم الثلاثاء الماضي، وحلل حسابياً ما تمثله تلك الوقفة عند أعلى السلم وأمام عدسات المصوّرين. إنها وقفة بمليون دولار وليس هناك من مغالاة. فالدعاية تبدأ من هنا. هي التمهيد للعروض المختلفة يواكبها الشعور الذي لا يقدّر بالمال الذي يغامر هؤلاء بأنهم مُـقّدرون ومعززون وهناك جمهور حاشد و200 مصوّر يبرهنون على ذلك. بعض الابتسامات زائفة بطبيعة الحال، لكن من يكترث طالما هي موجودة.
> النقاد في الصالة الأخرى الذي يتابعون هذه الحيثيات لحين بداية الفيلم، والجمهور الذي جاء ليشاهد كيف تبدو جوليان مور وقد تجاوزت الأربعين، أو بينيلوبي كروز وقد ازدادت مع السن جمالاً، هم الوحيدون الذين لا يستفيدون من هذا الحفل. ما أن يبدأ الفيلم حتى يذوب الناقد في الفيلم، وما أن يدخل آخر «نجم» من الباب الرئيسي حتى يبدأ الجمهور الحاشد بالانصراف.



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز