«السحوة»... ظاهرة تتحكم في المتزوجين بموريتانيا

موريتانيات يحضرن إحدى المناسبات الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
موريتانيات يحضرن إحدى المناسبات الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

«السحوة»... ظاهرة تتحكم في المتزوجين بموريتانيا

موريتانيات يحضرن إحدى المناسبات الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
موريتانيات يحضرن إحدى المناسبات الاجتماعية («الشرق الأوسط»)

يولي المجتمع الموريتاني احتراماً كبيراً للعادات والتقاليد يصل في بعض الأحيان لدرجة القداسة، وأما ازدراؤها فيعني مواجهة المجتمع الذي حتماً ينبذ الساخر منها، فهناك عادات ما زالت لها أصداء ويتمسك بها رغم ما تثيره من جدل، ومن بين هذه الأعراف ما يعرف بـ«السحوة» أو الحياء.
درجت الموريتانيات منذ القدم على عدم ذكر الزوجة اسم زوجها، وتناديه بضمير الغائب «هو»، وذكر اسمه يعد معرة في المجتمع.
سحوة ستار بين الأصهار
هذا التقليد ليس إلا واحدا من ضمن جملة من الأعراف والتقاليد التي تدخل في إطار ما يعرف بـ«السحوة»، كأن يفرض المجتمع أن يأكل الزوج مع أهل زوجته، ويحظر عليهما أن يتبادلا الحديث أمام الناس.
ويتجنب الزوج مقابلة أصهاره ومخالطتهم، وإذا اضطر لمقابلتهم عليه أن يضع لثاما، ولا يكثر من الكلام، ويظل مطأطئ الرأس، ينصت للأحاديث دون أن ينبس بأي كلمة.
أما الأكل والشرب مع الأصهار يعد من المحظورات وأمرا معيبا، وتعتبره بعض القبائل خطا أحمر وذنبا لا يغتفر يصل لحد أن يطلق الرجل زوجته، ومطالب الزوج باحترام أعمام وأخوال زوجته ويعاملهم بنفس الطريقة التي يعامل بها والديها.
وتعد السحوة التي تعرف بـ«الحياء» عادة تتحكم في الزواج الموريتاني لدرجة أن الزوج لا يمكن أن يرافق زوجته في المناسبات الاجتماعية، إلا لضرورة قصوى، كما أن المرأة يتوجب عليها الانسحاب من تجمع إذا حضره زوجها.
موروث قبل الإسلام
وعن السحوة يقول الباحث الاجتماعي محمد أحمد إنها كلمة عامية تدل على الحياء، والمجتمع الإسلامي تضبطه قواعد أخلاقية منها الحياء بحيث إنه كان ضابطا بين العلاقات فيما بين الأجيال، بدليل ما جاء في الكتاب والسنة.
ويرى أحمد أن انعدام الحياء يدل على غياب المسؤولية بدليل إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، ويؤكد أن السحوة تعزز المصاهرة، لدرجة أن الموريتانيين يبالغون فيها.
وعن أصل هذه العادة المترسمة في موريتانيا يقول إن المجتمع ورثها ما قبل الإسلام، ولم يتمكن من التخلص منها، وهذا يدل على أن الحياء يضبط الموريتانيين ضبطا جيدا، مشيرا إلى أنه يضمن الوقار والتقدير، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل بين الناس.
ولكن هذا الحياء، بحسب الباحث الاجتماعي، يمنع ويجنب كل ما يثير تشنجات البغض أو الكره، أو العنف، وذلك راجع لطبيعة الحياة التي كان يتمتع بها المجتمع الموريتاني منذ القدم، خاصة أنه مجتمع بدوي.
السحوة عادة في المجتمع تختلف حسب المناطق في تقبلها والتعامل معها، وتعتبر «ميمونة» أن بعض المناطق التي تحرم لقاء الزوج بأصهاره مدى الحياة، يعد ذلك مؤشراً خطيرا على الأسرة ومستقبلها. وترى أن هذه العادة ليست من الدين، حيث لم يأمر بها القرآن أو الأحاديث التي رويت عن الرسول الكريم، وتطالب بعدم المبالغة في هذه العادة التي ضررها أكثر من نفعها على المجتمع.
الثورة على العادات
مع تطور المجتمع والانفتاح الذي يشهده مؤخراً، وتأثير التكنولوجيا والعولمة، وثورة مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الشباب والشابات، ارتفعت أصوات تطالب بطمر هذه العادات التي بحسبهم لا تضر ولا تنفع.
تعارض النعمة شابة في العشرينات من عمرها ظاهرة السحوة، وتؤكد أنه لطالما لم يأت بها الدين الإسلامي يجب إلقاؤها وعدم الإيمان بها، وترى أنها يمكن أن تنادي اسم زوجها باسمه، وستضع تلك العادات وراء ظهرها غير عابئة بما يقوله الناس.
أما السيدة العمارية تقول إنها كانت ضحية تلك العادات والتقاليد التي جعلتها سجينة للسحوة. وتتذكر كيف أن أصهارها جاؤوا ذات مرة لزيارتهم، وطفلها يلعب حذو قنينة غاز لم تستطع نهره، لأن الأعراف ترفض أن ترفع المرأة صوتها أمام أهل زوجها.
وتطالب العمارية شأنها شأن أخريات ولدوا في عصر التطور تجاوز هذه الأعراف والتقاليد وتصف بأنها مجحفة، قائلة: «من غير المعقول أن لا يمكن للمرأة أن تمسك ابنها أمام أب زوجها أو أمها، وهذا غير منطقي».

*من مبادرة «المراسل العربي»، لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]



مصر: إلغاء ترخيص فيلم «المُلحد» ومنع عرضه في دور السينما

فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)
فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)
TT

مصر: إلغاء ترخيص فيلم «المُلحد» ومنع عرضه في دور السينما

فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)
فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)

قال المحامي مرتضى منصور إن القضاء الإداري في مصر أصدر قراراً بإلغاء ترخيص فيلم «الملحد» ومنع عرضه في جميع السينمات، بداعي «إساءته للدين الإسلامي»، وذلك على خلفية الدعوى التي قدمها منصور واختصم فيها عدداً من المسؤولين وصناع الفيلم، وصدر على أثرها الأربعاء تقرير «المفوضين».

ووفق بيان منصور، فإن «تقرير هيئة المفوضين الذي أعده المستشار محمد جمال يوسف المفوض بمجلس الدولة وإشراف المستشار محمود عبد الله عامر، نائب رئيس مجلس الدولة، انتهى إلى قبول دعواه وإلغاء الترخيص الصادر بعرض الفيلم الملحد ومنع عرضه».

وتعرّض الفيلم لعدة أزمات منذ الإعلان عنه، من بينها التحفظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش بعد بدء تصوير مشاهده، اعتراضاً على بعض آراء مؤلفه إبراهيم عيسى.

وقبيل عرض الفيلم بأيام أثار الإعلان الترويجي الاستياء بشكل واسع وفجر جدلاً في مصر، وانتشر أكثر من وسم عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لمقاطعته، احتجاجاً على آراء مؤلفه.

وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة قد قررت تأجيل دعوى أقامها المحامي المصري مرتضى منصور مطالباً بوقف عرض الفيلم، إلى 24 سبتمبر (أيلول) الماضي لتقديم المستندات، واختصم منصور في دعواه كلاً من وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور خالد عبد الجليل، ومؤلف الفيلم إبراهيم عيسى، والمنتج أحمد السبكي، وطالب بسحب تراخيص الفيلم.

الملصق الدعائي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

من جانبه، أكد المنتج المصري كريم السبكي أن شركة السبكي للإنتاج الفني لم يصلها أي مستند رسمي بشأن قرار المنع، وأنه علم بالقرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أكد السبكي لـ«الشرق الأوسط» أن الفيلم مر بجميع الإجراءات القانونية وحصل على الموافقات والتصاريح اللازمة، مستبعداً تحديد وقت معين لعرض لفيلم.

وتدور أحداث فيلم «الملحد» حول رجل دين متشدد وابنه الذي يتمرد على أفكاره ويعلن إلحاده، الفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، من إخراج محمد العدل وإنتاج أحمد السبكي، وكان من المقرر طرحه في 14 أغسطس (آب) الماضي.

وأعرب الناقد الفني المصري محمد الروبي عن اندهاشه من منع عرض الفيلم بعد الموافقة عليه من الجهات الرقابية.

وتساءل الروبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن أسباب المنع من العرض، لا سيما أن الفيلم لم يشاهده أحد، ولم تواجه أحداثه أي انتقادات لأنه لم يطرح للمشاهدة من الأساس، كما يرى الروبي أن «الجهة المنوط بها المطالبة بعرض الفيلم وتوضيح أسباب منعه، جهاز الرقابة الذي أجازه».

وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، أكد المخرج المصري ماندو العدل أنه لا يملك أي معلومات بشأن قرار إلغاء عرض فيلم «الملحد» في دور العرض، كما أعرب عن استيائه من القرار، بعد حصوله على التراخيص والموافقة الرقابية.