تركيا: استمرار تراجع الليرة وشكوك في قدرة «المركزي» على محاربة التضخم

إردوغان: لدينا آليات لصد الهجمات الخارجية على اقتصادنا

تركيا: استمرار تراجع الليرة وشكوك في قدرة «المركزي» على محاربة التضخم
TT

تركيا: استمرار تراجع الليرة وشكوك في قدرة «المركزي» على محاربة التضخم

تركيا: استمرار تراجع الليرة وشكوك في قدرة «المركزي» على محاربة التضخم

وسط استمرار التراجع الحاد في سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية، وهبوطها إلى مستويات قياسية، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن بلاده تمتلك الآليات اللازمة لصد الهجمات الخارجية التي تستهدف اقتصادها.
وأوضح إردوغان، في كلمة خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان التركي في أنقرة أمس (الثلاثاء)، أن بلاده تمتلك الآليات اللازمة لصد تلك الهجمات التي تعتمد على التلاعب بأسعار العملات، لزعزعة قوة الاقتصاد التركي.
واتهم إردوغان، خلال إعلانه برنامجه للانتخابات الرئاسية في إسطنبول يوم (الأحد) الماضي، ما سماه «جهات الشر» بمحاولة زعزعة الاستقرار الاقتصادي في تركيا، مشددا على أن تطبيق النظام الرئاسي سيدفع الاقتصاد التركي قدما، ومتعهدا بجعل تركيا دولة كبرى تمتلك اقتصادا قويا يتربع وسط أكبر الاقتصادات في العالم.
في غضون ذلك، واصلت الليرة التركية تراجعها إلى مستوى قياسي منخفض جديد في تعاملات أمس، وسجلت 4.2950 أمام الدولار، وهو أضعف مستوى تصل إليه لتزيد خسائرها خلال العام الجاري إلى أكثر من 11 في المائة.
وأرجع خبراء استمرار تهاوي العملة التركية إلى الشكوك في قدرة البنك المركزي على محاربة التضخم، الذي سجل 11 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي، وترقب المستثمرين لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب النهائي، حول الاتفاق النووي مع إيران.
وفاقمت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية خسائر الليرة التركية، عندما خفضت الثلاثاء قبل الماضي، تصنيفها للدين السيادي لتركيا مجددا. فيما تعهد إردوغان بخفض التضخم وأسعار الفائدة والعجز في الحساب الجاري، حال فوزه بالرئاسة مجددا في الانتخابات المبكرة في 24 يونيو (حزيران).
وتدخل البنك المركزي التركي، أول من أمس، في محاولة لتعويض بعض الخسائر المستمرة لليرة مقابل العملات الأجنبية. وفي خطوة لتحسين سيولة النقد الأجنبي في الأسواق التركية وسط تقلبات في سعر صرف العملة المحلية، قام البنك بتخفيض الحد الأعلى للتسهيلات المتعلقة بتجارة العملات الأجنبية (الفوركس).
وقال البنك، في بيان، إن هذه الخطوة ستؤدي إلى ضخ سيولة نقدية تقدر بنحو 2.2 مليار دولار في البنوك التركية، وإنه تم تخفيض الحد الأعلى للتسهيلات المتعلقة بصيانة تجارة الفوركس من ضمن خيارات آلية التحوط إلى 45 في المائة من 55 في المائة، كما تم تخفيض جميع شرائح التسهيلات المتعلقة بهذه التجارة بنسبة 5 في المائة. وتشكل الزيادات في الأسعار المشكلة الأكثر إلحاحا في تركيا، وتمثل مصدر قلق متزايد للرئيس إردوغان وحزبه الحاكم، بينما يستعدان للانتخابات المبكرة.
وفي غضون ذلك، هبط المؤشر الرئيسي للأسهم في بورصة إسطنبول في جلسة التداول الصباحية أمس، إلى حدود 100 نقطة.
في سياق مواز، قال نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشك، إن عجز الحساب الجاري سينخفض في الفترة المقبلة، تماشيا مع توقعات بتراجع في أسعار النفط والذهب، لافتا إلى أنه ربما يحدث بعض التباطؤ في النشاط الاقتصادي.
وأضاف، خلال اجتماع لاتحاد البنوك في إسطنبول، أن العجز الراهن في الحساب الجاري سينخفض إلى نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة.
ويشكل عجز الحساب الجاري التركي أعلى من 4.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في تركيا، وقال شيمشيك إنه بفضل الانتعاش القوي في السياحة، ستتراجع هذه النسبة إلى أقل من 4 في المائة.
وأضاف أنه خلال الفترة المقبلة قد يتباطأ النشاط الاقتصادي، كما أظهرت بعض المؤشرات، لكن من ناحية أخرى يبدو أن أسواق التصدير لدينا قوية، وستستمر صادراتنا في الارتفاع.
وتابع بأن الزيادة المتتالية في القروض الاستهلاكية توقفت، وبدأنا نرى اتجاها للهبوط في هذه القروض، ويمكن أن نتوقع تراجعا في عجز الحساب الجاري في تركيا خلال الفترة القادمة، اتساقا مع التوقعات بتراجع أسعار النفط والذهب.
وارتفع عجز الحساب الجاري في تركيا (لمدة 12 شهرا) إلى 53.3 مليار دولار في نهاية فبراير (شباط) الماضي، وأرجع مسؤولون زيادة العجز إلى ارتفاع واردات الطاقة والذهب.
وقال شيمشيك إن إنجاز عدد من المشروعات الكبرى التي تم الإعلان عنها مؤخراً سيساعد تركيا على تقليص العجز في الحساب الجاري بنحو 20 مليار دولار خلال فترة السبع إلى العشر سنوات القادمة.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.