حفتر يطلق رسمياً عملية تحرير درنة من الجماعات الإرهابية

قتلى وجرحى في هجوم انتحاري ضد نقطة تفتيش شرق سرت

حفتر رفقة الناظوري ورئيس حكومة شرق ليبيا عبد الله الثني خلال عرض عسكري ببنغازي
حفتر رفقة الناظوري ورئيس حكومة شرق ليبيا عبد الله الثني خلال عرض عسكري ببنغازي
TT

حفتر يطلق رسمياً عملية تحرير درنة من الجماعات الإرهابية

حفتر رفقة الناظوري ورئيس حكومة شرق ليبيا عبد الله الثني خلال عرض عسكري ببنغازي
حفتر رفقة الناظوري ورئيس حكومة شرق ليبيا عبد الله الثني خلال عرض عسكري ببنغازي

هيمنت التطورات العسكرية المتلاحقة على المشهد السياسي في ليبيا، بعدما أعطى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، رسميا لقواته إشارة بدء هجوم منتظر منذ فترة طويلة لتحرير مدينة درنة في شرق البلاد، وجاء ذلك في وقت تعرضت فيه نقطة تفتيش تابعة للجيش في سرت لهجوم إرهابي، هو الثاني من نوعه هذا العام، كما استمرت المواجهات المسلحة في مدينة سبها بجنوب البلاد.
وفى غياب ملحوظ لرئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، والقائد الأعلى للجيش الوطني الليبي، أعلن حفتر مساء أول من أمس بدء المعارك لتحرير مدينة درنة، وذلك في إطار عملية عسكرية موسعة لتحرير المدينة، الخاضعة لسيطرة جماعات جهادية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وتغيب صالح، وهو أحد المؤيدين لحفتر عن مراسم الاستقبال الرسمي والشعبي للمشير بمناسبة عودته مؤخرا من رحلتها العلاجية، كما تغيب عن حضور العرض العسكري الضخم، الذي أقامه الجيش أمس بمناسبة حلول الذكرى الرابعة لـ«عملية الكرامة»، لتحرير مدن المنطقة الشرقية. ولم يقدم مكتب صالح أي تفسير لهذا الغياب، كما امتنع مسؤولون في الجيش عن التعليق لـ«الشرق الأوسط» عن مبرراته، علما بأن صالح اكتفى بإرسال تهنئة إعلامية لحفتر بذكرى «عملية الكرامة»، لكنهما لم يجتمعا منذ عودة حفتر الأخيرة للبلاد.
وقال حفتر: «نبشركم بأن ساعة الصفر لتحرير درنة قد دقت، وقواتكم تدكّ الآن معاقل الإرهاب فيها بعدما أصدرنا قوانين صارمة لتجنب المدنيين»، في هذه المدينة التي تبعد أكثر من ألف كلم شرق العاصمة طرابلس.
وأضاف حفتر، الذي ينظر إليه على أنه أبرز المنافسين المحتملين على منصب الرئيس المقبل للبلاد، والرجل القوي في شرق ليبيا، أن «المساعي السلمية لدرنة استمرت أكثر من ثلاث سنوات بواسطة عقلاء المدينة، ونشطاء من شباب لنجنبها ويلات الحرب حتى بلغت تلك المساعي طريقا مسدودا نتيجة لتعنّت الجماعات الإرهابية الرافضة للسلم».
وتعرض جنوب شرقي درنة لضربات جوية على مدى اليومين الماضيين، كما جرت اشتباكات حول مصنع للطحين شرق المدينة، حيث أعلن طبيب بمستشفى ميداني عن مقتل أربعة من قوات الجيش الوطني، وإصابة خمسة، بينما قال مجلس شورى مجاهدي درنة إن أحد رجاله قتل. لكن مصدرا عسكريا قال في المقابل إن 5 من جنود الجيش الليبي قتلوا، وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة أول من أمس، بعد اشتباكات عنيفة مع ميليشيات ما يعرف باسم «مجلس شورى مجاهدي درنة» الموالي لتنظيم «القاعدة».
وأكد المصدر أن «خمسة من جنود الجيش سقطوا في اشتباكات عنيفة شهدها حي الفتائح والحيلة جنوب شرقي درنة، بعد اشتباكات عنيفة ضد المجموعات الإرهابية... وقد أحرزت قوات عمليات عمر المختار تقدما كبيرا، وسيطرت على منطقة الفتائح، قبل أن تقوم بالتراجع لمخاوف من الاستمرار قدما بعد اكتشاف عدد كبير من الألغام المضادة للأفراد التي زرعت في الطرق الفرعية».
ونفى المكتب الإعلامي لمركز طبرق الطبي، ما بثته قناة «النبأ» التلفزيونية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، بشأن وصول عدد من شهداء وجرحى الجيش إلى المركز.
وقبل إعطائه إشارة بدء تحرير درنة، تجول حفتر رفقة الفريق عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش، على مهبط المطار الذي تراصت فيه مختلف وحدات الجيش بمدرعاته وآلياته وأسلحته الثقيلة والمتوسطة.
ميدانيا، قتل أمس عنصران من قوات الجيش الوطني الليبي في هجوم انتحاري استهدف حاجزا عسكريا شرق مدينة سرت شمال البلاد، على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس.
وقالت غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للجيش في بيان إن «سيارة مفخخة يقودها انتحاري، انفجرت عند مرورها بالحاجز العسكري المعروف ببوابة التسعين، ما أدى أيضا إلى سقوط ثلاثة جرحى في صفوف (الكتيبة 115 مشاة) التابعة للجيش المكلفة بتأمين البوابة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم