المغرب: «التقدم والاشتراكية» يناقش ترشح بن عبد الله لولاية ثالثة

TT

المغرب: «التقدم والاشتراكية» يناقش ترشح بن عبد الله لولاية ثالثة

بدأ المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (مشارك في الحكومة) أمس، مناقشة مسألة منح ولاية ثالثة لنبيل بن عبد الله على رأس الأمانة العامة للحزب خلال المؤتمر العاشر للحزب، المقرر عقده يومي 11 و12 من الشهر الحالي بمنتجع بوزنيقة (جنوب الرباط)، فيما تتجه الأنظار إلى المحكمة الابتدائية في الرباط، التي ستبت غداً في القضية التي رفعها تيار «قادمون» المعارض لبن عبد الله، الذي يطعن في قانونية تنظيم المؤتمر العاشر للحزب، ويطالب بتأجيله.
وقال حسن بن قبلي، منسق تيار «قادمون» لـ«الشرق الأوسط»، إن سبب وضع الشكوى أمام القضاء قيام بن عبد الله بإقصاء أعضاء من اللجنة المركزية للحزب من حضور المؤتمر بصفتهم، وهو ما يتعارض، في نظره، مع القانون الأساسي للحزب ومع قانون الأحزاب المغربي.
وأضاف بن قبلي موضحاً: «رفعنا في البداية دعوى عادية، غير أن تحديد الجلسة يوم 14 مايو (أيار)، أي بعد انعقاد المؤتمر، جعلنا نرفع دعوى استعجالية للمطالبة بتأجيل المؤتمر»، مضيفاً أن المحكمة قررت بعد استماعها لمرافعات الأطراف البت في الدعوى يوم الأربعاء.
وأوضح بن قبلي أن بن عبد الله استصدر قراراً تنظيمياً من اللجنة المركزية يلغي مشاركة أعضاء اللجنة المركزية للحزب، البالغ عددهم 1170 عضواً في مؤتمر الحزب بالصفة، وحصر المشاركة في 1000 منتدب تنتخبهم الفروع المحلية للحزب. وزاد موضحاً: «إضافة إلى أن اللجنة المركزية، التي صادقت على المؤتمر، عرفت حضوراً باهتاً للأعضاء، ولم يكتمل فيها النصاب، ومن ثم فإن القرار مخالف للقانون الأساسي للحزب».
وأشار بن قبلي إلى أن الأمين العام للحزب قام أيضاً بإلغاء جميع الانخراطات، وفتح المجال أمام تجديد الانخراطات استعداداً لمؤتمر الحزب، مبرزاً أنه «تم إلغاء 30 ألف انخراط، وطلب من الجميع تجديد انخراطهم. وجرى في إطار هذه العملية تسجيل انخراطات 15 ألف عضو، أغلبيتهم الساحقة أعضاء جدد... ولقد استغلت هذه العملية لإقصاء كل المعارضين عن طريق رفض عضويتهم، فيما سجل أعضاء جدد جلبهم المنتخبون والأعيان».
وشكل المعارضون لبن عبد الله جمعية أهلية تحت اسم «قادمون»، تسعى إلى إنشاء فروع محلية وجمع جميع الغاضبين في الحزب. وتطالب الجمعية، التي تعد نفسها تياراً إصلاحياً داخل حزب التقدم والاشتراكية، بفسخ تحالف الحزب مع حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، والعودة إلى صفوف اليسار.
من جانبه، أوضح مصطفى الرجالي، عضو المكتب السياسي للحزب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر لا يتعلق بتيار داخل حزب التقدم والاشتراكية، وإنما بمجموعة من الأعضاء السابقين في الحزب، الذين يتحركون من خارجه».
وأشار الرجالي إلى أن المقرر التنظيمي المتعلق بالمؤتمر جرت المصادقة عليه بالإجماع داخل اللجنة المركزية للحزب، موضحاً أن من بين المعارضين الحاليين من صوتوا عليه، وأن جميع مراحل الإعداد لعقد المؤتمر مرت بنجاح، خصوصاً مرحلة تجديد الانخراطات، التي شكلت حدثاً جديداً في تاريخ الحزب.
ومن بين مستجدات المؤتمر المقبل أيضاً، يقول الرجالي، طريقة انتخاب أعضاء اللجنة المركزية، مضيفاً أن «اللجنة المركزية عرفت خلال المؤتمر الماضي تضخماً كبيراً، حيث أصبحت تتكون من نحو 1200 عضو. وفي المؤتمر الحالي قررنا تقليص عددها إلى ما بين 400 و500 عضو فقط، من أجل نجاعة أكبر في العمل».
وأضاف الرجالي أن الحزب لم ينتظر هذه المرة انعقاد المؤتمر لينتخب أعضاء اللجنة المركزية، وإنما طلب من المؤتمرات المحلية للفروع انتداب الأعضاء الذين تختارهم لعضوية اللجنة المركزية، التي سيصادق عليها المؤتمر العام للحزب. وأضاف: «في بعض المؤتمرات المحلية تم اختيار المرشحين لعضوية اللجنة المركزية بالتوافق، وفي مؤتمرات أخرى، حيث تعذر ذلك، تم حسم الأمر بالتصويت السري. واليوم يمكن القول بأن كل شيء جاهز لتنظيم مؤتمر ناجح».
أما بخصوص الأمانة العامة، فأشار الرجالي إلى أنها ستكون موضع اجتماع المكتب السياسي الذي سيتداول في شأن ترشيح بن عبد الله لولاية ثالثة، وأيضاً في تلقي ترشيحات القياديين الراغبين في ذلك.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.