واشنطن: نصف مليار دولار لتسليح المعارضة السورية المعتدلة

توافق في اجتماع باريس على الحاجة لحكومة عراقية جامعة

واشنطن: نصف مليار دولار لتسليح المعارضة السورية المعتدلة
TT

واشنطن: نصف مليار دولار لتسليح المعارضة السورية المعتدلة

واشنطن: نصف مليار دولار لتسليح المعارضة السورية المعتدلة

يوم دبلوماسي حافل أمضاه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في العاصمة الفرنسية باريس، تنفيذا للمهمة التي كلفه بها الرئيس باراك أوباما لمعالجة التدهور الخطير في العراق. وتمثل باريس المحطة السادسة في جولته الموسعة بعد عمان والقاهرة وبغداد وأربيل وبروكسل. وسيكون الوزير الأميركي اليوم في الرياض لإجراء محادثات مع القيادة السعودية.
كيري استهل نهاره الباريسي بلقاء مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، ثم باجتماع مع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، أعقبه بلقاء وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي يزور العاصمة الفرنسية رسميا. بيد أن الاجتماع الأهم عقد عصر أمس في بيت السفير الأميركي في باريس، وضم إلى جانب كيري وزراء خارجية المملكة السعودية الأمير سعود الفيصل، والإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد، والأردن ناصر جودة.
ولخصت مصادر دبلوماسية غربية محادثات كيري، التي تركزت بشكل أساسي على العراق، بالقول إن واشنطن «تعي خطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وبصدد تقديم المساعدة العسكرية اللازمة للحكومة العراقية لوقف تقدم (داعش) باتجاه العاصمة بغداد واستعادة السيطرة على المناطق التي احتلها، فإن لهذه المساعدة ثمنا هو انتهاج سياسة جديدة عادلة تضم مختلف مكونات الشعب العراقي». وبحسب هذه المصادر، فإن ترجمة ذلك تعني «تشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية». لكن هذه المصادر لم تبين ما إذا كان المطلوب حكومة برئاسة المالكي أم برئاسة شخصية شيعية أخرى. وتعد المصادر المشار إليها أن واشنطن، التي بدأت بإرسال مستشاريها وخبرائها العسكريين إلى العراق والقيام بطلعات جوية مكثفة في أجوائه خصوصا في المناطق الشمالية حيث تنتشر قوات داعش «لا تريد أن يُفهم دعمها على أنه تزكية لرئيس الحكومة الحالي، ولا تريد أن يجيّر ولا أن يعتبر شيكا على بياض» يسخّر في اللعبة السياسية الداخلية. وتؤكد هذه المصادر أن حكومة الوحدة الوطنية هي «التعبير عن صورة الحل السياسي» الذي يتعيّن على المالكي أن يرى فيه «المخرج الوحيد» للأزمة العراقية الراهنة التي سيفضي استفحالها، وفق هذه المصادر، إلى أمرين خطيرين هما تفكك العراق إلى دويلات واشتعال حرب أهلية. وفي الحالتين، ترى الولايات المتحدة، ومعها الغربيون والعرب، في هذه السيناريو «كارثة على العراق وتهديدا لأمن واستقرار المنطقة بأكملها، فضلا عما يعنيه من استفحال الإرهاب واستقواء الحركات الجهادية المتشددة».
وشرح كيري للمسؤولين الذين التقاهم أن العراق «يعاني من مشكلتين رئيستين: الأولى، مشكلة الحكم، والثانية مشكلة أهلية وتماسك القوات العراقية، وأن القوة الوحيدة المنظمة هي قوات البيشمركة الكردية». بيد أن المصادر الغربية أشارت إلى أن الإكثار من الاعتماد عليها لمحاربة «داعش» من شأنه زيادة النزعات الانفصالية، وبالتالي زيادة التهديد بتقسيم العراق». ونقلت أوساط قريبة من كيري أن الأخير أراد أيضا إيصال رسالة أساسية مفادها أن «(داعش) يمثل تهديدا للجميع وبالتالي يتعين التعاون والعمل معا من أجل مجابهة هذا الخطر».
من ناحية أخرى، قال الوزير الأميركي عقب لقائه نظيره الفرنسي صباح أمس إنهما «توافقا بشكل خاص حول العراق وحول الحاجة إلى حكومة جديدة بأسرع ما يمكن تعبر عن وحدة البلاد». والمقصود بـ«وحدة البلاد» أن تضم الحكومة كل المكونات العراقية وألا تعطي الانطباع لأي منها بالتهميش، مما يعني عمليا أن الحكومة الحالية لا تفي بالغرض. وسبق للوزير فابيوس أن أعلن يوم الجمعة الماضي أن المطلوب «حكومة وحدة وطنية مع (نوري) المالكي أو من دونه». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أميركي تأكيده أن كيري أبلغ نظراءه الوزراء العرب مضمون محادثاته في بغداد وأربيل، حيث سعى لإقناع المسؤولين العراقيين بتوحيد جهودهم من أجل إنقاذ العراق الذي يواجه خطر التقسيم. وأعرب كيري عن سعادته بلقاء نظرائه الوزراء العرب للنظر في التهديدات الخطيرة التي تواجهها المنطقة، مضيفا أن العراق «يمثل بوضوح إحدى النقاط المهمة حيث تحركات داعش مصدر قلق لكل بلد ممثل هنا». ورد الأمير سعود الفيصل، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، بأن «كل هذه المسائل بالغة الأهمية بالنسبة لبلداننا»، وأن التعاون بينها «يمكن أن يؤثر إيجابا على الشرق الأوسط».
كذلك كان كيري أكد بعد لقائه فابيوس على الحاجة «في أسرع وقت لحكومة (جديدة) تعبر عن وحدة البلاد»، فيما أشار الوزير الفرنسي إلى «الخطورة المطلقة للوضع في العراق والحاجة إلى تحرك يتعين أن يأتي بالدرجة الأولى من العراق نفسه». وتعكس عبارة فابيوس «حذرا» فرنسيا ورغبة في عدم الانغماس عسكريا وأمنيا بما يجري في العراق، وترك الولايات المتحدة تقود التحرك الدولي. وقد ربطت فرنسا أي مساهمة أمنية لها هناك بشرطين اثنين: الأول، أن يقدم إليها طلب عراقي رسمي على غرار ما فعلته بغداد مع واشنطن، والثاني أن يكون ذلك في إطار قرار من مجلس الأمن الدولي باعتبار أنه ليست لفرنسا اتفاقية أمنية مع بغداد على غرار اتفاقيتها مع واشنطن. ومنذ البداية، شددت باريس على أن معالجة الأزمة العراقية يتعين أن تجري في خطين: الأول، أمني عسكري وهو ضروري «لأنه لا يمكن السماح لـ(داعش) بأن تحتل بغداد»، والثاني سياسي وفحواه حوار يشمل جميع الأطراف وقيام حكومة تضم الجميع بحيث لا يشعر أي طرف بالغبن.
ويبدو موضوع تقسيم العراق الأخطر بالنسبة لباريس التي تنبه من أن ما يحصل حاليا «لا ينسف فقط وحدة العراق بل يهدد كامل المنطقة ويطال سوريا والأردن وتركيا وبلدانا أخرى». وقال فابيوس «نحن حيال وضع صعب للغاية، حيث أظهر (داعش) خطرا كبيرا، ونتوقع من العراقيين أن يوحدوا صفوفهم في هذه المرحلة، فوحدة العراق ضرورة ليس للعراق فحسب بل للمنطقة ولأوروبا».
ولم تقتصر محادثات كيري على العراق، فلقاؤه مع الحريري تركز على الفراغ الرئاسي في لبنان وعلى الوضع الأمني، حيث تتلاحق التفجيرات الانتحارية الإرهابية وتتنقل من العاصمة اللبنانية إلى المناطق. وبحسب بيان صادر عن مكتب الحريري، فإن الجانبين اتفقا على الحاجة لوضع حد للفراغ المؤسساتي والرئاسي. بيد أن المصادر الغربية تبدي تشاؤمها من احتمال إيجاد مخرج سريع للعقدة الرئاسية في لبنان التي تدور حتى الآن في حلقة مفرغة، بحيث إن المواقف باقية على حالها، والعقبات التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية لم تجد من يستطيع تفكيكها. وعلى الرغم من تأكيد كل الأطراف في الداخل والخارج على ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية ووضع حد للفراغ على رأس الجمهورية لتحصين الداخل ومواجهة الهجمة الإرهابية، فإن الأزمة مرشحة للاستمرار بانتظار تطور ما غير محدد الهوية. ومن المرتقب ان يتوجه كيري الى السعودية اليوم لمواصلة مشاوراته حول التطورات في المنطقة. وأعلنت الخارجية الأميركية أمس ان كيري سيلتقي رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا في السعودية لبحث دعم المعارضة السورية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.