الميليشيات تفخخ شواطئ الحديدة وتحولها إلى مناطق عسكرية

TT

الميليشيات تفخخ شواطئ الحديدة وتحولها إلى مناطق عسكرية

بالتزامن مع الكشف عن مشروع قانون يتيح للميليشيات الحوثية البطش بمعارضيها على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات التراسل الفوري، حوّلت الجماعة الانقلابية مناطق واسعة من سواحل محافظة الحديدة (غرب) إلى مناطق عسكرية بعد أن زرعت فيها كميات هائلة من الألغام.
ويعكس الإجراء الحوثي مخاوف متصاعدة لدى قادة الميليشيات من اقتراب معركة الحسم التي تقودها قوات الجيش اليمني والمقاومة الوطنية المسنودة بالتحالف الداعم للشرعية، من أجل تحرير محافظة الحديدة واستعادة ميناءها الحيوي في سياق العمليات العسكرية الرامية إلى تحرير اليمن من قبضة الجماعة.
وفي هذا السياق، أفاد سكان محليون لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة أصدرت تحذيرات للمواطنين من الاقتراب من عدة مناطق في الساحل الغربي بمحافظة الحديدة، نظراً إلى حقول الألغام العشوائية التي زرعتها الميليشيات.
وقالت المصادر إن عناصر الجماعة الحوثية يرفضون السماح لأي عربة مدنية يزيد وزنها على طنين من الاقتراب من الشواطئ الممتدة من منطقة حيس، جنوبي الحديدة، وصولاً إلى مناطق اللحية والمنيرة والصليف شمالاً، حيث تقترب القوات الحكومية من إكمال تطهير جيوب الميليشيات المتبقية في مديرية ميدي المجاورة في محافظة حجة، بموازاة المعارك التي تخوضها جنوباً على مشارف التحيتا وزبيد والجراحي، وفي الجنوب الغربي من تعز حيث مناطق موزع والوازعية ومقبنة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الألغام الحوثية شملت منطقة وميناء رأس عيسى النفطي الذي أدت سيطرة الجماعة عليه بعد الانقلاب إلى توقفه عن العمل لجهة توقف الضخ في أنبوب التصدير الممتد من حقول النفط في مأرب، حيث تسيطر الحكومة الشرعية.
وقالت إن عناصر الجماعة يقيمون نقاطاً للتفتيش على طول الساحل ويمنعون العربات الثقيلة والحافلات من التقدم باتجاه الشواطئ، بسبب الألغام المضادة للآليات، حيث يقتصر السماح للسيارات خفيفة الوزن بالمرور.
وتعتمد الجماعة على سلاح الألغام المحرمة دولياً، لإعاقة تقدم القوات الحكومية في مختلف جبهات القتال، في ظل حصولها على دعم وخبرات إيرانية ولبنانية لتصنيع أنواع وأحجام مختلفة من المتفجرات والعبوات الناسفة والألغام المموهة المضادة للأفراد، فضلاً عن تلك المضادة للدروع والآليات.
ورجح مراقبون عسكريون أن تكثيف الميليشيات الحوثية لزرع الألغام وتحويل سواحل الحديدة إلى مناطق عسكرية، يعكس ذعرها الشديد من اجتياح مباغت للقوات الحكومية والمقاومة من جهتي ميدي شمالاً، وحيس جنوباً، كما يكشف أنها تتخوف من أي عمليات إنزال بحرية نحو هذه الشواطئ.
وعلى صعيد متصل بأعمال القمع الحوثية تجاه المعارضين في مناطق سيطرتها، وفي سياق سعيها المتسارع للعبث ببنية التشريعات اليمنية والقوانين النافذة، كشفت الجماعة أمس عن إعداد مشروع لمكافحة ما سمته جرائم تقنية المعلومات.
وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن حكومة الانقلاب وافقت في اجتماعها، أمس، على مشروع قانون بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وأمرت بإحالته إلى النواب الخاضعين لها في صنعاء لإقراره تمهيداً لإطلاق يدها للبطش بالمعارضين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل الفوري التي يجد فيها أغلب السكان متنفساً لمعارضة الجماعة.
وأفادت الوكالة الحوثية بأن القانون الموعود يحدد، على حد زعمها «الأحكام الموضوعية الخاصة بالأفعال المجرمة في هذا المجال والعقوبات المقررة لتلك الأفعال بما يكفل حماية الأمن القومي والمصلحة العامة والخاصة والآداب العامة».
وكانت الميليشيات قد أعدت نحو 16 مشروعاً لقوانين أو لتعديلات على قوانين من أجل البحث عن مشروعية غير قانونية لتصعيد الانتهاكات وجباية الأموال والإتاوات التي تسخّرها للمجهود الحربي وإطالة أمد الانقلاب.
ومن ضمن المشاريع التي أمر زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي بسرعة إقرارها، مشروع قانون يفرض على اليمنيين دفع خُمس أموالهم وثرواتهم لزعيم الجماعة وسلالته، باعتبارهم من نسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) على حد زعمهم، إذ يشمل القانون نسبة الخُمس من كل ما يُستخرج من الأرض والبحر، بما ذلك ماء الشرب والرمل وأحجار البناء وملح الطعام.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.