«الرقمنة»... خلاص الإعلام المحلي المحفوف بالتحديات

الإعلام المحلي لم يعد في مركز قوة كما كان في الماضي واضطر إلى ابتكار وسائل جديدة للمحافظة على موقعه
الإعلام المحلي لم يعد في مركز قوة كما كان في الماضي واضطر إلى ابتكار وسائل جديدة للمحافظة على موقعه
TT

«الرقمنة»... خلاص الإعلام المحلي المحفوف بالتحديات

الإعلام المحلي لم يعد في مركز قوة كما كان في الماضي واضطر إلى ابتكار وسائل جديدة للمحافظة على موقعه
الإعلام المحلي لم يعد في مركز قوة كما كان في الماضي واضطر إلى ابتكار وسائل جديدة للمحافظة على موقعه

يتمتع الإعلام المحلي بدرجة كبيرة من الثقة من الأهالي مما يطرح بعض التفاؤل في مستقبل هذا النوع من الإعلام. ولكن التحول إلى إعلام رقمي يحمل معه كثيراً من المخاطر والتحديات، حيث اضطرت بعض الصحف إلى إغلاق مكاتب محلية والبحث عن مصادر دخل جديدة والسعي وراء قراء جدد.
وفي الوقت الذي تتوجه فيه وسائل الإعلام المحلية إلى الاستثمار في التحول من الطباعة الورقية إلى إعلام رقمي تتم متابعته على الإنترنت، فإنها تواجه كثيراً من التحديات منها تشكيل نموذج عملي جديد وإعادة الهيكلة وتنويع لمصادر الدخل، وذلك وفقاً لبحث مشترك قام به معهد «رويترز» بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية. شمل البحث نماذج من هذا الإعلام في أربع دول أوروبية، هي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وفنلندا.
وبينما يشكو الإعلام المحلي من منافسة شركات عملاقة مثل «غوغل» و«فيسبوك» في مجال الحصول على الإعلانات، فإنه في الوقت نفسه يعتمد على هذه الشركات في إيصال الأخبار المحلية إلى دائرة أوسع من المتابعين.
وتلخص لورين بالينغر، رئيسة تحرير صحيفة «إكسامينر» التي تصدر في مدينة هادرسفيلد البريطانية التحدي الذي تواجهه الصحيفة بالقول إنها تحاول البقاء في السوق لمصلحة الأجيال المقبلة. ولأن الإقبال على شراء الصحف الورقية أصبح أقل من الماضي، فالحل الوحيد هو جذب القراء إلى موقع الصحيفة على الإنترنت.
وترى جوي جينكينز من فريق الإشراف على البحث أن الإعلام المحلي لم يعد في مركز قوة كما كان في الماضي، ولذلك اضطر إلى ابتكار وسائل جديدة للمحافظة على موقعه في السوق. من هذه الوسائل التعاون مع الإعلام المحلي في مدن أخرى للمشاركة في مواقع إلكترونية. وتلجأ الصحف المحلية إلى التوجه إلى نشر مواد تجارية أخرى غير الأخبار وتنظيم المناسبات التي تضم المجتمعات المحلية.
وتعتبر وسائل الإعلام المحلية حيوية في التعريف بالأخبار التي تهم المجتمع المحلي ولكنها لن تستطيع في المستقبل الاعتماد على النموذج الذي ظل سارياً لمدة مائة عام من نشر الأخبار وتمويل الصحف من الإعلانات وحدها. وهي تتوجه إلى حلول جديدة مثل الاعتماد على المواقع الرقمية وتطبيقات الهاتف الجوال.
وتوصل البحث إلى كثير من النتائج حول الحلول التي يمكن لوسائل الإعلام المحلي تبنيها من أجل ضمان مستقبلها.
ومن هذه الحلول:
> استثمار وسائل الإعلام المحلية في مستقبل رقمي يشمل غرف أخبار رقمية تتعامل مع حاجات القراء.
> بحث وسائل الإعلام المحلية عن مصادر جديدة للدخل بما في ذلك الاشتراكات المدفوعة في الحصول على المحتوى وتنظيم المناسبات والأندية والدخول في مجالات التجارة الرقمية.
> مثل بقية وسائل الإعلام، تنافس الوسائل المحلية في الحصول على الإعلان مع شركات كبرى مثل «غوغل» و«فيسبوك»، ومع ذلك فهي تعتمد على هذه الشركات للوصول إلى قاعدة قراء أوسع.
> يختلف معدل التغيير من بلد لآخر، ولكن بوجه عام ما زالت وسائل الإعلام المحلية تعتمد على المنتج المطبوع من أجل الحصول على الدخل. ومع ذلك فهذه الوسائل تعترف بالحاجة إلى الانتقال إلى قواعد رقمية في المستقبل.
> في المشهد العام لوسائل الإعلام المحلية، اضطرت بعض هذه الوسائل إلى إغلاق مكاتب لها أو الانسحاب من السوق بشكل نهائي، بينما اضطر البعض الآخر لتقليص عملياته.
> أكدت وسائل الإعلام التي اضطرت إلى تقليص نشاطها أن الانضمام إلى مؤسسات إعلامية أكبر حجماً وفَّر لها الخبرة الرقمية اللازمة لتطوير أعمالها على شبكة الإنترنت.
> ذكرت بعض وسائل الإعلام المحلية صعوبة في توظيف صغار المحررين حيث ينظر المحررون الجدد إلى آفاق أوسع مع مؤسسات الإعلام الأكبر حجماً.
وكشف البحث عن ثلاث استراتيجيات يمكن لوسائل الإعلام المحلية اتباعها من أجل جذب المزيد من القراء والمتابعين في العصر الرقمي. وتعتمد الاستراتيجية الأولى على اقتصادات الحجم من خلال اقتناء مجموعة من وسائل الإعلام تتمتع بالتنوع وتركز على جذب القراء والإعلانات.
من ناحية أخرى يمكن التركيز على مناطق جغرافية معينة وتوفير مواد جاذبة تشمل مقالات الرأي المؤثرة في الوضع الإقليمي. وأخيراً، يمكن للوسائل المحلية الاعتماد على الدعم الأهلي لها في الاستمرار بدعم إعلاني محلي مع الاعتماد على تقديم محتوى «بريميوم» مقابل اشتراكات من القراء للحصول عليه.
ويشير هذا البحث الذي جرى في بدايات هذا العام إلى ضرورة إيجاد أساليب جديدة للبقاء في المستقبل لوسائل الإعلام المحلية التي تعتمد حالياً على النشر الورقي وحده.



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».