عون يلوّح بحلّ أزمة اللاجئين السوريين بمعزل عن الأمم المتحدة

وزير شؤون النازحين: الخروج عن إرادة المجتمع الدولي انتحار

الرئيس عون خلال استقباله اعضاء بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات (دالاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال استقباله اعضاء بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات (دالاتي ونهرا)
TT

عون يلوّح بحلّ أزمة اللاجئين السوريين بمعزل عن الأمم المتحدة

الرئيس عون خلال استقباله اعضاء بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات (دالاتي ونهرا)
الرئيس عون خلال استقباله اعضاء بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات (دالاتي ونهرا)

لوّح الرئيس اللبناني ميشال عون باللجوء إلى «حلّ لمشكلة النازحين السوريين في لبنان، بمعزل عن رأي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي»، معتبراً أن قضيتهم «باتت مسألة وجودية تتعلق بأمن لبنان واستقراره وسيادته».
وأعلنت مصادر القصر الجمهوري أن عون «سيطرح ورقة الحلّ في الوقت المناسب»، في وقت حذّر وزير شؤون النازحين معين المرعبي من أن «تحدّي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أشبة بالانتحار». ورأى أن «أقصر طرق العودة هو الضغط على (حزب الله) للخروج من المناطق التي يحتلها، ليعود إليها أهلها».
وقال عون خلال استقباله أمس رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، إيلينا فالنشيانو، على رأس وفد من البرلمان الأوروبي برئاسة جوزيه إيناسيو سالافرانكا، إن «الخلاف الحاصل بين لبنان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في شأن قضية النازحين السوريين، سيدفع لبنان إلى العمل لإيجاد حل لأزمة النازحين بمعزل عنهما»، معتبراً أن «تداعيات النزوح كبيرة جداً على لبنان، خصوصاً أن بنيته التحتية لا تمكنه من استقبال هذا الكم من النازحين، وما يترتب عن الأمر من مسؤوليات وتبعات».
وأشار عون إلى أن لبنان «تحمل ثلاث أزمات على التوالي، هي الأزمة الاقتصادية العالمية، وأزمة الحروب التي اندلعت في المنطقة، وأزمة النزوح السوري الكثيف إلى أراضيه، التي أوقعت الدولة في عجز كبير دفع أوروبا إلى التدخل للمساعدة».
وأوضح أن «لبنان تحمل أزمة النازحين منذ بدايتها، فيما لا يزال المجتمع الدولي يشترط ويربط عودتهم إلى بلادهم بالتوصل إلى حل سياسي». وأضاف: «من غير الجائز أن يكون هناك وعد لحل من دون حدود، وكلنا يعرف أن تسعين في المائة من الأرض السورية باتت آمنة بعد تحريرها من الوجود الإرهابي»، معربا عن خشيته من «وجود مخطط لتقسيم سوريا، وتحمل القسم الأكبر من النازحين إلى أراضينا، نتيجة التغيير السكاني الذي سيحدث بفعل التقسيم».
وتتخوّف أطراف أخرى من اللجوء إلى خطوات ترتّب على لبنان أزمات مع المجتمع الدولي، واعتبر وزير شؤون النازحين معين المرعبي، أن لبنان «عضو مؤسس للأمم المتحدة، ويلتزم بالقوانين والمواثيق الدولية التي ترعى شؤون النازحين». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا توجد أي جهة داعمة للبنان سوى الأمم المتحدة». وقال: «نرى دولاً تتغير ديموغرافياً وتتبدل هوياتها، ودولاً أخرى تقسّم، ونحن بلد صغير لن يجد من يهتمّ به إذا تركنا لمصيرنا، وبالتالي فإن الجهة الوحيدة القادرة على الوقوف معنا هي الأمم المتحدة، في ظلّ وجود عدوين يحيطان بنا، العدو الإسرائيلي من جهة، ونظام الكيماوي في سوريا من جهة ثانية».
ويبدو أن عون حمّل الوفد الأوروبي رسالة واضحة باللجوء إلى الخيارات البديلة، وأعرب عن اعتقاده بـ«عدم سعي أي طرف لحل يعيد هؤلاء إلى أرضهم، في ظل امتناع الأطراف الدولية عن تسهيل توجههم إلى بلدان أخرى». وختم قائلا: «لذلك سنسعى لإيجاد حل لمسألة النازحين السوريين خارج إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ لأن القضية تتعلق بوطننا واستقرارنا وأمننا وسيادتنا». وفيما لم يكشف الرئيس اللبناني عن طبيعة الحلّ الذي سيلجأ إليه، أكدت مصادر قصر بعبدا لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الجمهورية «يحتفظ بهذه الورقة القوية وسيطرحها في الوقت المناسب». وقالت: «لم يعد مقبولاً تصرفات بعض منظمات الأمم المتحدة التي تحرّض النازحين السوريين على عدم العودة، وتحذرهم من الخطر الأمني». وسألت: «أين وعود الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين؟ ماذا فعلت الأمم المتحدة في أزمة قبرص التي لم تجد لها حلاً حتى الآن». وذكّرت مصادر القصر الجمهوري بأن «80 في المائة من المناطق السورية باتت آمنة، ويمكن للسوريين أن يعودوا إليها، كما يحصل الآن مع اللاجئين السوريين في تركيا، الذين بدأوا مرحلة العودة بالآلاف يومياً إلى بلادهم». ومع التسليم بأحقية عودة هؤلاء إلى بلادهم بضمانات دولية، رأى المرعبي أن «أي تحدّ للأمم المتحدة من قبل لبنان هو أشبه بالانتحار»، لافتاً إلى أن «التلويح بالخروج من تحت مظلّة الأمم المتحدة خيار غير مناسب للبلد، وليس من مصلحتنا أن نتحدى المجتمع الدولي، خصوصاً أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يبدوا أي رغبة في التوطين». وأضاف: «لا يجوز اتخاذ مواقف بناء على قراءات خاطئة أطلقها (وزير الخارجية) جبران باسيل، حول الإعلان المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي تحدث في الفقرة 16 عن الوضع في الداخل السوري، وحق العودة الطوعية للمهجرين داخل سوريا بسبب الوضع الأمني»، مبدياً أسفه لأن باسيل «يتاجر بملف النازحين لأسباب انتخابية، وبالتالي لا يجوز جرّ لبنان إلى مشكلة مع المنظمات الدولية، وتخريب علاقاته مع المجتمع الدولي، إلا إذا كانت هناك رغبة لاستتباع لبنان بالمحور الإيراني السوري، وإلحاقه بحلف الإرهاب العالمي الذي يدمّر المنطقة، وهذا لن نسلّم به على الإطلاق».
وتشير الإحصاءات إلى أن نحو مليون و200 ألف نازح سوري دخلوا إلى لبنان، منذ بدأت الحرب في سوريا، خصوصاً من ريفي دمشق وحمص القريبين من الحدود اللبنانية، وهو ما شكّل عبئاً على الاقتصاد اللبناني وعلى البنى التحتية المترهّلة أصلاً. وقال الوزير المرعبي: «نحن أول من يرغب في عودة النازحين إلى بلادهم، وأسهل طريقة لذلك أن يضغط رئيس الجمهورية على (حزب الله) للخروج من القرى السورية التي يحتلها ليعود أهلها إليها»، معتبراً أن «أسرع سبل العودة هو انسحاب (حزب الله) من القلمون السوري وريفي دمشق وحمص التي هجّر أهلها منها بالقوة»، مؤكداً أن «500 ألف سوري من أبناء هذه المناطق يتوقون للعودة إليها فور خروج الميليشيات الإيرانية التي تعيث فيها فساداً وقتلاً وتدميراً، وتغير هويتها وديموغرافيتها».
وختم معين المرعبي: «كل استطلاعات الرأي تؤكد أن ما بين 90 و95 في المائة من النازحين السوريين يرغبون في العودة إلى بلادهم فور استتباب الأمن فيها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.