جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة» بحثاً عن تفاهمات حول النقاط الخلافية

وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا يلتقون في أديس أبابا اليوم

TT

جولة جديدة لمفاوضات «سد النهضة» بحثاً عن تفاهمات حول النقاط الخلافية

بحثاً عن توافق حول النقاط الخلافية لمسار «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتخشى مصر من تأثيره على حصتها من المياه. يلتقي اليوم (السبت) في أديس أبابا وزراء الري من الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، للتوصل إلى توافق قبل الاجتماع التساعي لوزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في منتصف مايو (أيار) الحالي بإثيوبيا. وغادر القاهرة، أمس، وفد فني رفيع المستوى برئاسة الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، إلى العاصمة الإثيوبية، لاستكمال اجتماعات مفاوضات «سد النهضة».
وقالت مصادر مطلعة بوزارة الموارد المائية والري في مصر، إن «الاجتماع يأتي في إطار سعي مصر لحل النقاط الخلافية في المسار الفني، وتأكيداً لما تم الاتفاق عليه بين قادة الدول الثلاث بشأن أهمية الالتزام بتطبيق اتفاق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه عام 2015، خصوصاً ما يتصل بضرورة إتمام الدراسات الخاصة بالسد لضمان تجنب أي آثار سلبية محتملة على دولتَي المصب».
الاجتماع الثلاثي لوزراء الري يأتي بعد يوم من إعلان السودان وإثيوبيا اتفاقهما التام على سد النهضة الإثيوبي، وأكدا عدم تأثر حصة مصر من مياه النيل بسبب إنشاء السد، والعمل على تقليل الآثار السلبية الناتجة عن إنشائه. وقال الرئيس السوداني عمر البشير أول من أمس، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بالخرطوم، إن حكومته تتفق تماماً «مع إثيوبيا على سد النهضة، وإن حصة مصر من مياه النيل لن تتأثر بإنشاء السد... ونحن متوافقون تماماً مع إثيوبيا منذ أن كان سد النهضة فكرة، وتبين لنا أن آثار السد الموجبة أكثر من السلبية».
وفشل ممثلو دولة المنبع (إثيوبيا)، ودولتي المصب (مصر، والسودان) في التوصل إلى اتفاق خلال اجتماع الخرطوم يومي 4 و5 أبريل (نيسان) الماضي، الذي ضم وزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في كل من إثيوبيا والسودان ومصر. وأعلنت الدول الثلاث عقب جلسة مغلقة استمرت 16 ساعة، فشلها في التوصل لاتفاق.
أعقب ذلك الاجتماع، اتهام من إثيوبيا لمصر بأنها سبب فشل اجتماع الخرطوم الثلاثي، إلا أن الخارجية المصرية ردت على ذلك، بأن رغبتها «جادة في التوصل لاتفاق»، وأنها قدمت حلولا عدة لكسر الجمود الحالي. ووجهت مصر بعد ذلك الدعوة لوزراء الخارجية والري ومسؤولي المخابرات في السودان وإثيوبيا لاجتماع بالقاهرة، في إطار صيغة «الاجتماع التساعي» لمسؤولي الدول الثلاث، وفي إطار مهلة مدتها شهر منذ عقد الاجتماع الأول في الخرطوم، وتنتهي في 5 مايو الحالي، إلا أن الاجتماع لم يتم.
وكانت الخلافات في ملف «سد النهضة» قد تم الإعلان عنها عقب انتهاء الاجتماع السابع عشر للجنة الفنية الثلاثية للسد الذي عقد بالقاهرة على مدار يومين بحضور وزراء المياه من الدول الثلاثة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، حيث أعلنت وزارة الموارد المائية والري عن وجود أزمة حقيقية تأجل تفجيرها في الملف منذ تقديم المكتب الفرنسي المنفذ للدراسات تقريره الاستهلالي المتضمن مراحل تنفيذ الدراستين الفنيتين اللتين أوصى بهما تقرير اللجنة الدولية في مايو 2013.
ويتضمن اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015 عشرة مبادئ أساسية أبرزها، تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية، والتعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث. ومنذ نحو ثلاث سنوات دخلت القاهرة في مفاوضات مع إثيوبيا والسودان، غير أنها تعثرت مراراً، جراء خلافات حول سعة تخزين السد، وعدد سنوات عملية ملء المياه... وتنفي إثيوبيا أن السد سيلحق الضرر بأي دولة. وسبق أن أكد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أن مصر تتعامل بمرونة، ولا تتشبث بقواعد، وليس لديها شيء تخشى منه أو شيء تسعى إلى إخفائه، وتتعامل في هذا الملف بانفتاح وشفافية ومصداقية. وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب)، مصدر المياه الرئيسي في البلاد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.