واشنطن تتجه لفرض حصص استيراد... وأوروبا ترفض التهديدات

بروكسل: الحمائية تهدد النمو

TT

واشنطن تتجه لفرض حصص استيراد... وأوروبا ترفض التهديدات

بينما تسعى أوروبا للحصول على إعفاءات دائمة من الرسوم الجمركية الأميركية على صادراتها من الصلب والألمنيوم، من دون الإذعان للضغوط الأميركية التي تطالبها بتقديم تنازلات في المقابل، قال المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، إن كل البلاد التي مُنحت إعفاء من التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على الصلب والألمنيوم ستواجه تخصيص حصة استيراد وقيودا أخرى.
وأضاف نافارو، في اجتماع مع مديري صناعة الصلب في المعهد الأميركي للحديد والصلب وجمعية مصنعي الصلب، قبل توجهه كعضو بوفد التفاوض الأميركي إلى بكين، أن «المبدأ التوجيهي لهذه الإدارة من الرئيس ترمب إلى فريقه، هو أن أي دولة أو كيان مثل الاتحاد الأوروبي، عفي من التعريفات بصورة مؤقتة، ستخصص له حصص وقيود أخرى»، وفقا لمجلة «بوليتيكو» الأميركية. وأشار إلى أن مثل هذه الإجراءات «ضرورية للدفاع عن صناعات الألومنيوم والصلب من الواردات دفاعاً عن أمننا القومي».
وكان ترمب قرر تمديد الإعفاء الضريبي المؤقت للاتحاد الأوروبي حتى بداية يونيو (حزيران) القادم.
من جانبهم، أشاد الحضور بتصريحات نافارو لدعمهم خطوات ترمب لتقييد الواردات بموجب قانون تجاري محدود الاستخدام يُعرف بالمادة 232... لكن من غير المرجح أن تكون قضية الحصص والقيود الأخرى موضع ترحيب من جانب كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، حيث أكدوا مراراً أنهم يتوقعون إعفاءً كاملاً من هذه التعريفات.
وعلى الجانب الآخر، قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، يوم الأربعاء، إن «الاتحاد الأوروبي لن يقبل تهديدات في محادثاته مع الولايات المتحدة لضمان الحصول على إعفاء دائم من التعريفات الجمركية».
وأوضح يونكر في تصريح نقلته قناة «يورو نيوز» الإخبارية أن الاتحاد الأوروبي يريد التأكيد على إعفاءات دائمة وغير مشروطة، مشيراً إلى أن الإجراءات الأميركية لا يمكن تبريرها على أساس الأمن القومي. وتابع: «سنواصل مفاوضاتنا مع الولايات المتحدة ولكن نرفض التفاوض تحت تهديد».
وفي سياق ذي صلة، قالت المفوضية الأوروبية أمس في أحدث توقعاتها الاقتصادية إنه من المتوقع أن يبقى النمو في الاتحاد الأوروبي نشطا خلال العام الحالي، على الرغم من أن التوترات التجارية العالمية مع الولايات المتحدة ما زالت تمثل «خطورة سلبية واضحة».
ومن المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي بنسبة طفيفة ليصل إلى 2.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، عقب أن سجلت أعلى معدل لها منذ عشر أعوام بلغ 2.4 في المائة عام 2017.
وكان المسؤولون يحذرون من أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب للمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية قبل الإضرابات المقبلة. وحذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيير موسكوفيسي من أن «الخطورة الأكبر في هذا التوقع المتفائل هي الحمائية، التي لا يجب أن تصبح الأمر المعتاد». وكتبت المفوضية أن «تصاعد الحمائية التجارية يمثل خطرا سلبيا واضحا للتوقعات الاقتصادية العالمية».
ويتفاوض الاتحاد الأوروبي مع واشنطن للحصول على إعفاء دائم من الرسوم، ولكن تأثير الرسوم على الدول المصدرة الأخرى مثل الصين، يمكن أن يضر باقتصاد أوروبا، وذلك بحسب ما قالته المفوضية.
وقالت المفوضية إن معدل التوظيف في منطقة اليورو في أعلى مستوياته منذ تبني العملة الأوروبية الموحدة، بينما لأول مرة منذ تطبيق قواعد الموازنة الموحدة، من المتوقع أن تسجل جميع دول منطقة اليورو نسبة عجز في الموازنة أقل من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي النسبة التي حددها الاتحاد الأوروبي.
وأشارت المفوضية إلى أن من المخاطر الأخرى التي تحيط باقتصاد منطقة اليورو التوترات الجيوسياسية العالمية بالإضافة إلى الغموض المحيط بنتائج المفاوضات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.