لبنان: وزير الداخلية يؤكد وجود عناصر «داعش» وتوقيف سبعة سوريين بحوزتهم أسلحة في عرسال

خبير بالجماعات الجهادية: لو كان التنظيم موجودا لما تجرأ الجيش على التجول بطرابلس

لبنان يتخوف من إمتداد تنظيمي لـ «داعش» إلى أراضيه (مأخوذة من يوتيوب)
لبنان يتخوف من إمتداد تنظيمي لـ «داعش» إلى أراضيه (مأخوذة من يوتيوب)
TT

لبنان: وزير الداخلية يؤكد وجود عناصر «داعش» وتوقيف سبعة سوريين بحوزتهم أسلحة في عرسال

لبنان يتخوف من إمتداد تنظيمي لـ «داعش» إلى أراضيه (مأخوذة من يوتيوب)
لبنان يتخوف من إمتداد تنظيمي لـ «داعش» إلى أراضيه (مأخوذة من يوتيوب)

تخشى أطراف لبنانية عدة من انتقال التنظيمات الإسلامية المتشددة التي تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد داخل سوريا إلى لبنان، لا سيما مع تكرار ضبط الأجهزة الأمنية اللبنانية لمسلحين ومقاتلين يتسللون عبر الحدود من وإلى لبنان. ولا يتردد مسؤولون لبنانيون ورؤساء أحزاب ومحللون في الإشارة إلى امتداد جبهتي النصرة وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى لبنان، خصوصا بعد تكرار حوادث الانفجارات التي شهدتها أكثر من منطقة خلال الصيف الماضي.
وفي حين يحمل أركان فريق «14 آذار» حزب الله مسؤولية قدوم عناصر «النصرة» و«داعش» إلى لبنان، بعد تدخله في القتال إلى جانب النظام السوري، يتهم فريق «8 آذار» الفريق الآخر الداعم للمعارضة السورية بدعم «التنظيمات التكفيرية» وتلك المرتبطة بتنظيم القاعدة. وساهم التفجير المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانية الشهر الماضي وتبنته كتائب عبد الله عزام المرتبطة بتنظيم القاعدة في تسليط الضوء أكثر على وجود امتداد لهذه التنظيمات المتشددة في لبنان.
وساهم الموقف الأخير الصادر أمس عن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مروان شربل بتأكيد وجود عناصر متشددة في لبنان تابعة لهذه التنظيمات، إذ كشف شربل في مقابلة تلفزيونية أمس أن «تنظيم دولة العراق والشام موجود في لبنان كأفراد»، موضحا أن «الخطورة تكمن في تشكيل تنظيم لها».
ويأتي موقف شربل هذا بعد أيام على تلقيه تهديدا بالذبح عبر شريط فيديو نسب إلى تنظيم «داعش»، على خلفية الإجراءات الأمنية المشددة في مدينة طرابلس، شمال لبنان، إثر الاشتباكات الأخيرة فيها. وقال شربل قبل أربعة أيام إنه «لا يعرف إذا كان التسجيل الصوتي لأحد قياديي (داعش)، الذي يهدده فيه بالذبح، جديا أم لا»، لافتا إلى أن «الجهات الأمنية تأخذ كل معلومة على محمل الجد وتمضي بالتحقيق فيها على هذا الأساس».
وفي وقت ينفي فيه قياديون فلسطينيون في لبنان إيواء أي من عناصر «النصرة» أو «داعش» في المخيمات الفلسطينية، لا سيما مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا، جنوب لبنان، يجزم الداعية الإسلامي والخبير في الجماعات الجهادية عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» بأنه «لا وجود لـ(الدولة الإسلامية) أو (النصرة) أو (القاعدة) على الأراضي اللبنانية»، موضحا أن قضية «وجود أفراد أو تنظيم يحملون عقيدة سلفية أو جهادية لا يقتصر على المسلمين في لبنان، بل لدى كل المسلمين حول العالم».
ويرى فستق أن «الإشارة إلى مسألة تبعيتهم لتنظيم يجمعهم بمثابة اتهام مبطن»، ويضع تصريحات شربل في إطار «التحليلات الشخصية»، متخوفا من ترجمة هواجس شربل وباقي المسؤولين إلى «اعتقالات تعسفية لشباب السنة في مدينة طرابلس».
ويكرر فستق الإشارة إلى أنه «لا وجود لـ(الدولة الإسلامية) أو (النصرة) أو (القاعدة)، لأنها منظمات لها قادتها وأميرها وبيعتها وطريقة عملها، ولو كانت موجودة لأثمر وجودها عمليات نوعية ضد الجيش اللبناني»، على حد تعبيره. ويضيف: «لو كان عناصر (الدولة) موجودين في لبنان لما تجرأت عناصر الجيش اللبناني على التجول في شوارع طرابلس الداخلية ولبدأوا بضرب كل فصيل يوالي (الرئيس السوري بشار) الأسد المجرم».
وعن إمكانية أن توسع الدولة الإسلامية نشاطها ووجودها إلى لبنان، يجيب فستق: «في عقيدة (الدولة) وحتى (جبهة النصرة)، إذا بدأوا بإقامة إمارة إسلامية فهم يعملون على توسيع رقعتها لتشمل، لا بلاد الشام فحسب، بل البلاد العربية كافة ومن ثم الأفريقية، انطلاقا من أن الخلافة هي التمكين في الأرض».
وفي موازاة تطلع وزير الداخلية اللبناني إلى أن «يعالج مؤتمر (جنيف2) المرتقب عقده خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لحل الأزمة السورية وتداعياتها على لبنان، مع وجود ما يقارب مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية»، أوقف الجيش اللبناني، خلال اليومين الأخيرين، سبعة سوريين يحملون أسلحة وذخائر في طريقهم إلى لبنان. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أمس أنه «في إطار الإجراءات الأمنية التي ينفذها الجيش لضبط الحدود، أوقف حاجز الجيش في منطقة وادي الحميد - عرسال قبل ظهر أمس سيارة من نوع (كيا) من دون لوحات قادمة من الحدود السورية، بداخلها أربعة أشخاص من التابعية السورية ومن دون أوراق ثبوتية، وضبط بحوزتهم أسلحة حربية فردية وعدد من الرمانات اليدوية، وقد جرى تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المراجع المختصة لإجراء اللازم».
وكان الجيش اللبناني أوقف ليل السبت / الأحد ثلاثة سوريين وفي حوزتهم أسلحة خفيفة وأجهزة اتصال، كانوا يعبرون الحدود اللبنانية من عرسال على السلسلة الشرقية، في اتجاه بلدة قارة السورية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.