جدل في تونس بسبب عفو الرئيس عن آلاف المتهمين بجرائم مالية

غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي التونسي المعارض.
غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي التونسي المعارض.
TT

جدل في تونس بسبب عفو الرئيس عن آلاف المتهمين بجرائم مالية

غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي التونسي المعارض.
غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي التونسي المعارض.

انتقد غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي التونسي المعارض، قرار العفو الرئاسي الخاص، الذي اتخذه الرئيس الباجي قائد السبسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال لصالح عدد من المتهمين بجرائم شيكات دون رصيد، معتبرا أن إصدار هذا العفو قبل أيام قليلة من التوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحي الانتخابات البلدية «غير بريء وربما يوظف لغايات انتخابية».
وأصدر الرئيس قرارا يقضي بمنح عفو خاص في مجال جرائم الشيكات دون رصيد، واشترط للحصول على العفو أن يدفع المستفيد منه قيمة الشيك، ومستحقات مصاريف عدل التنفيذ، وهي الإجراءات التي ستمكن بالتالي آلاف المواطنين من تجنب عقوبة السجن.
وقرّر رئيس الجمهورية تبعا لمقتضيات القرار تمتيع عدد من المحكوم عليهم في الجرائم المذكورة بعفو خاص، رغم أن عددهم يتجاوز عشرات الآلاف، على أن تُواصل لجنة العفو بوزارة العدل أعمالها باعتماد المقاييس ذاتها للنظر في كل الحالات المعروضة على أنظارها قبل تاريخ 25 يوليو (تموز) المقبل. ووفق مصادر قضائية، فإن عدد القضايا التي عرضت لدى المحاكم الابتدائية بخصوص شيكات دون رصيد، بلغ ما بين 2014 و2015 نحو 120 ألف قضية، وهو ما يمثل حسب عدد من أحزاب المعارضة رصيدا انتخابيا إضافيا سيكسبه حزب النداء، الذي لا يزال الرئيس يتولى رئاسته الشرفية بعد أن أسسه سنة 2012.
وأكدت المصادر ذاتها أن هذا القرار سيشمل من قضوا عقوبة السجن، أو صدرت بشأنهم أحكام غيابية بالسجن وفروا خارج البلاد، علاوة على من سددوا أصل الدين ومصاريف عدل التنفيذ. وفي هذا الصدد، قال برهان بسيس، المكلف الملف السياسي في حزب النداء، إن السياسة «لا تقوم على استقراء النيات، بل على قراءة النتائج»، معتبرا أن العفو الرئاسي «يدخل في صميم صلاحيات رئيس الدولة، وأنا أستبعد أن يكون هذا الإجراء ضمن الدعاية السياسية»، واتهم من يدعم هذا الاتهام بإهانة التونسيين ووعيهم، على حد تعبيره.
وستجرى الدفعة الثانية من الانتخابات البلدية في السادس من مايو (أيار) الحالي، ومن المتوقع أن تشهد منافسة حادة بين حزبي النداء (ليبرالي) والنهضة (إسلامي)، اللذين يمثلان قطبي المشهد السياسي في تونس، ولذلك فإن من شأن هذا القرار أن يضيف أصواتا انتخابية إلى حزب النداء على وجه الخصوص، حسب عدد من المراقبين، وفي هذا السياق، أوضح بسيس أن حزب النداء «يتفق مع هذا الإجراء، الذي جاء في الوقت المناسب لتخليص آلاف المواطنين من عواقب أخطاء ارتكبوها، لكنهم أصلحوا أوضاعهم القانونية بعد ذلك، وهو يصب في خانة تجاوز العقوبة البدنية المنصوص عليها في القانون الجزائي التونسي، في حين أن جل بلدان العالم قد تخلت عن هذه العقوبة».
على صعيد غير متصل، دعا نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال (الاتحاد العام التونسي للشغل) إلى ضرورة ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة لتحقيق أهداف الثورة التونسية في التشغيل، وخلق فرص العمل أمام العاطلين. وأشار خلال موكب رسمي للاحتفال بعيد العمال، حضره الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة) إلى أن إمضاء النقابة على وثيقة قرطاج، التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية، يجعلها تتحمل مسؤولية تنفيذ الأولويات التي تضمنتها، ومن بينها الدفاع عن القدرة الشرائية للعمال، وقيادة المفاوضات حول الزيادات في الأجور، منتقدا خيارات الحكومة في المجال الاجتماعي والاقتصادي، وخاصة ما تعلق بمحاولات التفويت في مؤسسات القطاع العام.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.