وفد أممي يدعو إلى «تحقيق حقيقي» في الجرائم ضد الروهينغا

وفد أممي في ميانمار
وفد أممي في ميانمار
TT

وفد أممي يدعو إلى «تحقيق حقيقي» في الجرائم ضد الروهينغا

وفد أممي في ميانمار
وفد أممي في ميانمار

دعا وفد أممي ميانمار، أمس، إلى إجراء «تحقيق حقيقي» في الفظائع التي تعرضت لها أقلية الروهينغا، وذلك في نهاية زيارة دبلوماسية عالية المستوى إلى المنطقة.
وقام الجيش البورمي بعمليات اغتصاب وقتل للمدنيين الروهينغا بشكل منهجي، كما أحرق قرى خلال عمليات تطهير في ولاية راخين. وشن الجيش حملة التطهير في أغسطس (آب) الماضي في البلد الذي يدين معظم سكانه بالبوذية، ما أدى إلى تهجير نحو 700 ألف من لاجئي الروهينغا إلى بنغلاديش، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وخلال زيارة إلى ميانمار، التقى وفد من الأمم المتحدة رئيسة البلاد أونغ سان سو شي، والجنرال البارز مين أونغ هلاينغ، قائد الجيش الذي تتهمه الأمم المتحدة بالقيام بعمليات «تطهير عرقي». وقالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة كارين بيرس للصحافيين بعد زيارة الوفد لمخيمات اللاجئين في بنغلاديش وراخين: «لكي تحدث المحاسبة، يجب إجراء تحقيق حقيقي». وخلال اللقاء الذي جرى في وقت متأخر الاثنين مع الوفد الأممي، نفى قائد الجيش ارتكاب قواته عمليات اغتصاب أو أي إساءات جنسية خلال حملة القمع التي أمر بها. وقال للوفد إن «الجيش منضبط دائما... ويتحرك ضد أي شخص ينتهك القانون»، بحسب ما نشر بصفحته الرسمية على «فيسبوك» مساء الاثنين.
وتحدثت نساء وفتيات من الروهينغا في بنغلاديش عن تعرضهن للعنف الجنسي، وهي تقارير أكدها مراقبون للنزاع، إلا أن مين أونغ هلاينغ قال إن قواته «ليس لها تاريخ بارتكاب إساءات جنسية». وزعم أن ذلك «أمر غير مقبول في ثقافة ودين البلاد»، مضيفا أن أي شخص يدان بذلك سيعاقب. وأكد قائد الجيش ما ذكرته الحكومة عن استعدادها لقبول اللاجئين الذين يثبتون أنهم من السكان، وفقا لاتفاق إعادتهم المبرم مع بنغلاديش. وبعد عدة أشهر من توقيع الاتفاق، لم يعد أي من اللاجئين إلى البلاد، ويطالب هؤلاء بضمانات لسلامتهم وحق العودة إلى قراهم الأصلية والحصول على الجنسية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.