واشنطن تمدد الإعفاءات الجمركية لأوروبا... وامتعاض في بروكسل

تفاهمات لاتفاق دائم مع الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكوريا الجنوبية

مدّد ترمب فترة الإعفاء التي تتمتع بها أوروبا من قرار رسوم الصلب والألمنيوم شهراً إضافياً (إ.ب.أ)
مدّد ترمب فترة الإعفاء التي تتمتع بها أوروبا من قرار رسوم الصلب والألمنيوم شهراً إضافياً (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تمدد الإعفاءات الجمركية لأوروبا... وامتعاض في بروكسل

مدّد ترمب فترة الإعفاء التي تتمتع بها أوروبا من قرار رسوم الصلب والألمنيوم شهراً إضافياً (إ.ب.أ)
مدّد ترمب فترة الإعفاء التي تتمتع بها أوروبا من قرار رسوم الصلب والألمنيوم شهراً إضافياً (إ.ب.أ)

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أرجأ فرض رسوم الصلب والألومنيوم على كندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك حتى أول يونيو (حزيران) المقبل، في حين توصل إلى اتفاقات مبدئية لإعفاء دائم مع الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكوريا الجنوبية... وقُوبل القرار بامتعاض أوروبي واضح.
وجاء القرار قبل 4 ساعات فقط من انتهاء الإعفاء المؤقت من التعريفة لتلك الدول. وأضاف البيان الصادر عن البيت الأبيض في وقت متأخر مساء الاثنين، أنه سيجري وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاقات المبرمة مع البرازيل والأرجنتين وأستراليا وكوريا الجنوبية خلال فترة قصيرة، دون الكشف عن تفاصيل.
وأضاف البيت الأبيض: «كما تُمدد الإدارة المفاوضات مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي لمدة 30 يوماً للمرة الأخيرة. وفي جميع هذه المفاوضات تركز الإدارة على الحصص التي ستقيد الواردات، وتمنع النقل عبر دول أخرى وتحمي الأمن الوطني». وقال مصدر مطلع على القرار لـ«رويترز»، إنه لن يكون هناك تمديد آخر بعد الأول من يونيو المقبل.
وكان ترمب فرض في 23 مارس (آذار) الماضي رسوماً بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب، و10 في المائة على واردات الألومنيوم، لكنه منح كندا والمكسيك والبرازيل والاتحاد الأوروبي وأستراليا والأرجنتين إعفاءات مؤقتة. ومنح ترمب إعفاءً دائماً لكوريا الجنوبية في إطار مراجعة لاتفاق تجارة حرة سبق أن انتقده بشدة.
وتلقى الأوروبيون بفتور، الثلاثاء، قرار الرئيس ترمب بتمديد الإعفاءات الجمركية المؤقتة، معتبرين أن ذلك يؤدي إلى «إطالة أمد الغموض» في الأسواق من دون أن يضع حداً للمواجهة التجارية.
وكانت إدارة ترمب قد قالت لشركائها التجاريين إن عليهم تقديم تنازلات، لكن الاتحاد الأوروبي أصرَّ على أنه لن يتفاوض قبل الحصول أولاً على إعفاء دائم. وكان تمديد الإعفاء لكندا والمكسيك متوقعاً، فيما كانت مكسيكو وأوتاوا وواشنطن تعيد التفاوض حول اتفاق التبادل الحر الأميركي الشمالي (نافتا).
والعام الماضي صدّر الاتحاد الأوروبي ما تزيد قيمته عن 7.7 مليار دولار من الفولاذ والصلب للأسواق الأميركية. بينما بلغت صادرات كندا من الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة العام الماضي 12 مليار دولار، وصادرات المكسيك 3 مليارات دولار.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، في بيان صباح الثلاثاء، أن «القرار الأميركي يطيل أمد الغموض الذي يسود الأسواق، وبات ينعكس على القرارات التجارية». وتابعت «المفوضية» أنه ينبغي إعفاء الاتحاد الأوروبي «بصورة تامة ونهائية من هذه الإجراءات، لأنه لا يمكن تبريرها بدواعي الأمن القومي».
وأكدت المفوضية الأوروبية، في بيان حاد اللهجة، أن المفاوضات مع الولايات المتحدة ستتواصل لكن «لن نتفاوض تحت التهديد»، مشيرة إلى الاستعداد لمواصلة الحوار، مشددة على أن «أي برنامج عمل مستقبلي بين ضفتي الأطلسي يجب أن يكون متوازناً ومفيداً بشكل متبادل».
وكانت أوروبا قد حددت من جانبها رسوماً عقابية على الواردات الأميركية، ومنها الدراجات النارية الشهيرة «هارلي - ديفيدسون» وسراويل الجينز وويسكي «البوربون»، لكن في الوقت الحاضر ستتواصل المفاوضات.
ورحبت بريطانيا، ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، بقرار ترمب «الإيجابي»، لكنها حذرت من مزيد من التدابير الحمائية من جانب البيت الأبيض. وقال بيان حكومي: «لا نزال نشعر بالقلق إزاء تأثير تلك الرسوم على التجارة العالمية، وسنواصل العمل مع الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى حل متعدد الأطراف لمشكلة الفائض في القدرات الإنتاجية، إضافة إلى إدارة أثر ذلك على الأسواق المحلية».
وأجرت القوى الاقتصادية الثلاث الكبرى في الاتحاد الأوروبي، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، «محادثات أزمة» يوم الأحد الماضي. وقالت الرئاسة الفرنسية فيما بعد إنها اتفقت «على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون جاهزاً للتحرك» إذا ما مضت واشنطن قدماً في فرض الرسوم.
من جانبه، قال بيرند لانغ، رئيس لجنة التجارة الخارجية في البرلمان الأوروبي، إن «إطالة أمد الإعفاء يعتبر خطوة هامة... ولكن يجب ألا تأخذنا بعيداً عن حقيقة أن الإجراءات الأميركية لا تزال تنتهك القانون الدولي، وتهدف إلى تقويض النظام التجاري الأوروبي القائم على قواعد معروفة»، وشدد على أن «هناك حقيقة يجب أن نعترف بها، وهي أن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً موثوقاً به، ولكن الأوروبيين ومعهم شركاءهم الدوليين يجب أن يتعلموا كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع الجديد».
وتقدم النواب بطلب لتخصيص جلسة عامة خلال الأسبوع الحالي لمناقشة كيفية التعامل الأوروبي مع الإجراءات الأميركية بشأن الحديد والألومنيوم.
ومن جهتها، قال أليسيا موسكا، مسؤولة ملف التجارة الخارجية في كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان، إن «الاتحاد الأوروبي يفتخر دائماً بشراكته مع الولايات المتحدة، ولهذا فإن الأصدقاء نتوقع منهم معاملة عادلة وكريمة، وليس ما يحدث الآن من الجانب الأميركي... وفي الوقت نفسه ندعو المفوضية الأوروبية والمؤسسات المعنية إلى مواصلة العمل للحصول على الإعفاء الدائم من التعريفة الجمركية على صادرات الصلب إلى الولايات المتحدة، ومواصلة التعاون في إطار منظمة التجارة العالمية»، مؤكدة أن «الاتحاد الأوروبي أظهر أن قوته تكمن في وحدته».


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

تراجعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة الثلاثاء متأثرة بانخفاض أسهم التكنولوجيا وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المتفائلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

ارتفعت فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس أن الشركات لا تزال تبحث عن عمال رغم تباطؤ سوق العمل بشكل عام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث في فعالية نهاية العام الماضي (أرشيفية - أب)

ترمب: لا صحة حول حصول تغييرات في خطط التعريفات الجمركية

نفى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم الاثنين تقريراً صحافياً ذكر أنّ مساعديه يدرسون خططاً لفرض رسوم جمركية لن تشمل سوى الواردات الأساسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

ارتفاع العقود الآجلة للأسواق الأميركية بقيادة قطاع التكنولوجيا

ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الاثنين، مستفيدة من ارتفاع متأخر الأسبوع الماضي، حيث اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

تراجعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة، الثلاثاء، متأثرة بانخفاض أسهم التكنولوجيا، وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المتفائلة التي أثارت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين بشأن وتيرة تخفيف السياسة النقدية التي قد يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وأظهر تقرير وزارة العمل أن فرص العمل في الولايات المتحدة بلغت 8.1 مليون في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتوقعات الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم والتي كانت تشير إلى 7.7 مليون.

من جهة أخرى، أظهر مسح لمعهد إدارة التوريدات أن نشاط الخدمات في ديسمبر (كانون الأول) سجل 54.1، متفوقاً على التوقعات التي كانت تشير إلى 53.3، ومرتفعاً عن رقم الشهر السابق.

وأدت هذه البيانات التي أظهرت استمرار مرونة الاقتصاد إلى زيادة التوقعات بشأن موعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة هذا العام، حيث يتوقع المتداولون أن يتم ذلك في يونيو (حزيران)، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي 69.82 نقطة أو 0.17 في المائة ليصل إلى 42636.74 نقطة، في حين خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» حوالي 24.88 نقطة أو 0.42 في المائة ليصل إلى 5950.50 نقطة، كما انخفض مؤشر «ناسداك» المركب 154.71 نقطة أو 0.80 في المائة ليصل إلى 19710.27 نقطة.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.677 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ مايو (أيار) 2024، مما ضغط على الأسهم. كما تراجع القطاعان المالي والعقاري، الحساسان لأسعار الفائدة، بينما انخفضت أسهم التكنولوجيا بنسبة 0.8 في المائة، حيث تراجعت أسهم شركة «إنفيديا» الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 2.6 في المائة.

وتركز السوق هذا الأسبوع على بيانات الرواتب غير الزراعية، إلى جانب محاضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، المتوقع إصدارها في وقت لاحق من الأسبوع. وقال روبرت بافليك، مدير المحفظة الأول في «داكوتا ويلث»، إنه يتوقع أن يظل بنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكاً بسياساته الراهنة، ويبدأ في خفض أسعار الفائدة عندما تبدأ قوائم الرواتب في التباطؤ قليلاً، وهو ما سيسهم في تخفيف بعض ضغوط التضخم.

وقال المحللون إن تعهدات حملة ترمب، مثل التخفيضات الضريبية والتعريفات الجمركية والتنظيم المتساهل، إذا تم تنفيذها، يمكن أن تنشط الاقتصاد، لكنها قد تزيد من التضخم وتبطئ من وتيرة خفض أسعار الفائدة. كما أن سياسات التعريفات الجمركية، إذا تم تنفيذها، قد تشعل حرباً تجارية مع أبرز شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

من جهة أخرى، تصدرت أسهم قطاع الرعاية الصحية المكاسب بين قطاعات «ستاندرد آند بورز 500»، بارتفاع بنسبة 1 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسهم شركات تصنيع اللقاحات، مثل «موديرنا»، و«نوفافاكس»، و«فايزر»، في ظل المخاوف الزائدة من إنفلونزا الطيور.

وانخفضت أسهم «تسلا» بنسبة 2.9 في المائة بعد أن خفض «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش» تصنيف السهم إلى «محايد» من «شراء»، مما أثر على قطاع السلع الاستهلاكية التقديرية.

وارتفعت أسهم البنوك الكبرى، مثل «سيتي غروب»، بنسبة 0.3 في المائة بفضل التغطية الإيجابية من شركة «ترويست» للأوراق المالية، في حين ارتفع سهم «بنك أوف أميركا» بنسبة 0.6 في المائة بعد مراجعات إيجابية من ثلاث شركات وساطة على الأقل.