انتخابات المغتربين: مشاركة محدودة ارتكزت على مناصري الأحزاب

خبراء قالوا إن الأرقام تظهر أن المشاركة لم تتجاوز 5 في المائة من المغتربين

مراقبون يتابعون عبر شاشة كبيرة مواقع اقتراع اللبنانيين في 6 دول عربية الجمعة الماضي (أ.ب)
مراقبون يتابعون عبر شاشة كبيرة مواقع اقتراع اللبنانيين في 6 دول عربية الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

انتخابات المغتربين: مشاركة محدودة ارتكزت على مناصري الأحزاب

مراقبون يتابعون عبر شاشة كبيرة مواقع اقتراع اللبنانيين في 6 دول عربية الجمعة الماضي (أ.ب)
مراقبون يتابعون عبر شاشة كبيرة مواقع اقتراع اللبنانيين في 6 دول عربية الجمعة الماضي (أ.ب)

طويت صفحة انتخابات المغتربين اللبنانيين، وسط تقييم متفاوت بين الأطراف المعنية، وإن كانت الصورة العامة تميل نحو نجاح التجربة التي أنجزها لبنان للمرة الأولى في تاريخه. ففي حين تجمع وزارتا الداخلية والخارجية، كما المنظمات المراقبة لهذه العملية، على أنها اتسمت بالحرفية، يتوقف البعض عند نسبة الاقتراع، التي وإن كانت قد وصلت إلى نحو 60 في المائة من نسبة المسجلين، فإن الأرقام الدقيقة تعكس أن المشاركة في أوساط كل المغتربين اللبنانيين لم تتجاوز نسبة 5 في المائة، معظمهم من الحزبيين والمناصرين.
وبعدما كان وزير الداخلية، نهاد المشنوق، قد وصف الانتخابات بمرحلتها الأولى في الدول العربية والأجنبية بـ«التجربة الرائدة»، اعتبر وزير الخارجية، جبران باسيل، أن «لبنان سجل انتصاراً كبيراً لكل اللبنانيين في الانتشار، ونسب اقتراع المغتربين كانت مقبولة جداً، بعكس ما يروج له».
من جهته، يرى أمين عام وزارة الخارجية، هاني شميطلي، أن انتخابات المغتربين كانت تحدياً بالنسبة للدولة اللبنانية، وقد تم إنجازها خلال وقت قصير، من دون أن تسجل خروقات أو ثغرات كبيرة، باستثناء بعض الأخطاء اللوجيستية التي تعتبر طبيعية، ويمكن تجنبها في الاستحقاقات المقبلة.
ويعتبر شميطلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نسبة المشاركة، التي وصلت إلى 59 في المائة من المغتربين المسجلين (انتخابياً) في الدول الغربية مقابل 69 في المائة في الدول العربية، جيدة جداً، متوقعاً أن تسجل مشاركة أكبر في الانتخابات في المستقبل»، مضيفاً: «انخفاض نسبة المسجلين كانت مرتبطة بالأجواء التي كانت سائدة، وشكوك اللبنانيين في إمكانية إنجاز العملية. أما الآن، وبعد نجاحها، فنتوقع أن يصل العدد في الاستحقاق المقبل إلى 300 ألف». ويؤكد شميطلي أن أهمية الانتخابات في تجربتها الأولى تكمن في دلالتها أكثر من نسبة المشاركة التي لا بد أن ترتفع في وقت لاحق.
كان 82900 لبناني قد سجلوا أسماءهم في 39 دولة للمشاركة في الانتخابات، علماً بأن عدد اللبنانيين المتحدرين من أصول لبنانية في الخارج يلامس المليون شخص، وفق شميطلي، بينما يشير الباحث في «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، إلى أن العدد هو نحو 1.3 مليون، منهم 900 ألف يتجاوزون سن الـ21 عاماً، أي مدرجين على لوائح الشطب، التي تضم بدورها نحو 3 ملايين و800 ألف شخص، أي كل لبناني مغترب ومقيم تجاوز سن الـ21 عاماً.
ويلفت شميطلي إلى القانون الذي كان قد أقر أخيراً، والذي يسمح للمغتربين من أصول لبنانية باستعادة الجنسية، حيث بدأ عدد كبير بتقديم الطلبات إلى السفارات للبت بها.
في المقابل، يرى شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة المشاركة في أوساط المغتربين تعتبر عادية، خصوصاً أن كل من تسجل يفترض أنه كان ينوي الإدلاء بصوته، وهو ما لم يحصل، لافتاً إلى أنه انطلاقاً من أن عدد المسجلين شكل نحو 10 في المائة من المغتربين الذين شارك منهم 59 في المائة، فإن هذا يعني أن ما لا يزيد على 5 في المائة من المغتربين اللبنانيين شاركوا في التصويت، وهي نسبة متدنية.
ويضيف: «من هنا، يمكن اعتبار أن الذين أدلوا بأصواتهم هم من الحزبيين والمناصرين وعائلاتهم، بينما فضل الآخرون، ومن لم تتواصل معهم الأحزاب لتأمين مواصلاتهم، عدم المشاركة».
ولا يرى شمس الدين أي تأثير لافت للمغتربين في نتائج الانتخابات، باستثناء «دائرة الشمال الثالثة» (زغرتا بشري الكورة البترون)، حيث يقدر عدد ناخبيها المغتربين بـ12500 شخص.
أما من الناحية التنظيمية واللوجيستية، فيؤكد عمر كبول، المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، أن انتخابات المغتربين أجريت بحرفية لافتة من قبل وزارتي الداخلية والخارجية، منوهاً بفرق عمل وزارة الخارجية، وغرفة العمليات التي كانت تتولى مهمة المتابعة، مع إشارته إلى بعض الخروقات والثغرات.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الإشكالية الأساسية كانت في عدم إرسال صناديق الاقتراع بشكل فوري إلى لبنان، وبقاء عدد كبير منها لليوم التالي في السفارات أو في أمكنة أخرى، وهو الأمر الذي يطرح، وفق المعايير الدولية، علامة استفهام حول العملية الانتخابية». ويلفت كذلك إلى ثغرات أخرى «متعلقة بالأخطاء بلوائح الشطب، وعدم وجود أسماء لعدد من المسجلين، أو ورود أسمائهم في أقلام ضمن مناطق غير تلك التي يعيشون فيها، إضافة إلى العازل الذي ظهر في أحيان على مقربة من الكاميرات الموضوعة في السفارة؛ وقد تم التجاوب للتصحيح بشكل فوري».
كذلك، كان وزير الداخلية قد أعلن أن نحو 400 جواز سفر لأشخاص مسجلين لم تكن قد وصلت إلى أصحابها يوم الاقتراع، الأحد الماضي، ما منعهم من التصويت، مشيراً إلى أنه ستتم استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل عما إذا ممكناً، بموجب القانون، إصدار اجتهاد أو رأي قانوني يسمح بمجيئهم إلى لبنان، ليصوتوا بعد إضافتهم إلى لوائح الشطب، أو استحداث لوائح شطب خاصة لهم بالمناطق أو الأقضية التي سيقترعون فيها.
وفي مؤتمر صحافي عقده باسيل، أمس، في وزارة الخارجية، للحديث عن انتخابات المغتربين، أعلن وزير الخارجية أن «كلفة العملية الانتخابية في 39 دولة بلغت نحو مليون ونصف المليون دولار، فيما بلغت عملية تسجيل اللبنانيين في الخارج 40 ألف دولار»، معتبراً أن «أهم ما في الشكاوى أنها طالت كل التيارات السياسية والمرشحين».
وأكد أن «هناك جهات سياسية في لبنان لديها إمكانية حركة أقل من غيرها في الخارج؛ في طليعتها (حزب الله)، وبالدرجة الثانية حركة أمل، يليهما التيار الوطني الحر، بسبب الوضع السياسي».
وأوضح أن «نسبة الاقتراع العامة للبنانيين في الانتشار بلغت 59 في المائة؛ وهي نسبة جيدة»، مضيفاً: «المحصلة لنسب المقترعين في الخارج هي: أستراليا 58 في المائة، وأوروبا 59.5 في المائة، وأفريقيا 68 في المائة، وأميركا اللاتينية 45 في المائة، والدول العربية نحو 69 في المائة، وأميركا قد تصل إلى 55 في المائة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.