جملة عوامل تجعل أسعار النفط في مسار صاعد

جملة عوامل تجعل أسعار النفط في مسار صاعد
TT

جملة عوامل تجعل أسعار النفط في مسار صاعد

جملة عوامل تجعل أسعار النفط في مسار صاعد

سجلت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً الشهر الماضي على الرغم من التحسن المستمر في إنتاج النفط الصخري الأميركي، وذلك نتيجة استمرار ضيق أساسيات الأسواق وزيادة المخاوف من الأوضاع الجيوسياسية واستقرار مستوى الإنتاج في الدول النفطية الأعلى حضوراً في الأسواق.
وارتفع مزيج برنت بواقع 18 في المائة، مقارنة بمستواه المتدني في فبراير (شباط) من عام 2018، ليتجاوز 74 دولاراً للبرميل. كما ارتفع مزيج غرب تكساس المتوسط بأكثر من 15 في المائة، مقارنة بمستواه المتدني في فبراير، ليصل إلى 68 دولاراً للبرميل. حيث سجل المزيجان أعلى مستويات لهما منذ ثلاث سنوات ونصف 2018.
وارتفعت أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة نتيجة كل من الضربات العسكرية التي وجّهتها أميركا ضد سوريا وزيادة احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، والتراجع المستمر في إنتاج فنزويلا. كما أن احتمال اشتعال نزاع تجاري نتيجة تدهور العلاقات التجارية بين الصين وأميركا خلق خوفاً من ضرر جسيم قد يمس النشاط التجاري العالمي والنشاط الاقتصادي، ومن ثم الطلب على النفط. وتجمع التقارير على أن الأسواق ستتأثر في حال تضرر الطلب العالمي من الحرب التجارية المحتملة، حيث ظهرت نتيجة بعض النزاعات المتصاعدة حول الرسوم التجارية بين أميركا والصين. وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أن تراجع نشاط التجارة العالمية بواقع 5 في المائة قد يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على زيت وقود السفن بواقع 5 في المائة، الذي يشكل بدوره 3.6 في المائة من الطلب العالمي على النفط.
وقال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني: «إذا افترضنا أكثر السيناريوهات تحفظّاً، فمن المتوقع أن تخسر إيران 400 إلى 500 ألف برميل يومياً من صادراتها خلال سنة فقط في حال إعادة فرض العقوبات عليها، إلا أن أي تقديرات تبقى مجرد تكهنات، حيث لا تزال كل من الدول الأوروبية وروسيا والصين ترى أن إيران ملتزمة بضوابط الاتفاق النووي، كما أن الدول المستوردة للنفط الإيراني قد لا توافق على خفض كمية استيرادها في حال عدم وجود ضغط حقيقي من قبل أميركا؛ كالحد من دخولها النظام المصرفي الأميركي».
وقد تقوم دول «أوبك» برفع إنتاجها للتعويض عن التراجع الناتج عن غياب النفط الإيراني، إلا أن ذلك مستبعد نسبياً لأن المنظمة تبذل قصارى جهودها للالتزام ببنود اتفاقيتها وتضييق مستوى الإنتاج قدر الإمكان.
ولا تزال وتيرة تراجع إنتاج فنزويلا سريعة نتيجة انهيار الأوضاع الاقتصادية وشحّ الاستثمار. حيث تشير بيانات «أوبك» خلال شهر فبراير إلى تراجع إنتاج فنزويلا إلى 1.59 مليون برميل يومياً فقط، أي بتراجع 700 ألف برميل يومياً أو بنسبة 31 في المائة. حيث تعاني البنية التحتية النفطية هناك من وطأة سوء الإدارة وتدني التدفقات المالية والمطالب الأجنبية التي تتمثل في تصدير ما يصل إلى 37 في المائة من إنتاجها (أو ما يقارب 600 ألف برميل يومياً) إلى روسيا والصين سداداً لديونها.
وفي حال استمر كل من سيناريو الاقتصاد الفنزويلي وموقف ترمب تجاه إيران، من المحتمل أن ينعكس ذلك على الأسواق بمخاطر تراجع الإنتاج العالمي وعملية خفض الإنتاج الإضافي، لا سيما في ظل ضيق الأوضاع في السوق.
واتجه كثير من مديري المحافظ المالية إلى المراهنة بقوة على ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة. فقد بلغ صافي عمليات البيع الطويلة في عقود برنت الآجلة 632444 عقداً في منتصف شهر أبريل (نيسان)، مما يجعله أعلى مستوى منذ عام 2011. ورغم تكاثف هذه الوتيرة في الأسابيع الأخيرة، فإنها كانت بدأت فعلياً منذ منتصف عام 2017، بعد قرار «أوبك» بتمديد فترة خفض الإنتاج حتى عام 2018، ومنذ ذلك الحين، شهدت أساسيات الأسواق تضييقاً مع سحب «أوبك» 1.9 مليون برميل يومياً من إنتاجها وذلك منذ يناير (كانون الثاني) 2017، ومع تقليل دول منظمة التعاون الاقتصادي الإنتاج والمخزون إلى 2.84 مليار برميل في فبراير، مقارنة بأكثر من 3 مليارات برميل يومياً في بداية عام 2017.
وبالفعل، فقد بيّنت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير أن بإمكان «أوبك» ومن يعاونها من خارج المنظمة بقيادة روسيا تحقيق الهدف المنشود الشهر المقبل، وذلك بخفض المخزونات العالمية إلى مستوى أدنى من متوسط إنتاجهم لفترة خمس سنوات. حيث جاء إنتاج المنظمة وشركائها أعلى من الهدف، وذلك وفق أحدث بيانات متوفرة لشهر فبراير. وقد أشارت منظمة «أوبك» وروسيا الأسبوع الماضي إلى نية الاستمرار بالتعاون حتى ما بعد عام 2018 لدعم توازن السوق.
وقد تراجع إنتاج منظمة «أوبك» إلى 31.9 مليون برميل يومياً في مارس (آذار)، وذلك وفق مصادر ثانوية لـ«أوبك». فقد جاء معظم الانخفاض في الإنتاج من فنزويلا والسعودية وأنغولا، أي بواقع 170 ألف برميل يومياً بالإجمال، وذلك على أساس شهري، مما أدى إلى ارتفاع نسبة التزام المنظمة إلى مستوى قياسي بلغ 163 في المائة خلال شهر مارس، بينما حققت الدول المشاركة من خارج المنظمة نسبة التزام بلغت 90 في المائة في الشهر نفسه.
من جانبها، قامت وكالة الطاقة الدولية بخفض توقعاتها قليلاً بشأن الطلب العالمي إلى 1.5 مليون برميل يومياً في 2018، من 1.6 مليون برميل يومياً العام الماضي. حيث تعكس هذه التوقعات رؤية صندوق النقد الدولي التي تشير إلى ثبات النمو العالمي عند 3.9 في المائة في عامي 2018 و2019 بدعم من الاقتصادات الآسيوية بقيادة الهند.
في الوقت نفسه، سجلت الصين نمواً قوياً في الربع الأول من عام 2018 مع نمو اقتصادها بواقع 6.8 في المائة على أساس سنوي. وتعد وتيرة نمو الاقتصاد الصيني مؤشراً أساسياً للطلب العالمي لكونها أكبر الدول المستوردة للنفط وتشكل 13 في المائة من الاستهلاك الدولي.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع نمو الإنتاج العالمي من خارج منظمة «أوبك» بقيادة النفط الصخري إلى 1.8 مليون برميل يومياً في 2018. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج أميركا بواقع 1.3 مليون برميل يومياً مضاعفاً نموه العام الماضي. وقد بلغ الإنتاج الأميركي 10.5 مليون برميل يومياً في الأسبوع الثاني من شهر أبريل في ظل ارتفاع حفارات التنقيب.
وفيما يخص التوازن في الأسواق، فقد ساهم إنتاج النفط الصخري في التعويض عن أكثر من ثلثي الإنتاج المسحوب من الأسواق من قبل «أوبك» وشركائها منذ بداية العام الماضي. لكن مع قوة الطلب وتزايد الحديث عن إمكانية ظهور عقبات أمام الإنتاج الأميركي، فإنه قد لا يتمكن من التسبب باختلال توازن الأسواق خلال 2018، لا سيما مع وجود توقعات بتسجيل عجز طفيف في الفائض بواقع «سالب 0.4» مليون برميل يومياً في المتوسط.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».