باكستان تمهّد للإفراج عن طبيب ساعد في تعقب بن لادن

اعتقاله كان مصدراً للتوتر بين إسلام آباد وواشنطن

صحف باكستانية في لاهور تصدرها خبر مقتل بن لادن يوم 3 مايو 2011 (رويترز) - شاكيل أفريدي قبل اعتقاله (أ.ب)
صحف باكستانية في لاهور تصدرها خبر مقتل بن لادن يوم 3 مايو 2011 (رويترز) - شاكيل أفريدي قبل اعتقاله (أ.ب)
TT

باكستان تمهّد للإفراج عن طبيب ساعد في تعقب بن لادن

صحف باكستانية في لاهور تصدرها خبر مقتل بن لادن يوم 3 مايو 2011 (رويترز) - شاكيل أفريدي قبل اعتقاله (أ.ب)
صحف باكستانية في لاهور تصدرها خبر مقتل بن لادن يوم 3 مايو 2011 (رويترز) - شاكيل أفريدي قبل اعتقاله (أ.ب)

من المتوقع أن تطلق السلطات الباكستانية سراح شاكيل أفريدي، الطبيب الباكستاني الذي ساعد وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في تحديد موقع أسامة بن لادن بمدينة أبوت آباد بعد أن نقل إلى مدينة روالبندي من مدينة بيشاور التي سجن فيها طيلة 7 سنوات.
وقامت السلطات الباكستانية باعتقال الدكتور شاكيل أفريدي، ولاحقاً حكمت عليه بالسجن مدى الحياة بعد تنفيذ عملية أبوت آباد التي انتهت بمقتل أسامة بن لادن في مايو (أيار) 2011. وكان الدكتور أفريدي ساعد «سي آي إيه» في جمع عينات الحمض النووي لعائلة بن لادن التي كانت تقيم في مجمع منعزل بمنطقة أبوت آباد العسكرية. وقال محامي الطبيب المسجون، إن سلطات السجون الباكستانية نقلته من محبسه، متوقعاً أن يكون ذلك تمهيداً لإطلاق سراحه. وكان استمرار سجن الطبيب أفريدي مصدراً للتوتر بين باكستان والولايات المتحدة التي قلصت مساعداتها العسكرية لباكستان، متهمة إياها بمواصلة توفير الملاذ لمسلحي حركة طالبان الذين يقاتلون القوات الأميركية والأفغانية بعد العبور إلى داخل أفغانستان. وقال مسؤول بإدارة السجون في مدينة بيشاور بشمال غربي البلاد، إن أفريدي جرى نقله إلى سجن أديالا في روالبندي قرب العاصمة إسلام آباد، لكن أسباب ذلك غير واضحة، وقد يكون هذا الإجراء ببساطة لسبب أمني. وأكد قمر نديم محامي أفريدي نقل موكله، لكنه لم يستطع تأكيد مكان وجوده حالياً. ولم يتسنَ الوصول إلى مسؤولين في القضاء أول من أمس، كما لم يتسنَ الوصول إلى مسؤولي سفارة الولايات المتحدة التي تطالب باكستان منذ عدة أعوام بإطلاق سراحه. وقال مسؤول بإدارة السجون في مدينة بيشاور بشمال غربي البلاد، إن أفريدي تم نقله، خلال الساعات الماضية، إلى سجن أديالا في روالبندي، قرب العاصمة إسلام آباد، ما أثار التكهنات باحتمال إطلاق سراحه رضوخاً لضغوط أميركية. وتمر العلاقات الباكستانية - الأميركية بمرحلة توتر بسبب استمرار اعتقال الدكتور أفريدي الذي تعتبره الولايات المتحدة بطل العملية الأميركية التي أدت إلى مقتل بن لادن. وكشفت تقارير صحافية أن السلطات الباكستانية تلقت تقارير استخباراتية مفادها أن القوات الأميركية قد تقدم على محاولة تحرير الدكتور أفريدي من خلال غارة تشنها قوات الكوماندوز الأميركية. ورفض المسؤولون الباكستانيون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» التعليق على تلك التطورات باعتبارها قضية بالغة الحساسية. ولدى سؤال لصحيفة «الشرق الأوسط» عن التطورات في هذا الشأن، رد مسؤول باكستاني بارز قائلاً: «لا أستطيع التعليق على تلك القضية في الوقت الحالي». وقد كرر المسؤولون الأميركيون مطلب الإفراج عن الدكتور أفريدي مراراً وتكراراً خلال زياراتهم لباكستان، نظراً لأن الشعب الأميركي يراه البطل الحقيقي لعملية قتل بن لادن. وتكرر المطلب ذاته على لسان أعضاء الكونغرس الأميركي والدبلوماسيين خلال زياراتهم لباكستان على مدار السنوات السبع الماضية. وحكم على أفريدي بالسجن 23 عاماً بتهمة تمويل الإرهاب، وهي التهمة التي أسقطت عام 2013، لكنه لا يزال يقضي عقوبات عن اتهامات أخرى متعلقة بالإرهاب، بحسب محامي شاكيل. ويواجه الطبيب الباكستاني أيضاً تهمة القتل الخطأ لأحد مرضاه الذي توفي منذ 10 سنوات. وعلق محاميه بالقول إن هذا الحكم ألغي عام 2013، لكنه ظل حبيساً حتى الآن لتهم أخرى متعلقة بالإرهاب.
وواجه أفريدي كذلك محاكمة متعلقة بوفاة مريض قبل أكثر من 10 سنوات. لكن محاميه أوضح أن الحكم الصادر ضده جرى تخفيفه في الآونة الأخيرة إلى السجن 7 سنوات مع الرأفة، وأنه قضى بالفعل هذه الفترة في السجن. وقال نديم لـ«رويترز»: «لذا أعتقد أنه قد يطلق سراحه قريباً جداً». لكن لا توجد أي مؤشرات على إجراءات لإطلاق سراحه. ودعا مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم نشر اسمه، الحكومة الباكستانية، إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة أفريدي. وواجه الدكتور أفريدي تهمة الخيانة بعد أن ساعد «سي آي إيه» في الحصول على عينات الحامض النووي من عائلة بن لادن، ما مهد الطريق أمام قوة أميركية خاصة لاغتيال زعيم تنظيم القاعدة بمدينة أبوت آباد عام 2011. وجرى توجيه الاتهام إلى أفريدي بالخيانة بعد تقارير عن أنه ساعد وكالة المخابرات المركزية الأميركية في جمع عينات من البصمة الوراثية لأفراد في عائلة بن لادن، الأمر الذي مهد لهجوم القوات الخاصة الأميركية الذي أودى بحياة بن لادن عام 2011 في مدينة أبوت آباد. وكان بن لادن متهماً بتدبير هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ضد الولايات المتحدة، التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 3 آلاف شخص. واعتقل أفريدي بعد أيام من العملية الأميركية التي وصفتها باكستان بأنها مثلت انتهاكاً لسيادتها واتهمته بمساعدة إرهابيين.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.