مواجهة متزعم «حراك الريف» بمكالمة عن «برنامج سري»

مغاربة يتسوقون بإحدى الأسواق في ضواحي العاصمة المغربية الرباط (رويترز)
مغاربة يتسوقون بإحدى الأسواق في ضواحي العاصمة المغربية الرباط (رويترز)
TT

مواجهة متزعم «حراك الريف» بمكالمة عن «برنامج سري»

مغاربة يتسوقون بإحدى الأسواق في ضواحي العاصمة المغربية الرباط (رويترز)
مغاربة يتسوقون بإحدى الأسواق في ضواحي العاصمة المغربية الرباط (رويترز)

واجهت محكمة في مدينة الدار البيضاء متزعم «حراك الريف» ناصر الزفزافي الذي يحاكم أمامها ضمن مجموعة من 54 شخصاً متهمين بالمس بأمن الدولة والتآمر ضد الوحدة الترابية للمغرب، بمكالمة هاتفية أجراها مع مهاجر مغربي مقيم في بلجيكا في مارس (آذار) من العام الماضي تضمنت حديثاً عن إعداد برنامج للحراك وإحاطته بسرية تامة ونزول نشطاء من أوروبا إلى الحسيمة للمشاركة في الاحتجاجات.
وفي ردِّه عن سؤال القاضي في المحكمة، مساء أول من أمس، بخصوص فحوى هذه المكالمة، أشار الزفزافي إلى أن الترجمة العربية للمكالمة من طرف ضابط الشرطة القضائية الذي فرّغ محتواها ناقصة ومحرّفة، موضحاً أن تفريغ المكالمة بالأمازيغية يتكون من 40 مقطعاً، في حين أن النص المترجم تضمن 8 مقاطع فقط. والتمس الزفزافي إعادة الاستماع لتسجيل المكالمة وترجمتها من طرف المترجم المحلّف الموجود في القاعة.
واستجاب القاضي طلب الزفزافي. وبحسب المترجم، فإن خالد الشمروكي، المقيم المتصل من بلجيكا، أخبر الزفزافي بأنه سيحل بالحسيمة ويترك زوجته في بلجيكا، مشيراً إلى أنه سيصطحب معه عدداً من النشطاء. وأضاف الشمروكي أنه لم يكن يعتزم المجيء إلى الحسيمة هذا الصيف، غير أنه عندما سمع نداء الزفزافي غيّر رأيه. وطلب المتحدث من الزفزافي العمل مع بقية النشطاء على إعداد برنامج جيّد للحراك وإحاطته بسرية تامة «لأن هناك متربصين وأشخاصاً يمكن إغراؤهم بالمال».
وأوضح الزفزافي أن الأمر كان يتعلق بالإعداد لمسيرة في 20 يوليو (تموز) 2017. وقال إن نشطاء الحراك بعد سبعة أشهر من الاحتجاج السلمي على المستوى المحلي، دون جدوى، قرروا تنظيم مسيرة وطنية بالحسيمة يُسهِم فيها جميع المغاربة لدعم مطالبهم. وقال إن الشمروكي أخبره عن تغيّر أوضاع المهاجرين في أوروبا، وأنه على استعداد للعودة إلى الوطن إذا ما تحسنت الأوضاع.
واستمرت جلسة المحاكمة، التي ووجه خلالها الزفزافي بتسجيلات عدة لمكالماته الهاتفية، إلى ساعة متقدمة من الليلة قبل الماضية، قبل أن يقرر القاضي تأجيلها إلى الاثنين بسبب إصابة المترجم بوعكة صحية وطلب عرضه على الطبيب المداوم في الجلسة.
وقال الزفزافي في خضم رده على أسئلة القاضي حول فحوى المكالمات، إن الملف المطلبي للحراك واضح، ويتضمن مطالب اقتصادية واجتماعية، وليس فيه أي مطلب بخصوص انفصال الريف عن المغرب، مشيراً إلى أن الملف المطلبي لحراك الريف يشمل أيضاً مطالب تتعلق بالمهاجرين، ذكر منها غلاء تذاكر الطائرة، ومشكلات المهاجرين مع الإدارة وسرقة ممتلكاتهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.