ليبيا محور اجتماعات دولية تستضيفها القاهرة

TT

ليبيا محور اجتماعات دولية تستضيفها القاهرة

تحوّلت العاصمة المصرية إلى مركز اتصالات دولية وعربية خاصة بليبيا، في وقت غازلت إيطاليا مجدداً المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، واعتبرت أن عودته من رحلة العلاج يمكن أن «توفر الأمل» في استقرار ليبيا. لكن محمد صوان، رئيس حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، توقف عند ما سماه «رفض» حفتر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تخطط بعثة الأمم المتحدة لتنظيمها في البلاد قبل نهاية العام الجاري.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن ملف ليبيا سيتصدر المحادثات التي سيجريها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في القاهرة اليوم مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وأوضحت الوزارة في بيان نشره موقعها الإلكتروني الرسمي، أمس، أن لودريان سيبحث مع محاوريه قضايا إقليمية في مقدمها ليبيا، مشيرة إلى أن المحادثات ستركز على ما وصفته بـ«التقدم» الذي أحرزته وساطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.
من جانبه، أكد شكري، لدى لقائه مع سلامة، أمس، أن بلاده تبذل قصارى جهدها في التواصل والحوار مع كل الأطراف الليبية، كما أنها مستمرة بكل جدية في استضافة اجتماعات دورية من أجل توحيد المؤسسة العسكرية الليبية بما يسهم في تحقيق الاستقرار ويدعم من جهود مكافحة الإرهاب وتهريب السلاح والهجرة غير الشرعية. وأعرب شكري، وفق بيان أصدره الناطق باسم الخارجية المصرية، عن قلقه من تدهور الوضع الأمني في عدد من المدن الليبية مؤخراً، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من العودة إلى «الدائرة المفرغة للعنف» من جديد.
ولفت إلى دعم مصر للوساطة التي يقودها المبعوث الأممي بغية التوصل إلى حل سياسي شامل وتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات الوطنية الليبية، مع تأكيده على الموقف المصري الثابت بضرورة أن يكون الحل النهائي للأزمة من صنع الليبيين أنفسهم.
ومن المقرر أن يستضيف مقر الجامعة العربية بالقاهرة، غداً الاثنين، اجتماعاً للمجموعة الرباعية حول ليبيا وبمشاركة فدريكا موغيريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وسلامة، وبيير بويويا رئيس بوروندي الأسبق الممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي إلى مالي والساحل. ووضعت الجامعة العربية هذا الاجتماع في إطار التزامها مع الشركاء الدوليين بمواصلة التعاون والتنسيق دعماً للعملية السياسية في ليبيا، و«من أجل مرافقة الأشقاء الليبيين للوصول إلى إتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية المقررة بموجب الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015».
إلى ذلك، اعتبر السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني، أن عودة حفتر إلى ليبيا، بعد رحلته العلاجية مؤخراً من فرنسا، يمكن أن توفر الأمل في استقرار البلد الذي مزقه الصراع في المستقبل.
وقال بيروني في تصريحات صحافية، أمس، إن حفتر قد يساهم في المصالحة الوطنية وفي استقرار ليبيا، معربا عن أمله في أن يكون وجوده بمثابة «قوة موحدة ونأمل أن يتمكن حفتر من توحيد جميع القوى المحلية المختلفة». وتابع: «عودة حفتر إلى المشهد السياسي يمكن أن تساعد البلاد على التحرك نحو الانتخابات الوطنية»، مشدداً على ضرورة الاتفاق على «دستور جديد» وإقرار قانون انتخابي، لافتاً إلى أن «التصويت أمر لا مفر منه لمصداقية عملية المصالحة برمتها».
في المقابل، قال محمد صوان رئيس حزب «العدالة والبناء» (المرتبط بـ «الإخوان»)، إن الحزب يرفض تصريحات حفتر مؤخراً «الرافضة للانتخابات». وأضاف في بيان مقتضب أن «هذا ما يؤكد مخاوفنا السابقة من أي مشروع يهدد الدولة المدنية والنظام الديمقراطي»، معرباً عن التطلع إلى «خطوات تفضي إلى إنهاء الانقسام السياسي وتوحيد مؤسسات الدولة».
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن ترحيبها بكل مبادرات المصالحة بين المجتمعات الليبية والتي تهدف إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى حياة الليبيين اليومية. وقالت البعثة، في بيان، إنها ترحب بجهود المصالحة الأخيرة والاتفاقية الموقعة بين مدينتي مصراتة والزنتان، وتأمل أن تمهد هذه الاتفاقية الطريق لعلاقات سلام وتعاون بين المدينتين.
إلى ذلك، قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة إن القائمة بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا ستيفاني ويليامز، أكدت في اتصال هاتفي معه على موقف بلادها الداعم لجهود التوافق بين المجلس الأعلى للدولة في طرابلس ومجلس النواب في طبرق بشرق ليبيا.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.