زعيم «حماس» يعد بنقل «مسيرات العودة» إلى الضفة الغربية وأراضي 48

مسؤول في «فتح» لـ«الشرق الأوسط»: تصريحات هنية تقع في خانة «المتاجرة الوطنية»

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلف سواتر ترابية في مواجهة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا على الحدود (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلف سواتر ترابية في مواجهة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا على الحدود (أ.ف.ب)
TT

زعيم «حماس» يعد بنقل «مسيرات العودة» إلى الضفة الغربية وأراضي 48

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلف سواتر ترابية في مواجهة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا على الحدود (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلف سواتر ترابية في مواجهة عشرات آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا على الحدود (أ.ف.ب)

تعهد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، بمواصلة «مسيرة العودة الكبرى» ونقلها إلى الضفة الغربية والداخل والخارج، حتى تحقق أهدافها.
وقال زعيم «حماس»، إن المسيرات «أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وأسقطت الصفقات المشبوهة».
وأوضح هنية في احتفال ديني في غزة: «شهر رمضان المبارك سيدخل هذا العام على شعبنا بأم المسيرات»، في إشارة إلى المسيرة الكبرى المتوقعة في منتصف الشهر المقبل، بالتزامن مع ذكرى النكبة الفلسطينية.
وقال هنية: «رمضان يأتي علينا هذا العام في ظل أحداث كبيرة وتحديين، الذكرى السبعين للنكبة، وقرار الإدارة الأميركية نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة». وأضاف: «في رمضان ستكون الحالة الفلسطينية أمام تحديات كبيرة، وسيكون هناك تحولات تاريخية في إدارة الصراع مع الاحتلال». وأردف «هذا الشهر هو شهر الانتصارات».
ووصف قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بتحدٍ استراتيجي للشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية.
وشدد هنية على أن «مسيرة العودة ستسقط الصفقات المشبوهة». وقال: «ظني بشعبنا العظيم أنه سيفسد عليهم (الأميركان والإسرائيليين) هذين العُرسين (الاحتفال باغتصاب فلسطين وانتقال السفارة)».
وتابع: «ستكون صفعة قرن للإدارة الأميركية وكل من يريد أن يتآمر على القضية الفلسطينية، وستكون صفقة حسم مع الاحتلال الإسرائيلي».
وقال هنية، إن مسيرة العودة ستستمر وتتواصل وتنتقل إلى الضفة الغربية، وربما إلى الخارج (مخيمات الشتات).
ومضى يقول: «المسيرة ستستمر، ذروتها ستكون في 15 مايو (أيار) المقبل، إلا أنها تستمر ما بعد ذلك؛ لأن أهدافها استراتيجية ووطنية، كما هي آنية مرحلية كذلك. ستتواصل لما بعد 15 مايو المقبل حتى تحقق أهدافها، والضفة الغربية والداخل المحتلان ومخيمات الشتات سينخرطون بها».
وقال هنية، إن أهمية المسيرة هي في أنها «توجه رسالة تحذير من كل الشعب الفلسطيني لكل من يحاول أن ينخرط في صفقات بيع فلسطين أو التطبيع والاعتراف بالاحتلال».
ووصف هنية المسيرات على حدود غزة بتحولات ضخمة. وقال إن ما «تشهده حدود غزة بمشاركة عشرات الآلاف من الرجال والأطفال والنساء، هو صنع لتحولات ضخمة، وتسديد ضربات للصفقات التي تستهدف القدس وقضية اللاجئين». وأضاف: «إن غزة رغم الجوع والحصار والفقر والعقوبات، تخرج بعشرات الآلاف، بل مئات الآلاف، للمشاركة بالمسيرة».
وأشار إلى أن المسيرة حققت في أسبوعها الخامس أهدافاً كثيرة. «فقد أعادت فلسطين والقضية إلى الواجهة، وحصار غزة، وأحيت الذاكرة من جديد بحق العودة».
مصدر مسؤول في فتح قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة تنظر إلى تصريحات هنية على أنها من باب المتاجرة الوطنية. وأضاف: «حماس تريد لفت الأنظار. تريد أن تظهر نفسها على أنها تقود هذه المظاهرات، وتريد تصعيدها من أجل الاستمرار في التهرب من تحقيق المصالحة (كلمة حق يراد بها باطل)».
وتابع: «يمكن تخليص غزة من كل أزماتها عبر تسليمها للحكومة وليس بإرسال الناس للموت».
وأردف: «حركة فتح تدعم وتحركت وكانت أول من يتحرك في المسيرات السلمية في الضفة وغزة، حتى قبل أن تقول حماس إنها تدعم هذه النهج، عندما كانت تهاجمه. فتح تتحرك في الضفة وفي غزة، ولا تحتاج لمن يقول لها ذلك، وتعمل من أجل ضمان حرية التظاهر وحماية الشعب الفلسطيني».
وأضاف: «بالنسبة للدعوات، وهي ليست جديدة من حماس، من أجل إشعال الضفة، لطالما أرادوا ذلك من أجل أضعاف السلطة ونقل الفوضى وليس لأي سبب وطني».
وبدأ الفلسطينيون في نهاية مارس (آذار) الماضي، تنظيم مسيرات عند حدود قطاع غزة، أطلقوا عليها اسم مسيرة العودة، وهي مظاهرات يومية تصل ذروتها أسبوعياً يوم الجمعة، ويفترض أن تتواصل حتى منتصف الشهر المقبل، وتكتسب زخماً كبيراً مع حلول ذكرى النكبة الفلسطينية.
وقتلت إسرائيل منذ بدء المسيرات 42 فلسطينياً، وجرحت نحو 5 آلاف، بينهم 170 في حالة الخطر.
ويقول الفلسطينيون، إن المسيرات سلمية، وتهدف إلى التأكيد على حق العودة، ومواجهة أي صفقات لتصفية القضية. لكن إسرائيل تقول: إن المسيرات تهدف إلى اختراق الحدود والحواجز مع قطاع غزة.
واتهم الفلسطينيون ومؤسسات حقوقية، وكذلك إسرائيلية، الجيش الإسرائيلي باستخدام الرصاص المميت ضد المتظاهرين العزل. وقال الجيش إنه فتح تحقيقاً في بعض «حوادث» إصابة فلسطينيين وقتلهم.
وتشارك جميع الفصائل الفلسطينية في المسيرات، بما في ذلك «حماس»، لكن كثيرين ينتقدون ما عدّوه محاولات الحركة استثمار هذا الحراك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».