اختفاء ليبيين عائدين من «غوانتانامو»

المدعي العام العسكري بحكومة الوفاق يفر من خاطفيه

عمر أبو بكر خليفة - سالم الغريبي
عمر أبو بكر خليفة - سالم الغريبي
TT

اختفاء ليبيين عائدين من «غوانتانامو»

عمر أبو بكر خليفة - سالم الغريبي
عمر أبو بكر خليفة - سالم الغريبي

اشتكت أسرتا الليبيين المُرحلين من معتقل «غوانتانامو» سالم الغريبي وعمر أبو بكر خليفة، من أن نجليهما لم يصلا بعد إلى منزلهما، منذ الإعلان عن ترحليهما من السنغال مطلع أبريل (نيسان) الجاري، فيما نفى المتحدث باسم «قوة الردع الخاصة» أحمد بن سالم، أن تكون كتيبته تورطت في توقيفهما بحسب ما يتردد، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «ليست لنا علاقة بهذا الأمر، لا من قريب ولا من بعيد».
وكانت الحكومة الأميركية قد أمرت بالإفراج عن أبو بكر والغريبي من معتقل «غوانتانامو» في عام 2016، بعد اعتقال دام نحو 14 عاماً، ورحلتهما إلى السنغال، وفي مطلع الشهر الجاري تقرر ترحيلهما إلى ليبيا لكنهما اختفيا فور وصولهما.
وتتداول أنباء على نطاق واسع في غرب ليبيا عن أن ميليشيات «رحبة الدروع تاجوراء» التي يتزعمها بشير خلف الله، الملقب بـ«البُقرة»، تقف وراء خطفهما؛ لكنها تنفي ذلك.
وكان أبو بكر والغريبي عادا على متن رحلة الخطوط الجوية الليبية القادمة عبر مطار تونس إلى طرابلس، وتم إنزالهما في العاصمة بدلاً من مصراتة، ثم اختفيا في تلك الأثناء. ونقلت وسائل إعلام محلية عن أسرتي أبو بكر والغريبي أن الأسرتين تبحث عنهما، وتتواصل مع كل الجهات الأمنية منذ نبأ وصولهما إلى ليبيا؛ لكن دون جدوى.
وتسيطر ميليشيات مسلحة موالية لحكومة الوفاق الوطني على العاصمة طرابلس، ويشهد محيط مطار معيتيقة الدولي في طرابلس، اقتتالاً متكرراً بين «قوة الردع» التي يتزعمها عبد الرؤوف كارة، وكتيبة «رحبة الدروع» لأهداف توصف بأنها تستهدف الإفراج عن مسلحين من «القاعدة» و«داعش» محتجزين في سجن بالمطار، يقبع فيه نحو 2500 موقوف في قضايا مختلفة.
وتصدى المتحدث باسم «قوة الردع الخاصة» أحمد بن سالم للتقارير المتداولة في شأن ملابسات اختفاء سالم الغريبي وعمر أبو بكر في طرابلس، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ليست لنا علاقة بالمطار ولا بالقادمين عبر الرحلات الجوية». وأضاف بن سالم: «ربما تكون الجهة التي استوقفتهما تتبع جهاز المخابرات الليبي»، رافضاً الإفصاح عن أسباب ذلك، مستدركاً: «وهذا أيضاً غير مؤكد».
وقال مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد عبد الحكيم حمزة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «مصير الغريبي وأبو بكر غامض»، متابعاً: «منذ وصولهما إلى البلاد لم يخرجا من مطار معيتيقة الذي تسيطر عليه قوة الردع الخاصة». ووصف حمزة إخفاءهما بـ«الأمر غير المقبول»، وقال: «إذا كانت هناك تحفظات أمنية أو تهم موجهة إليهما، فالأمر يستوجب أن يتم ذلك بأمر من النيابة العامة، وليس بإجراء غير قانوني». وتابع: «وفي حال وجود تخوف أمني أدى إلى التحفظ عليهما، فيجب أيضاً إعلان ذلك، ولا يترك الأمر غامضاً وكأنها حالة إخفاء قسري».
وقال مصدر برلماني ليبي رفض الإفصاح عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نتوقع أن الليبيين العائدين من معتقل (غوانتانامو) عن طريق السنغال، سيتم اعتقالهما فور هبوطهما في الأراضي الليبية». وأرجع ذلك إلى «خلافات آيديولوجية بينهما وبين ميليشيات (رحبة الدروع) أو (قوة الردع)». واستدرك: «بلادنا لا ينقصها تطرف أو متطرفين، فسالم الغريبي وعمر أبو بكر من المؤكد أنهما تشرّبا بأفكار (التنظيمات الإرهابية)، و(قوة الردع) يُعرف عنها أنها تحارب تنظيم (داعش) و(القاعدة)، وبالتالي ليس مستغرباً اختفاؤهما».
إلى ذلك، فرّ المدعي العام العسكري في حكومة الوفاق الوطني مسعود أرحومة من خاطفيه، بعد نحو 40 يوماً من اعتقاله. ونقلت وسائل إعلام محلية نبأ الإفراج عن أرحومة، أمس؛ لكن نجله خالد قال إن والده تمكن من الهرب فجراً، هو ومرافقوه، مشيراً إلى أنهم «كانوا محبوسين في استراحة، وغافلوا القوات القائمة عليها ولاذوا بالهرب».
وفي منتصف مارس (آذار) دهم مسلحون منزل أرحومة، وخطفوه مع اثنين من مرافقيه، قرب منزله بمنطقة صلاح الدين في العاصمة طرابلس.
وكان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج كلف أرحومة بمهام المدعي العام العسكري بحكومة الوفاق، بعدما كان يشغل وزير الدفاع بالحكومة المؤقتة؛ لكنه استقال في نهاية عام 2015.


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.