إسرائيل تدمر منزل أسير في جنين وسط اشتباكات مسلحة

فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت ببيت الأسير أحمد قنبع الذي دمرته قوات الاحتلال (إ.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت ببيت الأسير أحمد قنبع الذي دمرته قوات الاحتلال (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدمر منزل أسير في جنين وسط اشتباكات مسلحة

فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت ببيت الأسير أحمد قنبع الذي دمرته قوات الاحتلال (إ.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت ببيت الأسير أحمد قنبع الذي دمرته قوات الاحتلال (إ.ب.أ)

دمرت إسرائيل منزلا يعود لأسير في مدنية جنين، فيما أخطرت أصحاب منازل في بلدة قلنديا شمال القدس بالهدم، في تصعيد انتقامي جديد.
وفجر الجيش الإسرائيلي أمس، منزل والد الأسير أحمد قنبع، في مدينة جنين وسط اشتباكات عنيفة.
وحاول فلسطينيون منع القوات الإسرائيلية من هدم المنزل، وأطلقوا نارا تجاهها وهي تقتحم المدينة، ثم اندلعت اشتباكات في محيط منزل العائلة، قبل أن يحاصر الجيش المنزل، ويخلي السكان من المنازل القريبة، ويفخخ المنزل، ثم يفجره ويسويه بالأرض.
وقال الجيش الإسرائيلي «إن شرطية من وحدة حرس الحدود الإسرائيلية أصيبت بجراح طفيفة، بعد أن أطلق فلسطينيون النار على القوات الإسرائيلية داخل مدينة جنين». وألقى الفلسطينيون أيضا الحجارة والزجاجات باتجاه القوات الإسرائيلية، بعد دخولها الجزء الشمالي من المدينة من أجل تنفيذ عملية الهدم، حسب بيان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي.
وتتهم إسرائيل قنبع بالمشاركة في عملية قتل حاخام قبل أشهر في نابلس، إلى جانب آخرين بينهم أولاد العم أحمد جرار.
وتم اتهام قنبع بمحاولة القتل، كما اتهم أيضا بالتآمر لتنفيذ عمليات أخرى. ووفقا للائحة الاتهام، أطلق قنبع مع آخرين النار على حافلة إسرائيلية، وفشلوا في محاولة تسلل إلى مستوطنة دوتان، بالإضافة إلى عدة محاولات أخرى لتنفيذ هجمات ضد إسرائيليين.
وقال محامي قنبع، فادي قواسمة، للمحكمة، إن السلطات الإسرائيلية حصلت على شهادة موكله تحت الإكراه، ولذا يجب إبطالها.
وكان قنبع قد تسلم قرار هدم منزله سلفا، وأقرت ذلك المحكمة العليا الإسرائيلية التي رفضت استئناف العائلة.
وعملت الحكومة الإسرائيلية في فترات متفاوتة على هدم منازل منفذي عمليات ضد إسرائيليين؛ لكنها أوقفت ذلك في عام 2005، وأعادته في عام 2014، وسط جدل حاد في الأوساط الإسرائيلية حول جدوى عمليات الهدم.
وفي القدس وزعت سلطات الاحتلال أوامر هدم ووقف بناء لأكثر من 10 بنايات في بلدة قلنديا شمال المدينة.
وتستخدم إسرائيل هذه السياسة في القدس، بدعوى عدم وجود تراخيص؛ لكن الفلسطينيين يقولون إنها سياسة تهجير من المدينة.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي، إن سياسة الاحتلال الإسرائيلي، بهدم منازل المواطنين في الضفة المحتلة «لن تمنع شعبنا من استمرار المقاومة والجهاد في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم».
ودانت الحركة بشدة سياسة هدم البيوت وتدميرها، مؤكدة «أن هذه السياسة لن تفلح أبدا في كسر روح الصمود، ولن تمنع أبطال شعبنا من استمرار المقاومة والجهاد».
وعدت الحركة «خروج الأهالي لمواجهة المعتدين يدلل على حيوية أبناء شعبنا، وقناعتهم الراسخة بأنه ما من سبيل للرد على جرائم الاحتلال سوى التصدي له، ومواجهته ومقاومته بكل الطرق والوسائل».
كما وصفت «الجبهة الشعبية» هدم المنازل بـ«جريمة صهيونية جبانة لم تحقق يوماً أهدافها في تركيع شعبنا الفلسطيني، وقتل إرادة المقاومة فيه».
وقالت الجبهة: «إن جريمة هدم البيوت هي سياسة صهيونية عنصرية ثابتة وممنهجة، وليست وليدة اللحظة، وهي امتداد لممارسات وإجراءات وقوانين عنصرية، يستهدف فيها الاحتلال الوجود الفلسطيني، أو محاولة فاشلة لضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة، ورفع الروح المعنوية لدى جنود الاحتلال الذين فشلوا في إحباط عمليات المقاومة، وفي مقدمتها عملية نابلس البطولية وغيرها من العمليات، كما أنها محاولة للتغطية على عجزهم وإرباكهم في مواجهة انتفاضة العودة التي يخوضها أبناء شعبنا في القطاع».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.