تضارب الأنباء حول مدن أعالي الفرات ومنافذ العراق الحدودية.. وقصف جوي على بيجي

مقتل أكثر من ألف شخص خلال 17 يوما في العراق

تضارب الأنباء حول مدن أعالي الفرات  ومنافذ العراق الحدودية.. وقصف جوي على بيجي
TT

تضارب الأنباء حول مدن أعالي الفرات ومنافذ العراق الحدودية.. وقصف جوي على بيجي

تضارب الأنباء حول مدن أعالي الفرات  ومنافذ العراق الحدودية.. وقصف جوي على بيجي

في حين كانت المفاوضات لا تزال جارية أمس بين مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» وعشائر حديثة من أجل تسليم المدينة من دون قتال، أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا إن القوات العراقية أحكمت سيطرتها وبشكل كامل على منفذي طريبيل والوليد الحدوديين، غرب الأنبار.
وأكد عطا في مؤتمر صحافي أن «القوات الأمنية تمكنت من استعادة السيطرة وبشكل كامل على منفذي طريبيل والوليد الحدوديين، وجرى تعزيز المنفذين بعدد كاف من القوات الأمنية، وعشائر الأنبار وقفت موقفا بطوليا بمساندة القوات الأمنية في استعادة المنفذين بشكل سريع». وفي السياق نفسه، أوضح عطا أنه جرى «تأمين الطريق الرابط بين بغداد وسامراء بشكل كامل».
من جهته، أكد الشيخ عبد الواحد رشيد، أحد شيوخ عشائر حديثة (210 كلم شمال غربي بغداد)، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسلحين يريدون الدخول إلى مدينة حديثة، وهو ما يرفضه أهاليها وشيوخ عشائرها بشكل قاطع، لأن المدينة تدار بشكل جيد من قبل قوات الشرطة والصحوات وكلها من أهالي المدينة»، مبينا أن «المسلحين لن يتمكنوا من دخول حديثة التي جرى تعزيزها بمقاتلين من أجل مواجهة أي احتمال قد يطرأ على الموقف». وردا على سؤال بشأن سد حديثة، قال رشيد إن «سد حديثة بيد الجيش والقوات الأمنية وقد جرى تعزيز القطعات التي كانت موجودة أصلا هناك لغرض إحكام السيطرة عليه»، مبينا أن «بعض حالات الانسحاب التي قامت بها القوات العسكرية إنما جاءت لأغراض التوجه إلى أماكن أكثر حساسية وأهمية، وهو ما جعل المسلحين يستثمرون الفراغ الحاصل في بعض المناطق لغرض مهاجمتها والسيطرة عليها، علما بأن بعضها جرى دون قتال وبتوافق من أجل تمشية الأمور، مثل ما حصل في راوة التي هي الآن تحت سيطرة أبناء العشائر وتبدو الحياة فيها طبيعية، لا سيما على صعيد الدوائر الخدمية، لكن السيطرة على الأرض هي للمسلحين»، مشيرا إلى «تعدد هويات هؤلاء المسلحين بين (داعش) والبعثيين وثوار العشائر والمجلس العسكري».
بدوره، قال ضابط في الشرطة برتبة رائد إن الجيش في حديثة تسانده قوات العشائر صدوا هجوما صباح أمس لقوات «داعش» وأجبروها على التراجع. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الجيش والعشائر شيدوا سواتر ترابية حول المدينة لمنع تقدم عناصر (داعش)».
وبالتزامن مع ذلك، أعلن مصدر في قيادة عمليات الأنبار أن القوات الأمنية بدأت بتنفيذ عملية تطهير واسعة للمناطق الغربية والمنافذ الحدودية في المحافظة من تنظيم «داعش» والجماعات المسلحة. وقال المصدر إن «العملية العسكرية تشمل تطهير القائم وعانه وراوة والرطبة والشريط الحدودي بين العراق وسوريا والصحراء الغربية، مع تمشيط الوديان والكهوف والمسطحات المائية بغطاء جوي من المروحيات القتالية».
وفي حين تؤكد الحكومة العراقية سيطرتها على منفذي الوليد وطريبيل، أكد الشيخ قاسم الكربولي أحد شيوخ قضاء القائم (340 كلم شمال غربي بغداد) في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «ما حصل في القائم كان قد جرى عبر مفاوضات جرت بين ثوار العشائر والشرطة والصحوات في القائم التي كانت تقاتل إلى جانب الشرطة؛ إذ عقد مؤتمر لكل شيوخ العشائر هناك من أجل أن تلقي الصحوات سلاحها وتعود إلى عشائرها من دون أية ملاحقة»، مبينا أن «قوات الحدود كانت قد انسحبت وتركت الحدود مفتوحة، وهو ما أدى إلى تمشية أمور القضاء من قبل رجال العشائر». وكشف الكربولي أنه «وبعد استتباب الأمور في القضاء، فقد فوجئنا بقوة كبيرة كانت قادمة من النخيب تروم التوجه إلى الموصل عبر القائم وهي تضم أرتالا كبيرة، الأمر الذي أدى إلى منعها من قبل المسلحين، مما دفع القوة إلى البدء بقصف الأحياء السكنية بالهاونات، وهو ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بين السكان». وأشار إلى أن «مسلحي العشائر شكلوا لجانا من أجل منع أي شخص أو جهة يمكن أن تعبث بالمال العام، حيث جرت حماية الأموال والممتلكات»، مبينا أن «منطقة الكرابلة تعرضت لقصف مكثف من قبل طائرات مسيرة، فضلا عن مشاركة الطيران السوري الذي قام بقصف جسر الرمانة وسوق شعبية ومجمع طبي في القضاء، الأمر الذي أدى إلى مقتل 20 مواطنا من أهالي القضاء دون أن يكون هناك رد فعل من الحكومة العراقية».
كما ورد أن الطائرات العراقية قصفت أمس جسرين حيويين على نهر الفرات قرب مدينة القائم كان يستخدمهما المسلحون للانتقال من محافظة نينوى التي يسيطرون عليها إلى محافظة الأنبار.وفي شمال العراق، صدت القوات الحكومية هجمات جديدة على مصفاة بيجي قرب مدينة بيجي (200 كلم غرب بغداد)، التي تعد أكبر مصفاة نفط في العراق، بينما قتل 19 شخصا على الأقل وأصيب 17 بجروح في غارات جوية شنتها القوات العراقية فجر أمس على أحياء في المدينة، وفقا لمصادر مسؤولة وطبية. وقتل أيضا 13 شخصا هم سبعة مسلحين وستة مدنيين في غارات مماثلة استهدفت مدينة القائم، وفقا لما أفاد به شهود عيان.
من ناحية ثانية، أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس، أن أكثر من ألف شخص قتلوا بين 5 و22 يونيو (حزيران) الحالي مع سيطرة مقاتلي «داعش» على أجزاء واسعة من شمال وغرب العراق. وقال الناطق باسم المفوضية العليا روبرت كولفيل في مؤتمر صحافي بجنيف إن «757 مدنيا على الأقل قتلوا و599 أصيبوا بجروح في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين بين 5 و22 يونيو. وقتل 318 شخصا آخر وأصيب 590 آخرون في الفترة نفسها في بغداد ومناطق الجنوب». وطالب، من جهة أخرى، بمحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف تلك. وأضاف الناطق أن «عمليات الخطف مستمرة في محافظات الشمال وفي بغداد»، مشيرا إلى خطف مواطنين أتراك وهنود.
وأوضح كولفيل أن «داعش» بثت عشرات من أشرطة الفيديو التي تظهر «معاملة وحشية وعمليات قطع رأس وقتلا خارج المعارك لجنود وعناصر شرطة وأشخاص استهدفوا على ما يبدو لسبب ديانتهم أو مجموعتهم الإثنية بمن فيهم الشيعة والأقليات مثل التركمان والشبك والمسيحيين والأيزيديين». وفي مايو (أيار) الماضي، لقي أكثر من 900 شخص مصرعهم في أعمال العنف بالعراق، كما ذكرت الأمم المتحدة والسلطات.
كما قتل 19 شخصا على الأقل وأصيب 17 بجروح في غارات جوية شنتها القوات العراقية فجر أمس على أحياء في مدينة بيجي، وفقا لمصادر مسؤولة. وقال مسؤول محلي في بيجي إن «قصفا استهدف بعد الرابعة فجرا (01.00 تغ) أحياء متفرقة في مدينة بيجي أدى إلى مقتل 19 شخصا هم تسع نساء وعشرة أطفال، وإصابة 17 آخرين بينهم نساء وأطفال». وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن «القصف استهدف المسلحين الذين يختبئون في منازل بين الأحياء السكنية». وأكد طبيب في مستشفى بيجي تلقي جثث القتلى، مشيرا إلى أن معظمهم من النساء والأطفال. من جهتها، أعلنت قناة «العراقية» الحكومية في خبر عاجل عن «مقتل 19 إرهابيا من عصابات (داعش) في قصف جوي في بيجي».
يذكر أن مصفاة بيجي، وهي المصفاة الكبرى في البلاد والواقعة بالقرب من المدينة، تتعرض منذ نحو عشرة أيام لهجمات متواصلة من قبل مسلحين نجحت القوات الحكومية الموجودة فيها في صدها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.