تضامن تطالب بوضع استراتيجية شاملة لمحاربة تزويج الأطفال في الأردن

التمسك بضرورة احترام مبدأ مصلحة الطفل كأولوية في تحديد السياسات العامة

TT

تضامن تطالب بوضع استراتيجية شاملة لمحاربة تزويج الأطفال في الأردن

أطلق تحالف «نجود» وجمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» ميثاقاً وطنياً لمحاربة تزويج الأطفال، يتكون من 18 مادة وقّع عليه أفراد ومؤسسات وهيئات في إطار جهود مشتركة ومنظمة بين مختلف مؤسسات المجتمع المدني.
وتشير «تضامن» إلى أنّ إطلاق اسم «نجود» على التّحالف جاء تضامناً وتكريماً للطفلة نجود الأهدل، وهي طفلة يمنية قالت: «لا» لتزويجها، فأصبحت مطلّقة وهي في العاشرة من عمرها، ورغم الحملة العالمية التي رافقت قضيتها إلّا أنّ مستقبلها ظلّ مثقلاً بالتحديات، حتى أنّها لم تتمكن من استكمال تعليمها.
وقد عبر الموقعون على الميثاق عن التزامهم بمحاربة تزويج أي فتاة أو فتى لم يتم الـ18 سنة شمسية كاملة من العمر، كما الإعلان أيضاً عن خطبة أي طفل أو طفلة قبل هذا العمر. وعبّروا عن السعي إلى نشر الوعي والمعرفة بحقوق الطفل المعرف في اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة، وبمخاطر تزويج القاصرات والقاصرين وبأهمية محاربة هذه الظاهرة.
والالتزام بمساندة ودعم الجهود الوطنية للقضاء على هذه الممارسة الخطرة على حاضر ومستقبل الأطفال وحقهم في الترفيه واللعب والصحة والتعليم والنمو، وحقهم مستقبلا في العمل وضمان الحياة الكريمة والاختيار الحر الواعي لشريك/ة الحياة من خلال قرارات رشيدة يتخذونها بإرادة حرة واعية بعد بلوغ سن الرشد. والتمسك بضرورة احترام مبدأ مصلحة الطفل الفضلى كأولوية في تحديد السياسات العامة وسن التشريعات ذات الصلة بالزّواج وبكل ما يتعلق بحقوق الأطفال وفي تصميم وتقديم البرامج والخدمات وفي جميع الإجراءات ذات الصلة.
واعتبار التزويج المبكر شكلا من أشكال العنف ضد الفتيات والفتيان وأنّها في الكثير من الأحيان وحين تنطوي على منافع ومكاسب يمكن اعتبارها شكلا من أشكال الاتجار بالبشر ومن أشكال العبودية المعاصرة، وفي حالة شيوع هذه الممارسات في ظروف الصراعات والحروب أو بسببها أو كنتيجة لها، اعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
والمطالبة بتشديد العقوبات على المخالفين من أولياء الأمور والأشخاص الآخرين ذوي الصلة المشاركين والمتدخلين والمحرضين اللذين يسمحون أو يقترفون تزويج الأطفال عرفياً أو من دون تسجيل عقود الزواج أو يجرون عقود زواج خلافاً للقانون.
والتوجه لمساندة ضحايا هذه الممارسة من أجل الحد من الطلاق المبكر ومن التفكك الأسري ومن الآثار السلبية الصحية النفسية والبدنية، ومعالجة أوجه الحرمان من التعليم والتدريب والعمل والحصول على الخدمات والتّمتّع بالحقوق كنتيجة للتزويج المبكر.
التمسك بأهمية تمكين الفتيات من خلال التعليم والتدريب وإفساح المجال لهنّ لاكتساب المهارات وتنمية القدرات وبناء المعرفة والتمتع بطفولتهن على أساس المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص وتوسيع الخيارات وإعدادهن لأدوار عامة وخاصة يخترنها لأنفسهن بحرية وهو ما نطالب به للفتيان كذلك.
والمطالبة بإلغاء الاستثناءات التي تمنح أولياء القصر إذناً بتزويجهن وتزويجهم وجعل الحد الأدنى لسن الزواج إتمام سن الرشد كما هو منصوص عليه في القانون المدني - وبالتناوب وفي حال إصرار الأغلبية على الإبقاء على الاستثناء مرحلياً - رفع الحد الأدنى لسن المأذون لهن - لهم بالزواج إلى تمام السادسة عشرة من العمر انسجاما مع حكم الدستور باعتبار التعليم إلزامي ومجاني حتى نهاية المرحلة الأساسية أي إتمام السادسة عشرة من العمر، ومع أحكام قانون العمل والتشدد في تطبيق الاستثناء ومنح الأذن إلى أقصى درجة ممكنة.
ودعوة الحكومة في إطار مبدأ مسؤولية الدولة عن حماية حقوق الإنسان، وللجهات المعنية وخاصة المراكز واللجان والمجالس الوطنية لحقوق الإنسان وللمرأة وللأسرة لوضع استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد لمحاربة تزويج الأطفال ذات أهداف وقائية وزجرية وعلاجية تتلازم مع الخطط والاستراتيجيات المتعلقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الأهداف 3 و4 و5 وتطبيقها فعليا ورصد الموازنات اللازمة لذلك.
والمطالبة أيضاً برصد وتوثيق وجمع ونشر البيانات المتعلقة بتزويج الأطفال وآثاره ونتائجه مصنفة حسب النوع ومستوفية شروط المسوح الوطنية لتمكين المهتمين وصانعي القرار من التخطيط الفعال والسليم للقضاء على هذه الممارسة الضارة.
ودعوة قادة الرأي بما فيه القادة الدينيين والمربين والمرشدين والإعلاميين والسياسيين والمفكرين نساءً ورجالا إلى تحمل مسؤولياتهم في محاربة تزويج الطفلات والتبصير بمخاطره وفي التأثير على اتجاهات الآباء والأمهات نحو الامتناع عن اقتراف هذه الجريمة.
ورفض التذرع بالفقر والحاجة كمبرر لتزويج الأطفال لأنّ ذلك يفاقم المشكلة ويضاعف الفقر وتوجهنا للمطالبة بمعالجة الفقر والصعوبات الاقتصادية مباشرة وبعيدا عن التضحية بالأطفال.
والالتزام أيضاً بتقديم خدمات الإرشاد والمساعدة والتدخل الاجتماعي عند الطلب ومن خلال الأخصائيات والاختصاصيين في المجالات الاجتماعية والنفسية والقانونية والتربوية للمساهمة في القضاء على هذه الممارسات الخطرة ومطالبتنا بتعميم هذه الخدمات في مختلف محافظات المملكة.
وتشجيع إجراء مزيد من الدراسات والبحوت العلمية وإنتاج المواد المعرفية للتعرف على الأبعاد والآثار ذات الصلة وإنتاج وتوزيع مواد ترويجية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعرفة بهذه القضية.
وفي نهاية الميثاق أُعلن عن يوم 18 أبريل (نيسان) من كل عام يوما سنويا رمزيا لمحاربة تزويج الأطفال والأسبوع حتى الخامس والعشرين من ذات الشهر أسبوعاً وطنياً للعمل المكثّف لتحقيق أهداف هذا التحالف والاستمرار في ذلك سنوياً حتى تختفي هذه الممارسة تماما وتصبح محظورة بحكم القانون تحت طائلة البطلان والعقوبة المشددة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».