«أيام القاهرة السينمائية» تعرض أبرز الأفلام العربية

«على كف عفريت» التونسي يفتتح المهرجان

لقطة من فيلم «البحث عن أم كلثوم» - لقطة من فيلم «رجل يغرق»
لقطة من فيلم «البحث عن أم كلثوم» - لقطة من فيلم «رجل يغرق»
TT

«أيام القاهرة السينمائية» تعرض أبرز الأفلام العربية

لقطة من فيلم «البحث عن أم كلثوم» - لقطة من فيلم «رجل يغرق»
لقطة من فيلم «البحث عن أم كلثوم» - لقطة من فيلم «رجل يغرق»

رغم جودة العديد من الأفلام العربية، فإنه لم يكن لها مكان داخل دور العرض السينمائية المصرية، إلا في «سينما زاوية» التي تهتم بعرض الأفلام المستقلة المتميزة، بعدما اتخذت مبادرة لعرض أحدث تلك الأفلام التي شاركت سابقاً في مهرجانات عالمية، من خلال مهرجان «أيام القاهرة السينمائية» الذي يلقي الضوء على إنتاجات السينما العربية المستقلة.
ومع النجاح الكبير الذي حققته الدورة الأولى للمهرجان العام الماضي، حيث نال العديد من الأفلام المعروضة إعجاب النقاد، واستحسان الجمهور المصري، تنطلق فاعليات الدورة الثانية من المهرجان، خلال الفترة من 23 حتى 30 أبريل (نيسان)، في سينمات «كريم» و«سينماتيك» بوسط القاهرة، و«سينما الزمالك» بحي الزمالك.
يُفتتح المهرجان بالفيلم التونسي «على كف عفريت» للمخرجة كوثر بن هنية، وتدور أحداثه حول «مريم» التي تلتقي مع «يوسف» ذي الشخصية الغامضة، وتذهب معه إلى مكان معزول، لتبدأ رحلة درامية تستمر حتى بدايات االفجر، تضطر الفتاة خلالها إلى الكفاح بعزيمة وشجاعة لاستعادة كرامتها المهدورة وحقوقها، لكنّ الأزمة أنّ الفتاة عليها إثبات حقوقها أمام الأسماء نفسها التي عرّضتها للمهانة والقهر. وقد عُرض الفيلم سابقاً في عدة مهرجانات سينمائية، منها مهرجان «كان» في دورته السبعين، ضمن قسم «نظرة ما»، والدورة الرابعة عشرة بمهرجان دبي السينمائي الدولي ضمن برنامج «ليالٍ عربية»، بالإضافة إلى مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة.
يعرض المهرجان 34 فيلماً، تتنوع بين الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية، ففي قسم الأفلام الوثائقية يُعرض 10 أفلام بينها 3 من مصر: «نهايات سعيدة»، و«تحدي صورة»، و«سوف تطاردك المدينة»، كما تُعرض 9 أفلام في قسم الأفلام الروائية الطويلة، أبرزها فيلم «البحث عن أم كلثوم»، وتدور أحداثه حول شخصية كوكب الشرق، حيث يستعرض قوتها كامرأة تمكنت من تحطيم واختراق الحواجز والتوقعات الاجتماعية والدينية والسياسية والوطنية في مجتمعها الشرقي، وذلك في صحبة مخرجة إيرانية تحاول صنع فيلمها، وتبحث عن ممثلة مناسبة للقيام بالدور، حتى تجد ضالتها المنشودة مع «غادة». ويعد الفيلم إنتاجاً مشتركاً من شركات ومؤسسات من ألمانيا والنمسا والمغرب وإيطاليا، وتم تصويره في المغرب والنمسا، وقد عُرض سابقاً ضمن قسم «السينما العالمية المعاصرة» بمهرجان تورونتو السينمائي الدولي عام 2017، كما كان الفيلم الافتتاحي لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة.
في قسم الأفلام القصيرة، تُعرض 8 أفلام، منها «رجل يغرق» للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل، وهو إنتاج مشترك بين الدنمارك وبريطانيا واليونان، وتدور قصته حول «فاتح» وهو لاجئ فلسطيني محاط بالمجرمين في شوارع أثينا، يواجه سلسلة من التنازلات المحزنة عليه القيام بها، إذا كان يأمل في النجاة ليوم آخر في حياة المنفى الموحشة. وقد رُشح الفيلم لجائزة أفضل فيلم قصير ضمن جوائز «بافتا» العالمية، والمُقدمة من الأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون، كما فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وعُرض في إطار المسابقة الرسمية بمهرجان «كان» السينمائي الدولي 2017، ومهرجان تورونتو السينمائي الدولي 2017. وفيلم «زيارة الرئيس» للمخرج اللبناني سيريل عريس الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم للفيلم القصير من مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2017، كما عُرض ضمن المختارات الرسمية بمهرجان تورونتو السينمائي الدولي 2017.
وعن الجديد الذي يقدمه المهرجان في دورته الثانية، يقول يوسف الشاذلي، المدير الفني والتنفيذي للمهرجان لـ«الشرق الأوسط»: «يستمر المهرجان في التقليد الذي بدأه العام الماضي الخاص بتنظيم برنامج للاحتفاء بمخرج عربي، من خلال عرض أفضل أعماله، وتنظيم ندوات لمناقشة أعماله، وفي العام الماضي وقع الاختيار على المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي الذي يعده كثير من النقاد رائد الموجة السينمائية الجديدة في لبنان، أمّا في هذا العام فقد قرّرنا الاحتفاء بالمخرج المصري باسم يسري، من خلال عرض فيلمه (رجل الدولاب) الذي تدور قصته حول المخرج نفسه الذي يقرّر السفر إلى الدنمارك في مهمة بحث عن حياة رجل الدولاب، واسمه (كريستيان فانديت يورجنسين)، وهو رجل قرّر الإنزال والعيش داخل خزانة ملابسه منذ عام 1917 حتى وفاته عام 1956. ومن داخل خزانة ملابسه في القاهرة يروي باسم قصة بحثه ذاك لصديقه. يجمع الفيلم بين مواد فيلمية تسجيلية، وأخرى أرشيفية وروائية». ويضيف: «أمّا الجديد الذي استحدثناه في دورة هذا العام، فهو برنامج خاص بعنوان (عن إضراب الصور) يضم 6 أفلام لبنانية وفلسطينية، وتتحدث هذه الأفلام عن مشاهد من واقع الحروب التي شهدتها الدولتان بشكل مختلف من دون أن تتبنى رأياً سياسياً، أو تحاكي الواقع بتفاصيله، ولكنّها فقط تجعل الصورة البطل والمحرك للأحداث. ومن الأفلام المتميزة المُقدمة ضمن هذا البرنامج الفيلم الفلسطيني (تذّكر)، وهو بمثابة جولة بصرية حول مدينة يافا، من خلال مادة فيلمية أرشيفية نادرة ترجع إلى ما بين فترتي الستينات والتسعينات، صُوّرت في أفلام إسرائيلية وأميركية، وقد تخلّص صانع الفيلم، المخرج الفلسطيني كمال الجعفري من الأبطال في المشاهد الأصلية، كما تخلّص منها في الصور التي تحتوي على الممثلين الثانويين وعلى المارة، ليخلق بذلك سجلاً كيانه ذاكرة بصرية في مكان لم يعد موجوداً، وقد عُرض الفيلم سابقاً ضمن المختارات الرسمية في مهرجاني تورينو ولوكارنو عام 2015».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».