رهان على «خلوة السويد» بإقرار مشروع قرار حول سوريا

بحضور غوتيريش ودي ميستورا

مندوبو الدول الـ15 في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في المزرعة السويدية أمس (إ.ب.أ)
مندوبو الدول الـ15 في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في المزرعة السويدية أمس (إ.ب.أ)
TT

رهان على «خلوة السويد» بإقرار مشروع قرار حول سوريا

مندوبو الدول الـ15 في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في المزرعة السويدية أمس (إ.ب.أ)
مندوبو الدول الـ15 في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة في المزرعة السويدية أمس (إ.ب.أ)

التقى، أمس، أعضاء مجلس الأمن الدولي في مزرعة معزولة على الطرف الجنوبي للسويد في مسعى لتخطي انقسامات عميقة حول إنهاء الحرب في سوريا، بالتزامن مع تقديم دول غربية مسودة معدلة لمشروع قرار دولي يتناول الملف الكيماوي والإغاثة وتشكيل لجنة دستورية سورية.
وفي أول خطوة من نوعها للمجلس الذي عادةً ما يعقد جلسته السنوية في نيويورك، دعت السويد، العضو غير الدائم في المجلس، السفراء الـ15 والأمين العام أنطونيو غوتيريش هذه السنة لعقد اجتماعهم غير الرسمي في باكاكرا.
والمزرعة كانت المقر الصيفي لداغ هامرشولد، الذي كان ثاني أمين عام للأمم المتحدة ولقي مصرعه في حادث تحطم طائرة في أفريقيا بشكل غامض عام 1961.
ويقام اللقاء السنوي في العادي في جزيرة لونغ القريبة من نيويورك سيتي، لكن الأمم المتحدة وافقت على دعوة لزيارة السويد.
وشغل هامرشولد منصب الأمين العام للأمم المتحدة في فترة 1953 – 1961، وتوفى في حادث تحطم طائرة في الدولة التي تُعرف الآن باسم زامبيا إلى جانب فريقه الأممي، بينما كان في الطريق للتفاوض لوقف النار في الكونغو.
وتضم المزرعة الواقعة في قلب محمية طبيعية على بعد مسافة قصيرة عن بحر البلطيق، 4 مبانٍ حول باحة وخضعت لأعمال ترميم في السنوات الأخيرة. والجناح الغربي هو المقر الصيفي للأكاديمية السويدية التي تمنح جوائز نوبل للأدب.
وبعيداً آلاف الكيلومترات من نيويورك ودمشق سيناقش المجلس «سبل تعزيز مهمات الأمم المتحدة لحفظ السلام وجعلها أكثر فعالية»، حسب الحكومة السويدية.
وبين الخمسة عشر دبلوماسياً من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، والمندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا.
وانعقد المجلس بشأن سوريا 6 مرات منذ الهجوم الكيماوي المزعوم على دوما في السابع من أبريل (نيسان) الجاري، لكن فشل باستمرار في الاتفاق في شأن الإجراء في أعقابه. وقالت هايلي للصحافيين إنه في حين كان مجلس الأمن قادراً على «الاجتماع وكان قادراً على فرض عقوبات على كوريا الشمالية»، أشارت إلى أنه في سوريا «لم نحقق مثل هذا النجاح. ما زلنا في مأزق».
ورحب رئيس الوزراء السويدي، شتيفان لوفين، بغوتيريش لدى وصوله مطلع الأسبوع إلى منتجع في باكاكرا. كما رحبت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم، بقرار عقد الاجتماع في السويد «التي تؤمن بالحلول السلمية للنزاعات ومنع حدوثها».
وقال نائب السفير السويدي لدى الأمم المتحدة كارل سكاو، إن فكرة الاجتماع هي «لإعادة خلق حوار» و«إطلاق الزخم» بـ«تواضع وصبر»، وذلك بعد أسبوع على ضربات جوية نفّذتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد النظام السوري. وقال سكاو للصحافيين في نيويورك إن الاجتماع «مهم لمصداقية المجلس».
ومع أن النزاع في سوريا لكن يكون الموضوع البارز الوحيد للمحادثات فإنه سيأخذ حيزاً كبيراً من الاجتماع لأنه تسبب في انقسامات عميقة بين أعضاء المجلس في الأشهر القليلة الماضية.
وقال سكاو إن باكاكرا «موقع مناسب وملهم» للتواصل مع قوة الدبلوماسية. وأضاف: «إنه مكان للعمل والابتعاد عن الرسميات والتوصل إلى طرق حقيقية وذات معنى للمضيّ قدماً».
واستهدفت الضربات الغربية في 14 أبريل (نيسان) في سوريا 3 مواقع تقول تلك الدول إنها تُستخدم من جانب نظام الرئيس بشار الأسد لبرنامج للأسلحة الكيميائية. ودمشق متهمة باستخدام أسلحة كيماوية قبل أسبوع على الضربات في هجوم في دوما، المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق.
وينفي الأسد وحلفاؤه الروس مسؤولية سوريا عن تلك الهجمات التي أدت، حسب مسعفين، إلى مقتل 40 شخصاً. لكن الدول الغربية تصر على أن النظام السوري تجاوز خطاً أحمر.
وأدت الضربات التي نُفِّذت من دون قرار من مجلس الأمن، إلى توتر كبير بين روسيا العضو الدائم في المجلس والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
واستخدمت موسكو الفيتو في مجلس الأمن 12 مرة منذ عام 2011. وحذّرت الوزيرة فالستروم، أول من أمس (الجمعة)، من «المبالغة في تعليق الآمال على حل للقضية (السورية) برمتها». وقالت: «قبل كل شيء، نحتاج إلى وقت للتحدث بشأن الدور الطويل الأمد لمجلس الأمن والأمم المتحدة في النزاع السوري».
وينتظر فريق من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في دمشق السماح له بالتوجه إلى دوما. وانتقد بعضُ الدول غير الأعضاء في المجلس عقدَ الاجتماع في السويد. وقال أحد السفراء، طالباً عدم ذكر اسمه، إنه وسط النزاعات التي سيناقشها المجلس ومنها النزاع في سوريا، فإنه من غير الطبيعي أن يسافر المجلس كل هذه المسافة. وتساءل السفير: «ما الذي سيحدث إذ حصل أمر سيئ؟». من المنتظر أن تتصدر سوريا الأجندة.
إلى ذلك، أفاد دبلوماسيون بأن فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا عرضت لشركائها في مجلس الأمن الدولي صيغة معدلة لمشروع قرارها حول سوريا تتناول الجانب الكيماوي والسياسي والإنساني في النزاع.
ولا تزال الدول الغربية الثلاث التي وجهت ضربات عسكرية في سوريا قبل أسبوع رداً على هجوم كيماوي مفترض، تنتظر مشاركة روسيا في المفاوضات.
ويندد المشروع السابق باستخدام الأسلحة الكيماوية في دوما قرب دمشق، في حين تندد الصيغة الجديدة التي حصلت الصحافة الفرنسية على نسخة منها بـ«الإشارة» إلى استخدام هذا السلاح في اليوم المذكور. ونفت روسيا ودمشق استخدام السلاح الكيماوي. كذلك، تتطرق الصيغة المعدلة إلى الجانب الإنساني، وتطلب من الأمين العام للأمم المتحدة «استكشاف سبل» استئناف المفاوضات السياسية.
وفي هذا الصدد، «تشجع» الدول الثلاث «الأمين العام عبر موفده الخاص على تشكيل لجنة دستورية» جامعة، وهي إشارة لم ترد في الصيغة الأولى.
وقد ترحب موسكو بإضافة هذه النقطة بعدما سعت قمة سوتشي التي عُقدت نهاية يناير (كانون الثاني) إلى تشكيل لجنة مماثلة. لكن دمشق عادت ورفضت هذه الفكرة. وفي الأمم المتحدة، لم تحدد أي جلسة مشاورات جديدة، وقال دبلوماسي: «سننتظر الأسبوع المقبل». ولا يبدي العديد من أعضاء المجلس تفاؤلاً بإمكان تحقيق اختراق في ضوء النص الجديد الذي تقدمت به واشنطن وباريس ولندن. وعلق دبلوماسي أوروبي، لم يشأ كشف هويته: «لا نرى سبباً لقبول روسيا بمشروع يتضمن 3 جوانب سبق أن رفضت في شكل منفصل».
والأربعاء، صرح دبلوماسي سويدي خلال إعلانه «خلوة» المجلس: «نحتاج إلى أفكار جديدة حول الجانب السياسي لإحراز تقدم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.