معركة على المقعد الشيعي في جبيل بين «التيار الوطني» و«حزب الله»

TT

معركة على المقعد الشيعي في جبيل بين «التيار الوطني» و«حزب الله»

قبل نحو أسبوعين على موعد الانتخابات النيابية، تحتدم المعركة على المقعد الشيعي الوحيد في دائرة جبل لبنان الأولى، التي تضم قضاءي جبيل وكسروان، علماً بأن المنافسة عليه تنحصر بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بعدما قرر الحليفان السياسيان الافتراق انتخابياً في هذه الدائرة. وقد ارتفعت في الأيام الماضية حدة الخطاب الطائفي بين المرشحين والناخبين، خصوصاً بعد الاستعراض الانتخابي الذي قام به مناصرون لـ«حزب الله» في ميناء مدينة جبيل، حيث الأكثرية مسيحية، إذ رفعوا أعلام «الحزب» وصور مرشحه في جبيل حسين زعيتر على عدد من القوارب ما أثار استياء المرشحين المنافسين وناخبيهم. وقد وجه على الأثر النائب السابق المرشح عن المقعد الماروني في جبيل فارس سعيد نداء إلى أهالي جبيل وكسروان دعاهم فيه إلى «إنقاذ حريّة التعبير وحرية القرار وحرية الملبس والمأكل وأسلوب العيش، وعدم ترك جبيل وكسروان في قبضة أحزاب مسلحة أو أحزاب سلطوية لا تقبل الرأي الآخر».
ويضمّ قضاء كسروان خمسة مقاعد نيابية للطائفة المارونية، أما قضاء جبيل فخصصت له 3 مقاعد نيابية (مقعدان مارونيان ومقعد شيعي واحد)، وقد تم ضم القضاءين في دائرة انتخابية واحدة في ظل القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد النسبية. ويبلغ عدد الناخبين في هذه الدائرة 175328 ناخباً أكثريتهم الساحقة من الموارنة مقابل نحو 19 ألف ناخب شيعي يتركز معظمهم في قضاء جبيل.
ويسعى «حزب الله» حالياً لتأمين الحاصل الانتخابي لضمان فوز مرشحه، علماً بأن هذا الحاصل يبلغ نحو 14 ألف صوت. وتشير مصادر ناشطة على خط الانتخابات في جبيل إلى أن «الحزب» غير بعيد عن هذا الحاصل، لافتة إلى أن «التفاهمات التي يعقدها على مستوى المنطقة جعلته أقرب من أي وقت مضى من تأمين الحاصل». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نحو 19 ألف ناخب شيعي في هذه الدائرة، بينهم 12 ألفاً ملتزمون بقرار (حزب الله)، وسيصوتون للائحته في إطار بلوك واحد، ويبقى عليه أن يؤمن نحو ألفي صوت، ولا نعتقد أنها مهمة صعبة باعتبار أن المرشحين المسيحيين على لائحته قد يؤمنون الأصوات المطلوبة».
ويعتبر النائب السابق فارس سعيد أن فوز مرشح «حزب الله» في جبيل «محسوم»، متحدثاً عن «تمايز انتخابي محسوب ومتفق عليه بين (الحزب) و(التيار الوطني الحر)»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الافتراق الانتخابي بين الحليفين في هذه الدائرة يخولهما كسب عدد أكبر من المقاعد مقارنة بما إذا كانا على لائحة واحدة». ويضيف سعيد: «من أعد قانون الانتخاب هذا سمح لـ(حزب الله) بالدخول إلى جبيل، وصدمة أهالي المدينة ليست بالاستعراض الانتخابي في الميناء، إنما ستكون في 7 مايو (أيار) حين سيستفيقون على واقع جديد بعد نجاح الحزب بإيصال نائب عنه في هذه الدائرة من أصل 8».
ويستغرب القيادي في «التيار الوطني الحر» ناجي حايك الحديث عن اتفاق انتخابي ضمني مع «حزب الله» في قضاء جبيل يقضي بتوزيع الأصوات بما يسمح بفوز مرشحه، معتبراً أنه «لو صح ذلك لكنا تركنا المقعد الشيعي شاغراً على لائحتنا»، مؤكداً أن «الحسابات الانتخابية هي التي فرقت الحزبين في هذه الدائرة ودوائر أخرى كدائرة جزين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقة مع (حزب الله) جيدة وما يحصل لا يفسد في الود قضية». ورداً على سؤال، أوضح حايك أن طبيعة القانون لا تسمح بكسب المقاعد النيابية الـ3 في جبيل، لافتاً إلى أنه «يتم توزيع الأصوات على المرشحين المارونيين، ونعول على عدم تأمين لائحة (التضامن الوطني) (التي شكلها حزب الله وجان لوي قرداحي) الحاصل الانتخابي كي يكون المقعد الشيعي من حصتنا».
وتتنافس في دائرة جبيل - كسروان 5 لوائح انتخابية. الأولى مدعومة من «التيار الوطني الحر» وتضم ربيع عواد عن المقعد الشيعي في جبيل، إضافة للنائبين وليد الخوري وسيمون أبي رميا عن المقعد الماروني في جبيل. أما عن كسروان فتضم العميد المتقاعد شامل روكز، والوزير السابق زياد بارود، إضافة إلى نعمة أفرام، وروجيه عازار، ومنصور البون. أما اللائحة الثانية فشكلها حزب «القوات اللبنانية» وتضم محمود إبراهيم عواد عن المقعد الشيعي، وزياد حواط وفادي صقر عن المقعد الماروني في جبيل، إضافة إلى روك - أنطوان مهنا، وباتريسيا إلياس، وشوقي الدكاش، ونعمان مراد، وزياد هاشم عن المقاعد المارونية في كسروان.
وقد شكل النائبان السابقان فريد هيكل الخازن وفارس سعيد بالتحالف مع «حزب الكتائب» لائحة ثالثة ضمت مصطفى الحسيني عن المقعد الشيعي في جبيل، وفارس سعيد وجان حواط عن المقعد الماروني في جبيل، وفريد هيكل الخازن، ويوسف الخليل، ويولاند خوري، وشاكر سلامة، وجيلبرت زوين عن المقاعد المارونية في كسروان. أما اللائحة التي شكلها «حزب الله» بالتحالف مع الوزير السابق جان لوي قرداحي، فتضم حسين زعيتر عن المقعد الشيعي في جبيل، وبسام الهاشم وجان لوي قرداحي عن المقعد الماروني في جبيل، وكارلوس أبي ناضر، وجوزيف الزايك، وجوزف زغيب، وزينة الكلاب وميشال كيروز عن المقاعد المارونية في كسروان.
كذلك تشارك في المنافسة لائحة شكلها المجتمع المدني، يستبعد خبراء انتخابيون أن تتمكن من تأمين الحاصل الانتخابي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.