حزب الاستقلال المغربي يقرر الانتقال إلى المعارضة

TT

حزب الاستقلال المغربي يقرر الانتقال إلى المعارضة

قرر حزب الاستقلال المغربي أمس الانتقال إلى المعارضة، وسحب المساندة النقدية للحكومة، التي يرأسها سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية.
وجاء قرار الحزب خلال انعقاد مجلسه الوطني (برلمان الحزب) أمس في دورته العادية، والذي قرر أعضاؤه بالإجماع الاصطفاف في صفوف المعارضة.
وقال نزار بركة، الأمين العام للحزب، إن الموقع الطبيعي للحزب في المشهد السياسي هو الاصطفاف في صفوف المعارضة، وعزا ذلك إلى «تغلغل التوجهات الليبرالية غير المتوازنة في مفاصل وبنيات الاقتصاد الوطني، وهدر زمن وفرص الإصلاح من قبل الحكومة في مواجهة التحديات، وبطء وتيرة الأداء الحكومي في الوفاء بالالتزامات، والاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين، واكتفاء الفريق الحكومي بتدبير إكراهات اليومي، وإعلان النوايا في غياب الاستباقية والبعد الاستراتيجي».
ووصف بركة معارضة حزبه بأنها «معارضة معبأة للدفاع عن القضية الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، والمساهمة الفاعلة في الدبلوماسية الموازية، ومعارضة مشاركة في التحولات والإصلاحات الكبرى بالبلاد؛ بالترافع والقوة الاقتراحية، وبلورة الحلول والبدائل الواقعية القابلة للتحقيق، وتحترم ذكاء المواطن، كما تحرص على إسماع الرأي الآخر، والصوت غير المسموع داخل المجتمع والمؤسسات».
وكان حزب الاستقلال قد اختار ممارسة المساندة النقدية للحكومة عندما كان حميد شباط أمينا عاما للحزب، لا سيما بعد أن وافق رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران على مشاركته في الحكومة، وهو ما لم يحدث بسبب ضغوط مورست على ابن كيران، جراء مواقف شباط المثيرة للجدل اتجاه بعض القضايا، ودخوله في مواجهة مع السلطة.
وبانتقاله إلى المعارضة يكون حزب الاستقلال قد تخلص بشكل كلي من تركة شباط. وفي هذا السياق استعرض بركة رؤية حزبه الجديدة للممارسة السياسية من موقع المعارضة، وقال إن الأمر يتعلق بـ«معارضة تقوي الأدوار المنوطة بالمؤسسة البرلمانية في التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وتأطير المواطنين ودينامية الحياة السياسية»، موضحا أن هذه الرؤية الجديدة للممارسة السياسية تقوم على 4 مرتكزات، هي التفاعل مع المواطنين والإنصات إلى حاجياتهم وانتظاراتهم، وتقديم البدائل ومواجهة الصعوبات والتعقيدات التي تواجهها البلاد، ثم ترجمة حاجيات وانشغالات المواطنين إلى تدابير عملية قابلة للتطبيق». وشدد بركة على أن اليوم هناك ضرورة لإبرام تعاقدات مجتمعية كبرى حول استحقاقات ومسالك الإصلاح الجديدة والقادمة، وذلك بهدف صياغة التوافقات اللازمة حول القضايا والاختيارات ذات الأولوية».
من جهة أخرى، قال بركة إن حزبه «يملك تصورا متميزا ومتكاملا للنموذج التنموي الجديد الذي سيعتمده المغرب»، يؤسس لمفهوم جديد للتنمية البشرية المستدامة، ويهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي منصف ومتوازن، وواثق في مؤسساته ومستقبله.
وبشأن موقف الحزب من التطورات الأخيرة لقضية الصحراء، قال بركة إن حزب الاستقلال «تابع بانشغال وتعبئة كبيرين تطورات القضية الوطنية في الأشهر الأخيرة، ومواصلة خصوم وأعداء الوحدة الترابية لمناوراتهم واستفزازاتهم للتشويش على مسار تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تحت إشراف الأمم المتحدة». مشيرا إلى أن حزبه يرفض «أي تطاول على الأراضي المغربية، بما فيها تغيير الوضع القانوني والتاريخي لما يسمى بالمنطقة العازلة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني؛ كما يرفض أي تحريف أو تشويش على مسار تسوية هذا النزاع المفتعل خارج الإطار الأممي؛ وكذا تحريف في مسار المفاوضات يعفي الجارة الجزائر من مسؤوليتها في إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل».
ومن أبرز نقاط جدول أعمال المجلس الوطني للحزب المنعقد أمس في الرباط انتخاب رئيسه، وهو المنصب الذي يتنافس عليه 4 قياديين بعد إعلان الوزير السابق كريم غلاب عن سحب ترشيحه صباح أمس. وفي هذا الصدد عقدت اللجنة التنفيذية للحزب اجتماعا سابقا مساء الجمعة، استمر حتى منتصف الليل في محاول للخروج بتوافق بين قيادات الحزب حول مرشح وحيد لرئاسة المجلس الوطني للحزب. غير أن اللجنة التنفيذية لم تتمكن من حسم هذا الأمر، وأعلنت ترشيح خمسة قياديين لرئاسة المجلس، هم ياسمينة بادو، ونور الدين مضيان، ورحال المكاوي، وكريم غلاب، وعبد الإله البوزيدي. غير أن الوزير السابق غلاب أعلن في تدوينة له أمس عن سحب ترشيحه، لتبقى المنافسة بين القياديين الأربعة.
ويرتقب أن تعرف انتخابات رئيس المجلس الوطني للحزب تجاذبا كبيرا بين تيار ولد الرشيد، الذي يساند رحال المكاوي، وتيار الأمين العام للحزب نزار بركة، الذي يدعم نور الدين مضيان.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».