الأغذية السوبر... فوائد حقيقية أم خدع تسويقية؟

الأغذية السوبر... فوائد حقيقية أم خدع تسويقية؟
TT

الأغذية السوبر... فوائد حقيقية أم خدع تسويقية؟

الأغذية السوبر... فوائد حقيقية أم خدع تسويقية؟

هناك حملات تسويق هائلة سواء في منافذ السوبر ماركت أو من المنتجين أنفسهم حول فوائد ما تسمى بالأغذية السوبر. وتقبل فئات كثيرة على هذه الأطعمة على أساس أنها مفتاح الصحة والعمر المديد بينما ينصح الأطباء بالوجبات الغذائية المتوازنة كأساس لجسم صحي.
هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) وهي بمثابة وزارة الصحة الرسمية تناولت ما ينشر عن الأطعمة السوبر واختبرت مجموعة أطعمة تنتمي إلى الفئة السوبر لكي تضع النقاط على الحروف حول ما يشاع عن فوائد هذه الأطعمة.
وبداية تقول الهيئة إن لفظ الأطعمة السوبر ليس له تعريف معين أو حصري، كما أن الاتحاد الأوروبي يرفض ادعاءات الفوائد الصحية على مغلفات الأطعمة من دون دليل علمي. ولكن حتى هذه الشروط لم تمنع منتجي بعض الأطعمة من تمويل برامج أبحاث طبية من أجل اكتشاف فوائد صحية يمكن أن تستخدم في الدعاية لمنتجاتهم.
وتستغل شركات إنتاج الأغذية السوبر توجه أجيال جديدة نحو أنماط حياة صحية بما في ذلك اتباع «ريجيم» معين ومأكولات تخفض مخاطر أمراض القلب والسرطان. وتريد هذه الشركات إقناع العامة أن تناول مأكولات بعينها يمكن أن يمنع هذه الأمراض أو يؤجل الشيخوخة. بل تذهب بعض الشركات إلى ادعاء أن أطعمة بعينها يمكن أن تعالج الكآبة وأن ترفع الذكاء وأن تعزز القدرات الجسمانية.
ويعتقد البعض أن طعاما معينا يمكنه أن يتضمن مضادات للأكسدة من شأنها معالجة الخلايا المريضة في الجسم. وتقول هيئة الخدمات الصحية البريطانية إن معظم الأبحاث الطبية تجري على كيماويات مركزة من هذه الأطعمة لا توجد في الصيغة الطبيعية للخضراوات أو النباتات التي تكتسب صفة «سوبر».
وعلى سبيل المثال تقول الهيئة إن الثوم يحتوي على مادة غذائية تقلل من الكولسترول وضغط الدم، ولكن الاستفادة من هذه الخصائص تتطلب تناول 28 فصا من الثوم يوميا لكي تعادل الكمية التي تم اختبارها في المعامل، وهي كمية لم يجرب تناولها الباحثون أنفسهم.
وبوجه عام فإن الأطعمة التي يطلق عليها لفظ «سوبر» غنية في مضادات الأكسدة والفيتامينات ومادتي السيلينوم وأوميغا - 3. ومضادات الأكسدة هي كيماويات تحمي الجسم من الآثار التي تفرزها جزيئات شاردة (Free Radicals) تضر بالخلايا الحية.
ولكن هيئة الصحة البريطانية تعترف أن نتائج الأبحاث على الفوائد الصحية لمضادات الأكسدة لم تحسم بعد. وتضيف أن هيئة سلامة الأغذية الأوروبية لم تجد أي دليل في تجارب معملية على أن تأثير مضادات الأكسدة على الجزيئات الشاردة مفيد للصحة. بل إن بعض الأبحاث أشارت إلى احتمال وجود أضرار جانبية لأدوية مضادات الأكسدة.
واستنتجت الهيئة البريطانية أن وجود «أغذية سوبر» تنجز معجزات ما هو إلا خيال علمي بحت وأن الشيء المثبت بالفعل هو أن السمنة وتناول الكحول هما من أهم أسباب الأمراض في المدى البعيد ويؤديان إلى الوفاة المبكرة.
أما النصيحة المستقرة طبيا فهي أهمية الريجيم المعتدل المتنوع للصحة، حيث إن التركيز غير المبرر على نوع واحد أو نوعين من الطعام قد يشجع على أسلوب حياة غير صحي. فلا يوجد طعام سوبر يمكن أن يعوض عن عادات طعام غير صحية.
وتقول أليسون هورنبي رئيسة هيئة الريجيم البريطانية إن البعض يعتقد خطأ أن عادات غير صحية لتناول الأطعمة يمكن معالجتها بطعام سوبر. وبينما يستمر هؤلاء في عادات الطعام غير الصحية فإنهم يخاطرون بأمراض على المدى الطويل. ويفضل أخصائيو الغذاء عدم استخدام لفظ الأطعمة السوبر ويستعيضون عنه بلفظ الريجيم السوبر الذي يركز على خيارات صحية ومتنوعة، غنية بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
وتشير هيئة الصحة البريطانية إلى ما يسمى «ريجيم البحر المتوسط» الذي يمكن أن يخفض من مخاطر الأمراض المستعصية ويزيد من سنوات العمر. ويشمل هذا الريجيم فواكه وخضراوات وزيت الزيتون ونسب أقل من اللحم ومنتجات الألبان بالمقارنة مع الريجيم الغربي.
وتقول هورنبي إن الريجيم الصحي لا يعتمد على نوع أو نوعين من الطعام مع أمل أن يحقق ذلك نقلة نوعية في الصحة. فكل الأطعمة التي لم تصنع من جميع الأنواع يمكن اعتبارها سوبر، فجميعها مفيد ضمن وجبات صحية متنوعة. وتشير المطبوعات الصحية إلى ضرورة تناول أطعمة متنوعة للحصول على المواد الغذائية التي يحتاجها الجسم، وبالتركيز على تناول خمسة أنواع مختلفة من الفواكه والخضراوات يوميا.
وشاركت هيئة الصحة البريطانية في أبحاث شركات متخصصة من أجل فحص بعض نماذج من «الأطعمة السوبر» لاكتشاف ما إذا كانت ادعاءات فوائدها صحيحة، وكانت النتائج التالية:
- التوت الأزرق (Blueberries): أجريت دراسة في عام 2012 على 93 ألف امرأة تناولت ثلاث وجبات من التوت الأزرق والفراولة أسبوعيا وكانت النتيجة هي انخفاض في نسبة الإصابة بالصدمات القلبية بالمقارنة من نساء أخريات تناولن التوت الأزرق مرة واحدة أو أقل شهريا. ولكن الدراسة لم تثبت أن التوت الأزرق كان هو سبب انخفاض مخاطر أمراض القلب لدى النساء. ومع ذلك أضافت أبحاث طبية أخرى أن التوت الأزرق يرخي جدران الشرايين ويخفض ضغط الدم ومن خطر تصلب الشرايين. والنصيحة هي اعتبار التوت الأزرق مفيدا ضمن مجموعة الفواكه والخضراوات التي يتعين تناولها يوميا من أجل الحفاظ على الصحة العامة.
- القرنبيط الأخضر (Broccoli): ويقول عشاق هذا النبات الأخضر إنه يحمي من السرطان ويمنع ضغط الدم العالي وأمراض القلب والسكر. وهو مصدر جيد لفيتامين ج وعناصر الكالسيوم والألياف ومضادات الأكسدة. وتشير الأبحاث إلى أن تناول الخضراوات بوجه عام يخفض من مخاطر بعض أنواع السرطان مثل سرطان الفم والحلق والمعدة. ويحتاج القرنبيط الأخضر إلى المزيد من الأبحاث لإثبات فوائده الغذائية المعلنة. ولم يوجد إثبات على أن القرنبيط الأخضر يخفض ضغط الدم ولكنه يخفض من نسب الكولسترول ويخفف من أعراض مرض السكر مثل تلف أطراف الأعصاب في القدمين ولكنه لا يمنع مرض السكر. وهو مفيد ضمن غذاء صحي متنوع ويكفي 80 غراما منه يوميا.
- الأسماك الزيتية (Oily Fish): مثل السلمون والسردين، وهي تشتهر بحماية الشرايين ضد أمراض القلب وتحمي النظر ويمنع أمراض البروستاتا. كما أنها مصدر مهم لفيتامينات بـود، ومادتي السلينيوم وأوميغا - 3. وأثبتت الأبحاث الطبية صحة هذه الفوائد وأضافت إليها أيضا فائدة خفض ضغط الدم وتنظيف الشرايين. والنصيحة العامة هي تناول وجبتين أسبوعيا من الأسماك الزيتية. ولا يوجد إثبات طبي لفوائد هذه الأسماك على البروستاتا أو تأجيل مرض الزهايمر. ولكن الأسماك الزيتية تحافظ على النظر لدى كبار السن. وبصفة خاصة يمكن اعتبار الأسماك الزيتية مفيدة للقلب.
- الرمان (Pomegranate): ويقال إنه يخفض ضغط الدم ويمنع أمراض القلب والالتهابات وبعض أنواع السرطان، وهو مصدر جيد للألياف ويحتوي على فيتامينات متنوعة وعناصر مضادة للأكسدة بالإضافة إلى الحديد. وأثبتت الأبحاث الطبية فوائد الرمان في علاج ضيق الشرايين والمحافظة عليها وفي تأجيل تقدم سرطان البروستاتا. وفي تجارب على الفئران ثبتت فائدة الرمان في تقوية العظام. وبوجه عام يمكن اعتبار الرمان من الفواكه المفيدة صحيا ضمن ريجيم متنوع. ويمكن تناول عصير الرمان يوميا ولكن مع تجنب الأنواع التي تضيف السكر إليه. ويمكن إضافة حبات الرمان إلى السلاطة من أجل رفع قيمتها الغذائية.
- الشاي الأخضر (Green Tea): ظل الشاي الأخضر لقرون ضمن طب الأعشاب الصيني لعلاج الكثير من الأمراض بداية من الصداع وحتى الكآبة. والاعتقاد السائد هو أن أوراق الشاي الأخضر مضادة للأكسدة وتحتوي على فيتامينات ومعادن مثل البوتاسيوم والمنغنيز والماغنسيوم والكافيين. وتعود مصادر كل أنواع الشاي إلى الأشجار نفسها. الأبحاث الطبية من ناحيتها لم تثبت أن الشاي الأخضر يحمي من السرطان ولكن دراسات حديثة ما زالت جارية تشير إلى فوائد مادة «هيرسبتين»، الموجودة في الشاي الأخضر، في علاج سرطان الثدي. ولكن فوائد خفض الوزن لم تثبت طبيا، بينما تبدو تجارب خفض الكولسترول مشجعة بشرب الشاي الأخضر أو الأحمر يوميا. والنصيحة الطبية هو أن حلقة الوصل بين الشاي الأخضر وعلاج قائمة الأمراض المذكورة ضعيف ولكنه مفيد كشراب اجتماعي ليس له مضار.


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.