معلومات عن استعداد حفتر لمغادرة باريس... ومخاوف من اشتباكات في طرابلس

نقل 5 آلاف جندي إلى درنة لتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية

TT

معلومات عن استعداد حفتر لمغادرة باريس... ومخاوف من اشتباكات في طرابلس

قال مقربون من المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، إنه يستعد للعودة إلى مقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق ليبيا، بعدما أوشك على استكمال علاجه في أحد متشفيات العاصمة الفرنسية باريس، إثر وعكة صحية طارئة ألمت به، وتزامن ذلك مع صدور تصريحات لمسؤولين أمنيين في العاصمة طرابلس تعكس مخاوف من اندلاع اشتباكات مجددا بين الميلشيات المتناحرة.
وقال مصدر وثيق الصلة بحفتر لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من باريس: «إنه سيعود قريبا»، لكنه رفض التعليق على معلومات متداولة حول احتمال توقفه في العاصمة المصرية لبضع ساعات خلال رحلة عودته المرتقبة إلى ليبيا. لكن بعض المسؤولين العسكريين وبرلمانيين في شرق ليبيا قالوا إنه من المرجح عودة حفتر مباشرة من باريس إلى بنغازي، دون المرور أو التوقف في القاهرة.
في السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي إن بلادها، التي تتابع حالة حفتر منذ دخوله إلى المستشفى، تلقت معلومات مختلطة حول صحته. وأضافت في مؤتمر صحافي أنه «لم يتم تأكيد المخاوف بشأن «حالته الحرجة»، التي عبرت عنها بعض وسائل الإعلام. ووفقا لاتصالاتنا في الوكالات الليبية الرسمية في شرق ليبيا، بما في ذلك كبار الضباط في الجيش الوطني الليبي، فالشائعات كان مبالغا فيها، ولم تتحقق التوقعات ذات الصلة».
إلى ذلك، أعلن مكتب الإعلام والتوثيق لإدارة الآليات العسكرية، أنه تم الاستعداد لنقل 5 آلاف جندي تقريبا إلى ما وصفه بمكان مهم واستراتيجي، بناء على تعليمات المشير حفتر، وامتنعت الإدارة، في بيان نشرته على صفحتها عبر «فيسبوك» عن الإفصاح عن وجهة هذه القوات، مكتفية بالقول إنها ستعلن تفاصيله وأحداثه خلال الأيام المقبلة.
ووزعت الإدارة لقطات مصورة لبدء التجهيزات والاستعدادات لنقل الجنود، فيما قال مسؤول عسكري، رفض تعريفه، إن هذه القوات في طريقها إلى مدينة درنة، التي يستعد الجيش الذي يحاصرها منذ عام 2015 لتحريرها من الجماعات الإرهابية، التي ما زالت تتحصن بداخلها.
في المقابل، عبرت مصادر أمنية في العاصمة الليبية طرابلس عن مخاوف من اندلاع اشتباكات مجددا بين الميلشيات المتناحرة على السلطة والنفوذ في المدينة، مشيرة إلى أن هناك تحركات غير اعتيادية، وما وصفته بعملية «تحشيد متبادل» في بعض ضواحي العاصمة.
وقال مسؤول أمني، طلب عدم تعريفه، إن ميلشيات «الكتيبة 33» المعروفة باسم «البقرة»، نسبة إلى قائدها بشير البقرة، تتأهب على ما يبدو لشن هجوم جديد على مواقع تابعة لقوة الردع الخاصة الموالية لحكومة السراج في طرابلس.
ميدانيا، وفي تطور يبرز هشاشة الوضع الأمني، أصابت صواريخ المطار الرئيسي في العاصمة طرابلس قبل يومين، وألحقت أضرارا بطائرة كانت تستعد للإقلاع. ونتيجة لهذا القصف، أعلنت شركة الخطوط الجوية الليبية أنها قررت لأسباب تقنية إلغاء رحلتيها اليوم إلى تركيا عبر مطاري معيتيقة ومصراتة، مشيرة إلى خروج طائرة الشركة 320 عن الخدمة قبل أن تهيب بالمسافرين أخذ العلم بذلك.
وقال متحدث من قوة الردع الخاصة إن صاروخا أصاب طائرة «إيرباص 320» في حين أصابت صواريخ أخرى قاعة الوصول بمطار معيتيقة، حيث أظهرت صور تلفيات بالمدرج وثقوبا في جناح وهيكل الطائرة.
وقالت قوة الردع، التي تدير المطار وتتبع حكومة السراج المعترف بها دوليا، إن الصواريخ أطلقها موالون لميلشيات يقودها بشير «البقرة»، وهي جماعة خاضت معها اشتباكات من قبل، وتتهمها بقصف معيتيقة بين الحين والآخر تحت جنح الظلام.
لكن مجلس حكماء وأعيان تاجوراء اتهم في بيان له أول من أمس، قوة الردع بعدم استجابتها لجهود الوساطة، الرامية إلى حل الخلافات العالقة مع ميلشيات البقرة. وقال المجلس إن أسباب الخلاف ما زالت قائمة بين الكتيبة 33 والثوار والأهالي بالمنطقة المحيطة بالمطار، ومناطق أخرى حول سلوك قوة الردع الخاصة في أدائها لمهامها، ووجودها داخل مطار مدني، لافتا إلى اتهامات للقوة بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل السجن المشرفة عليه، وعدم امتثالها للعمل وفق القانون.
ومن جانبها، نفت الكتيبة 33 اتهامات قوة الردع لها باستهداف المطار، وقالت في بيان لها إن عناصرها تنفي نفيا قاطعا استهدافهم لمطار معيتيقة بقذائف الهاون، قبل أن تتهم في المقابل أيادي خفية بمحاولة زرع الفتنة.
وكانت ميلشيات «البقرة» قد هاجمت المطار قبل نحو شهرين، وخاضت معارك شوارع ضد قوة الردع، ما أدى إلى مصرع 20 بينهم مدنيون.
ومطار معيتيقة هو المطار الدولي الرئيسي والوحيد، الذي يعمل في طرابلس، علما بأن القتال العنيف، الذي اندلع عام 2014 تسبب في توقفه عن العمل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».