الجزائر: «القوى الاشتراكية» و«مجتمع السلم» يعقدان اجتماعات طارئة لحسم خلافاتهما

تحضيراً لاستحقاقات الرئاسة المنتظرة في ربيع العام المقبل

TT

الجزائر: «القوى الاشتراكية» و«مجتمع السلم» يعقدان اجتماعات طارئة لحسم خلافاتهما

بدأ أمس حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم تنظيمات المعارضة في الجزائر، و«حركة مجتمع السلم»، رأس المعارضة الإسلامية، اجتماعات ماراثونية لحسم قضايا داخلية وخلافات بين القياديين، تمهيداً لاستحقاقات الرئاسة المنتظرة في ربيع العام المقبل.
وانطلقت أعمال المؤتمر الطارئ لـ«القوى الاشتراكية»، في جلسة مغلقة أثارت استغراب وسائل الإعلام، التي أبدت اهتماماً بالغاً بالاجتماع، قياساً إلى أهمية الحزب المتجذرة بمنطقة القبائل بشرق البلاد. وتوقعت أن يلقي السكرتير الأول محمد حاج جيلاني كلمة أمام الإعلام، تشرح مواقف الحزب من الأزمة الداخلية التي أفرزتها استقالة 3 قياديين من «الهيئة الخماسية»، ومن قضايا كثيرة تعرفها في البلاد.
وتقول قوانين الحزب إن مؤتمراً استثنائياً يفرض نفسه عندما يقل عدد أعضاء «الهيئة الخماسية» عن 3. وقد تم إطلاق هذه الصيغة من التسيير الجماعي لتعويض الفراغ، الذي خلفته وفاة الرئيس المؤسس، رجل الثورة حسين آيت أحمد في نهاية 2015.
وكان آخر من استقال من «الخماسية»، السكرتير الأول للحزب سابقاً علي العسكري، الذي لم يعلن أسباب تنحيه. واستقالت قبله سعيدة عائشة لامان بسبب خلافات داخلية. أما رشيد حاليت فتم إبعاده إثر تصريحات للصحافة، عدت «غير منسجمة مع خط الحزب». ويرتقب أن تجمع «الجبهة» شتاتها اليوم بانتخاب 3 أعضاء جدد في التشكيلة الخماسية.
وعرف انطلاق أعمال المؤتمر فوضى كبيرة، وخلافات عميقة حول صيغة انتخاب القياديين الثلاثة. وحتى آخر نهار أمس كان عدم التفاهم هو ميزة جلسات الحزب.
ويرتقب أن يبحث المؤتمر أفكاراً ومشاريع كثيرة، منها «مشروع التوافق»، الذي طرحه الحزب قبل عامين وقابلته المعارضة والحكومة ببرودة شديدة. ولم يدون فيه الحزب أي فكرة واضحة، باستثناء ما ذكرته القيادة بأنها تطرح «ورقة بيضاء»، دعت الأحزاب والسلطة إلى «ملئها بالأفكار التي تراها مناسبة للخروج من الأزمة متعددة الأبعاد، التي تتخبط فيها الجزائر». وأعلن الحزب تمسكه بهذه المبادرة، على الرغم من أن كثيراً من مناضليه غير متحمسين لها.
وأكبر رهان يواجه «القوى الاشتراكية» حالياً، حسب بعض المراقبين، هو كيف ستشارك في انتخابات الرئاسة المقبلة. فالظاهر أنها لا تملك «فارساً» قادراً على منافس مرشح السلطة، سواء كان الرئيس بوتفليقة، أو شخصاً آخر. وقد دخل آيت أحمد معترك رئاسية 1999، وانسحب رفقة 6 آخرين من السباق عشية الموعد، بذريعة أن الجيش اختار مرشحه عبد العزيز بوتفليقة.
من جهته، يبحث «مجلس شورى» حزب «حركة مجتمع السلم»، منذ أمس «أوراق المؤتمر السابع»، الذي سيعقد في 10 مايو (أيار) المقبل. ومن أكثرها إثارة للجدل ورقة الاستمرار في المعارضة، أو العودة إلى الحكومة التي غادرتها «الحركة» عام 2012، تحت تأثير أحداث «الربيع العربي» في تونس ومصر. وقد عرض بوتفليقة على قيادتها العودة لتسيير الشأن الحكومي في 2016، لكن «مجلس الشورى» رفض العرض بالإجماع، بحجة أن السلطة تريده أن يشترك معها في تحمل مسؤولية تسيير أزمة مالية حادة، هي وحدها من تسببت فيها، حسب تعبيرها.
واقترح رئيس الحزب سابقاً، أبو جرة سلطاني تطبيق «نظام برلماني» داخل الحزب، تعود فيه الكلمة لـ«مجلس الشورى»، وليس للمكتب التنفيذي بقيادة رئيس «الحركة»، الذي هو حالياً عبد الرزاق مقري، علماً أنه تجمع الرجلين خصومة شديدة على صفحات الجرائد وبرامج الفضائيات، وحتى عبر حساباتهما بـ«تويتر» و«فيسبوك».
ويسعى سلطاني بقوة إلى إعادة «مجتمع السلم» إلى الحكومة، التي كان وزير دولة فيها. ويعول في ذلك على دعم قياديين بارزين، من بينهم عبد الرحمن سعيدي رئيس «الشورى» سابقاً، والهاشمي جعبوب وزير التجارة سابقاً. ويعارض مقري هذا الخيار بشدة، ويلقى في ذلك تأييداً داخل «مجلس الشورى». ويرتقب أن يترشح لولاية ثانية، ويرجح مراقبون فوزاً عريضاً لصالحه أمام مرشحين مفترضين، سيكون سلطاني أبرزهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.