فرقة سان دييغو السيمفونية تنهي موسمها بمشاركة من عازف الكمان الروسي ريبين

المدينة أصبحت تشغل مكانا بارزا على الخريطة الموسيقية العالمية لكبار الفنانين

عازف الكمان الروسي فاديم ريبين  -  قائد الأوركسترا جاجا لينغ
عازف الكمان الروسي فاديم ريبين - قائد الأوركسترا جاجا لينغ
TT

فرقة سان دييغو السيمفونية تنهي موسمها بمشاركة من عازف الكمان الروسي ريبين

عازف الكمان الروسي فاديم ريبين  -  قائد الأوركسترا جاجا لينغ
عازف الكمان الروسي فاديم ريبين - قائد الأوركسترا جاجا لينغ

مثلما تختتم المسلسلات التلفزيونية ومواسم المباريات الرياضية قبل بداية الصيف كان حفل أوركسترا سان دييغو السيمفونية لائقا بالمناسبة وراقيا باختيار القطع الموسيقية والعازفين. الموسم الحالي فاق التصورات في نجاحه وزيارات كبار الفنانين وبراعة قائد الأوركسترا جاجا لينغ المتنامية ومنزلته الرفيعة وحفلات الفرقة التي بيعت بطاقاتها بالكامل في زياراتها الخارجية إلى نيويورك والصين. كان نجم الحفل الأخير لهذا الموسم عازف الكمان الروسي الموهوب فاديم ريبين وطريقة عزف السيمفونية الأولى للموسيقار الألماني يوهان براهمز.
بدأ الحفل بافتتاحية أوبيرون لفيبر التي ألفها عام 1825 حول قصة خيالية فأوحت بالدفء وخلقت الجو المناسب لأنها مفعمة بالحيوية وتبعها كونشرتو الكمان رقم 2 للموسيقار الروسي سيرغي بروكوفييف، حيث برع ريبين بعزفه ومباراته مع الأوركسترا وأعطاه المايسترو لينغ المجال ليثبت قدرته ونشاطه وعاطفته مع بقائه متمالكا لأعصابه الفولاذية مثل المؤلف بروكوفييف.
قصة حياة بروكوفييف (1891 - 1953) مشهورة وخلاصتها أنه ضاق ذرعا بروسيا ومشكلاتها أثناء الثورة البلشفية فسافر قبل نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 إلى فرنسا على أمل العودة بعد أشهر حين تعود الأوضاع إلى الهدوء، لكن قيام النظام الشيوعي أجبره على تأجيل العودة وبقي في الخارج حتى عام 1933 وكان يصرح قائلا: «هواء البلاد الأجنبية لا يناسبني ولا يلهمني فأنا روسي وأكثر ما يضر الإنسان أن يضطر للعيش في المنفى». دفعه الحنين إلى الوطن للعودة بعد وعود ستالين بتقديره وتشجيعه، وخصوصا أن ذاع صيت مؤلفاته مثل «بيتر والذئب» وأوبرا «حب البرتقالات الثلاث» وباليه «روميو وجولييت». لم يحسب بروكوفييف أن ستالين في موجات غضبه وحملاته التطهيرية سينقلب عليه، فحاول أن ينفد بجلده وألف قطعة لتمجيد ستالين، لكنها لم تنفعه كثيرا وعاش فقيرا بقية حياته إنما انتقم القدر له فكان موته وموت ستالين في نفس اليوم سنة 1953.
كان كونشرتو الكمان رقم 2 آخر مؤلفات بروكوفييف في التي بدأها في فرنسا قبل عودته إلى الاتحاد السوفياتي، حيث أتم الحركة الأخيرة من الكونشرتو هناك. ألحان القطعة عذبة وسهلة وفيها شاعرية عاطفية ثم تنتهي بشكل مندفع عاصف وكأنه جمع روح البلدين اللذين احتضناه في تلك الفترة. الغريب أنه أضاف لبضع ثوان صوت الصنج التي نسمعها عادة في الموسيقى الإسبانية دون أن يخطر بباله أن الحفلة الأولى لتقديم هذه القطعة الجميلة ستكون في مدريد.
عزف ريبين كان بديعا وموفقا يتسم بالأبهة وبرهن على أنه معلم في هذا الكار ولا غرو فإن آلة الكمان التي يعزف عليها هي من النوع الأثري الممتاز من نوع غوارنييري الإيطالي المصنوع يدويا عام 1736 والمطلي بدهان خاص لا تزال وصفته سرية حتى اليوم ويقدر ثمنها بملايين الدولارات.
ولد ريبين في سيبيريا عام 1971 وبدأ العزف وعمره لا يتجاوز الخمس سنوات وحاز وهو في السابعة عشرة على جائزة الملكة إليزابيث للموسيقى في بروكسل وتجنس بالجنسية البلجيكية. وصفه أحد أشهر عازفي الكمان في العالم يهودي مينوهن بقوله: «إنه أفضل وأكمل عازف كمان سمعته في حياتي». عزف ريبين مرارا مع كبار قادة الأوركسترا المعاصرين أمثال: سيمون راتل وفاليري غرغييف وريكاردو شايي وبيير بوليز وشارل دوتوا وريكاردو موتي وشارك في عزف قطع الكمان والبيانو مع العازفين اللامعين مثل: نيكولا لوغانسكي ومارتا أرغيريتش وأفجيني كيسين ولانغ لانغ. ومن أشهر قطعه المسجلة على الأقراص المدمجة كونشرتو الكمان لتشايكوفسكي.
القطعة الأخيرة في البرنامج كانت من حظ السيمفونية الأولى لبراهمز التي استغرق معه تأليفها 20 سنة حتى عام 1876 ووضعته في مصاف أساطين الفن وأحد ثلاثة مؤلفين موسيقيين كبار يبدأ اسمهم بحرف الباء (باخ وبيتهوفن). كان براهمز من النوع الجدي وله تعليقات لاذعة وكان معجبا ببيتهوفن والشكل الكلاسيكي للتأليف ويعتقد البعض أن هذه السيمفونية تعتبر كأنها السيمفونية العاشرة لبيتهوفن وفيها لحن يشبه أنغام السيمفونية التاسعة الأخيرة لبيتهوفن، فحين ذكر له أحد النقاد ذلك أجابه بطريقة جلفة: «المغفل وحده لا يلاحظ ذلك»!
عزف فرقة سان دييغو السيمفونية بقيادة لينغ كان مدهشا ولا عجب فأداء الفرقة في تقدم مطرد منذ سنوات وتضاهي الآن أفضل الفرق الموسيقية في الولايات المتحدة والعالم. أسلوب لينغ مقنع ومؤثر دون إفراط ويعطينا السيمفونية صافية وبسيطة إنما يشعر المستمع بالحساسية المرهفة والطريقة البارعة التي يحافظ فيها لينغ على روح الفريق المنسجم بين العازفين وقبضته الحازمة عليهم بشكل أخوي مخلص فسيتخرج الألحان البديعة دون جهد ظاهر. ولد لينغ في جاكرتا عاصمة إندونيسيا عام 1951 ويعد من أبرز قادة الأوركسترا في أميركا خلال القرن الحادي والعشرين وكان اختياره موفقا لأنه أتم كل المتطلبات الصعبة بنجاح، فهو ملهم للعازفين ولديه صلة شخصية مع كل منهم ويتمتع بصفات قيادية بارزة ولديه معرفة واسعة في الموسيقى الكلاسيكية وحضور مميز على خشبة المسرح وصالة العزف وتصور ورؤية خصبة للأعمال الموسيقية التي تنال إعجاب الجمهور. بدأ لينغ حياته الموسيقية كعازف على البيانو وعمره أربع سنوات ونال الجائزة الوطنية الأولى لعزف البيانو في إندونيسيا عام 1978 ثم حاز على منحة روكفلر لدراسة الموسيقى في الولايات المتحدة وبعدها التحق بفرقة كليفلاند الموسيقية العريقة في ولاية أوهايو.
كانوا يسمون براهمز «حامل الشعلة» لأنه وقف بوجه الموسيقار فاغنر في عز مجده وقوته وأفكاره الثورية حول المسرح الموسيقي وتأليف الأوبرا فتابع براهمز كتابة السيمفونيات الكلاسيكية والموسيقى المجردة، بل رفض كتابة أي مسرحية غنائية، وكان يستشيط غضبا بسهولة ويتحيز لجانب المؤلفين الذين يحافظون على التراث الكلاسيكي مثل دفورجاك وغريغ ويهاجم بروكنر وماهلر وتشايكوفسكي، لكنه كان طيب القلب ويحب المزاح الجارح، ومن أقواله المأثورة: «أعتذر إن كنت نسيت أحدا من الإهانة».
يبدو أن طبيعة لينغ واهتماماته تجعله من أنصار براهمز الذي يفضل الشكل التقليدي المتعارف عليه في الموسيقى منذ قرون، لذا فإن عزف ألحان براهمز تبرز مواهبه القيادية بشكل واضح.
الجميع يترقب ما سيتحفنا به لينغ وزملاؤه في الموسم المقبل. من بين الأسماء المتميزة التي سنراها اعتبارا من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل عازفا الكمان هيلاري هان وبنحاس زوكيرمان وجيل شاهام وعازفا البيانو لويس لورتي (الذي سيعزف مع الأوركسترا كونشرتو البيانو الخامس لسان سانس ويسمى الكونشرتو المصري)، وستيفن هيو وأوركسترا الدولة في المكسيك بقيادة إنريكه باتيز وباليه المسرح القومي الروسي وقائد الأوركسترا البريطاني السير نيفيل مارينر وستخصص ليلة في أبريل (نيسان) من العام المقبل لموسيقى وأغاني الممثل والمطرب الأميركي ذي الأصل الإيطالي دين مارتن (دينو كروشيتي) المتوفى في كاليفورنيا عام 1995 وصاحب الأغنية المعروفة بعنوانها المزيج بين الإنجليزية والإيطالية «هذا هو الحب (ذات إز أموريه)».
الأكيد أن مدينة سان دييغو أصبحت على الخريطة الموسيقية العالمية لكبار الفنانين مع زيادة عدد سكانها وتطورها، وآخر الأخبار أن جمعية لاهويا الموسيقية ستبني قاعة حديثة للاستماع في ضاحية لاهويا الراقية على المحيط الهادي بتكلفة 40 مليون دولار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».