المغرب يحتضن ورشة دولية حول إشكاليات الهجرة

TT

المغرب يحتضن ورشة دولية حول إشكاليات الهجرة

قال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، إن العالم لا يمكن أن يعرف الاستقرار باعتماد الرؤية الأمنية فقط، ودون إيجاد حلول لإشكال الهجرة، مؤكدا أنه لا يمكن منع الإنسان من التنقل والعيش في أي مكان، وأن مفهوم الحدود «انتهى».
ودعا بنعتيق أمس خلال افتتاح ورشة دولية بقصر المؤتمرات الدولي في الصخيرات، نظمتها وزارته بتعاون مع الحكومة الألمانية، وحملت عنوان «الهجرة في خدمة التنمية: خريطة طريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة»، دول العالم إلى تبني مفهوم التكامل والتعاون لإيجاد حلول لتحدي الهجرة.
كما انتقد المسؤول المغربي السياسات الغربية في الهجرة بقوله: «مخطئ من يعتقد أن أغلبية حكومية قادرة على صياغة قوانين لحماية بلدها»، معتبرا أن إغلاق الحدود «أجوبة مؤقتة لإشكال معقد ودائم»، وفق تعبيره.
من جهته دعا ماركوس وولك، نائب رئيس البعثة الألمانية بالمغرب، دول العالم إلى تجديد نظرتها لظاهرة الهجرة، مؤكدا أنها يمكن أن تكون عاملا رئيسيا لتحقيق التنمية والقضاء على الفقر. وقال وولك إن ظاهرة الهجرة «ليست جديدة، وستكون أحد العوامل للقضاء على الفقر إذا كانت بالشكل الصحيح»، معتبرا أن تدفق المهاجرين عبر العالم «يشكل تحديا ومسؤولية مشتركة بين مختلف الدول، وتفرض نهج سياسة موحدة تدعم حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمهاجرين في بلدان الإقامة».
وأوضح المسؤول الألماني أن بلاده تسعى وراء تعميم سياسة هجرة سليمة من الأخطار، وتخضع للأمن، مؤكدا استعداد حكومته لتقديم خبراتها وتجربتها في هذا المجال لمختلف الدول.
بدوره، اعتبر إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، أنه «ليس هناك أي حل لمشكلة الهجرة دون مشاركة المهاجرين أنفسهم»، مشددا على ضرورة ابتكار حلول جديدة لضمان مشاركة المهاجرين في الشأن المحلي وتسوية أوضاعهم.
وطالب اليزمي جميع الدول والحكومات بأن تضع سياسات للهجرة في احترام كامل لحقوق الإنسان والمهاجرين الموجودين على ترابها الوطني، بما يمكن من تحقيق كل أهداف التنمية المستدامة. كما حث على ضرورة إدماج المؤسسات ومجالس حقوق الإنسان وإشراكهم في وضع سياسات الهجرة، منوها في الآن ذاته بالتجربة المغربية، التي أسهم المجلس في إعدادها وتنزيلها، وطالب بالاقتداء بها.
من جهتها، أكدت مارتا فوريستي، المدير العام لمعهد التنمية في الخارج (ODI)، على ضرورة تحديد مفهوم موحد للتنمية المراد تطبيقها، مبرزة أن التنمية المقصودة «ليست المساعدات أو المعونات التي تقدمها الدول الكبرى، بل التنمية المستدامة التي تستدعي الاستثمار الاقتصادي لخلق الفرص، وإدماج الهجرة في التنمية المستدامة».
وأوضحت فوريستي أن الهجرة «من أدوات تحقيق التنمية المستدامة، ويجب التفكير بطريقة عملية وتطبيقية من أجل تحقيق الأهداف التنموية وطنيا ودوليا»، مسجلة أن هناك عوائق «تحول دون تحقيق الأهداف، ويجب تدليلها من أجل إشراك المهاجرين في التنمية المستدامة وبشكل إنساني». كما أعربت المتحدثة ذاتها عن أملها في أن تخرج الورشة الدولية بتوصيات مفيدة قصد إدماجها في صياغة نص الميثاق الدولي للهجرة، وأن تمكن الورشة من تعزيز تبادل الأفكار حول الدروس المستفادة لتفعيل أهداف الهجرة.
في نفس السياق، أعلنت جيل هيلك، مدير إدارة التعاون والشراكات الدولية (IOM)، أنها تساند عملية اعتماد العهد العالمي للهجرة من أجل أن تكون الهجرة «طرفا أساسيا في تحقيق التنمية والتقدم»، مطالبة الحكومات بالتعاطي مع الظاهرة بشكل «شامل ومتوازن يراعي حقوق الإنسان». كما طالبت الدول بضرورة العمل على تحسين مستوى تنقل المهاجرين، وضمان حقهم في التنمية المستدامة، وفرص التعليم والرعاية الصحية، داعية إلى ضرورة «تمكين النساء والأطفال، وضمان ولوج المهاجرين للخدمات الأساسية».كما أوضحت المتحدثة ذاتها أن استقدام المهاجرين لأفراد عائلاتهم للعيش معهم في بلدان إقامتهم، من شأنه أن يقلل من «مظاهر العنصرية، وتسهيل إدماجهم في بلدان الاستقبال»، مؤكدة أن هذا الموضوع يستدعي تكثيف «الجهود لتعزيز التنقل الآمن والسليم للأشخاص المهاجرين، ودمجهم في السياسات الحكومية والدولية المتعلقة بالمجال».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم