فرض حظر شامل للتجوال في الفلوجة تحسبا لهجمات

مصادر أمنية: «القاعدة» تخطط لمهاجمة مديرية الشرطة ومراكزها

شرطي عراقي يعاين آثار معركة بين عناصر الأمن ومسلحين في مجمع تجاري  مجاور لمديرية الاستخبارات في كركوك الخميس الماضي (أ.ب)
شرطي عراقي يعاين آثار معركة بين عناصر الأمن ومسلحين في مجمع تجاري مجاور لمديرية الاستخبارات في كركوك الخميس الماضي (أ.ب)
TT

فرض حظر شامل للتجوال في الفلوجة تحسبا لهجمات

شرطي عراقي يعاين آثار معركة بين عناصر الأمن ومسلحين في مجمع تجاري  مجاور لمديرية الاستخبارات في كركوك الخميس الماضي (أ.ب)
شرطي عراقي يعاين آثار معركة بين عناصر الأمن ومسلحين في مجمع تجاري مجاور لمديرية الاستخبارات في كركوك الخميس الماضي (أ.ب)

عقب حادثتي محافظتي صلاح الدين (اقتحام مديرية رعاية الشرطة من قبل انتحاريين) وكركوك (اقتحام مجمع تجاري مجاور لمقر مديرية الاستخبارات العسكرية) وتبني تنظيم القاعدة العمليتين، فرضت القوات الأمنية حظرا شاملا للتجوال في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار إثر ورود معلومات عن وجود مخطط لتنفيذ هجمات مسلحة في المدينة من قبل الجماعات المسلحة.
وقالت مصادر أمنية في شرطة الأنبار أمس إن قيادة شرطة الأنبار قررت فرض حظر شامل للتجوال في مدينة الفلوجة من الساعة الخامسة من صباح أمس «وحتى إشعار آخر»، عازيا السبب إلى «الحصول على معلومات استخبارية تفيد بنية الجماعات المسلحة تنفيذ هجمات ضد المؤسسات الحكومية والمدنيين». وأضافت المصادر أن «الحظر يشمل منع سير الأشخاص والمركبات والدراجات النارية بمختلف أنواعها»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية انتشرت بشكل مكثف في مداخل ومخارج المدينة وقرب المؤسسات الحكومية لمنع الجماعات المسلحة من تنفيذ مخططها».
من جهته، قال طالب العيساوي، رئيس المجلس المحلي لمدينة الفلوجة، إن «معلومات استخبارية تفيد بوجود مخطط لتنظيم القاعدة لمهاجمة مديرية شرطة الفلوجة القاطع الشمالي ومراكز الشرطة ونقاط التفتيش الأخرى». وفي هذا السياق فقد اتخذت قوات الشرطة إجراءات أمنية وعززت من وجود الدوريات ومفارز الشرطة في مداخل ومخارج المدينة وحول المؤسسات الحكومية لمنع وقوع الهجمات المحتملة.
وكان خطيب الجمعة في الفلوجة أعلن أول من أمس عن اجتماع هام كان مقررا عقده أمس بساحة اعتصام الفلوجة التي يطلق عليها «ساحة الشهداء». وطالب الخطيب الجميع بالحضور لاتخاذ ما وصفه بـ«قرارات هامة». غير أن مسؤول العلاقات العامة لساحات الاعتصام في الأنبار، الشيخ عبد الرازق الشمري، أبلغ «الشرق الأوسط» أنه «ليس هناك جديد على صعيد ساحات الاعتصام ما عدا مسألة تشكيل لجان حماية من أبناء العشائر لحمايتها لا سيما بعد التهديدات المتكررة من قبل الميليشيات». وأضاف الشمري أن «لجان الحماية هذه لن تشمل ساحات الاعتصام لأننا لدينا لجاننا الخاصة بالحماية فضلا عن الشرطة الاتحادية وبالتالي فإنه لم يجر التنسيق معنا بشان ما إذا كان هناك أمر يستوجب الحضور إلى الساحة لتدارسه».
وكانت الفلوجة قد شهدت في الآونة الأخيرة سلسلة اغتيالات كان آخرها اغتيال منظم اعتصام الفلوجة وأبرز خطبائها، الشيخ خالد حمود الجميلي، على يد مسلحين مجهولين بالقرب من إحدى نقاط التفتيش عند مدخل المدينة. وفي هذا السياق، أكد حامد المطلك عضو البرلمان العراقي عن الفلوجة وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة وأجهزتها الأمنية هي المسؤولة الأولى والأخيرة، سواء على صعيد تأمين حماية الناس والمنشآت الحكومية أو في لجم الميليشيات التي بدأت تنشط بشكل واضح في الآونة الأخيرة». وأضاف المطلك أن «المشكلة للأسف معروفة وهي أن الميليشيات التي باتت تقتل على الهوية مدعومة حكوميا وأنها تعمل علنا ومن خلال استخدام أسلحة الدولة وسياراتها وهوياتها وهو أمر إن استمر من دون إجراءات فاعلة فإنه سيدفع البلد نحو الهاوية». وتابع المطلك قائلا «لقد شخصنا منذ البداية أن هناك مشروعا يستهدف العراقيين بكل أطيافهم ولكن الحكومة بسبب الأجندة التي تحملها غير قادرة على التعامل مع هذه المسائل لأن هناك من هو ضالع أو متستر من بين كبار المسؤولين بما يجري في العراق حاليا».
من جانبه، اعتبر إياد السامرائي، الأمين العام للحزب الإسلامي، في تصريح أمس أن «ما يحدث من اغتيالات وتصفيات جسدية لأبناء محافظة الأنبار أمر في غاية الأهمية ولا يمكن السكوت عليه». وأضاف السامرائي أن «هنالك توجهات محلية وإقليمية لتدمير هذه المدينة العريقة بتاريخها وشيوخها لذا يجب على الجهات الأمنية في المحافظة ووزارة الداخلية فتح تحقيق عاجل من أجل الوقوف على تلك الاغتيالات التي تتم بين الفترة والأخرى».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».