خطة أممية لإطلاق مفاوضات يمنية خلال شهرين

غريفيث شدد على حل الأزمة عبر التوافق... وواشنطن طالبت إيران والحوثي بوقف الاستفزازات ضد السعودية

طفلة يمنية داخل مخيم للنازحين في منطقة حرض التابعة لمحافظة حجة أمس (أ.ف.ب)
طفلة يمنية داخل مخيم للنازحين في منطقة حرض التابعة لمحافظة حجة أمس (أ.ف.ب)
TT

خطة أممية لإطلاق مفاوضات يمنية خلال شهرين

طفلة يمنية داخل مخيم للنازحين في منطقة حرض التابعة لمحافظة حجة أمس (أ.ف.ب)
طفلة يمنية داخل مخيم للنازحين في منطقة حرض التابعة لمحافظة حجة أمس (أ.ف.ب)

تعهد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي أمس، بتقديم إطار عمل في غضون شهرين للتفاوض بين أطراف النزاع اليمنيين، يستند إلى القرار 2216، ويركز على انتقال سياسي، فيما طالب ممثلو كثير من الدول، خصوصاً المندوبة الأميركية نيكي هيلي، جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، بـ«التوقف فوراً» عن إطلاق الصواريخ الباليستية في اتجاه المملكة العربية السعودية، ملوحة بقرارات مستقبلية تندد باستفزازاتهم. وفي إحاطة هي الأولى له منذ تعيينه مبعوثاً دولياً إلى اليمن، أفاد غريفيث بأن «حل النزاع في اليمن لن يأتي إلا من خلال اتفاق بين زعمائها على تنحية خلافاتهم جانباً»، على أن «يتوافقوا على تسوية، ليس عبر القتال، بل من خلال الحوار والنقاش».
وقال إن «الخبر السار هو أن الحل السياسي لإنهاء هذه الحرب متاح»، موضحاً أن الخطوط العامة لذلك تتضمن «إنهاء القتال، وسحب القوات، وتسليم الأسلحة الثقيلة في المواقع الرئيسية، مع اتفاق على إنشاء حكومة جامعة»، تشارك فيها كل الأطراف و«تتوافق بالإجماع على بناء السلام».
وأكد أن «جميع الذين تحدثت معهم، من أوسع مجموعة من الطيف السياسي اليمني، أبلغوني أنهم يريدون ذلك بسرعة، وأنهم سيعملون مع الأمم المتحدة لتحقيق ذلك»، مشدداً على أن «التنازلات المتبادلة مطلوبة».
ولفت إلى أنه التقى كل الأطراف، غير أنه «لم يزر الجنوب بعد»، مع أنه اجتمع مع عدد من قيادات المجموعات الجنوبية، وقال إنه «لن يكون هناك سلام في اليمن، إذا لم نستمع إلى أصوات الجنوبيين».
وأشار إلى أن جدول الأعمال الذي يركز على «الانتقال السياسي يشمل المصالحة، والمراجعة الدستورية، وإعادة الإعمار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة»، وحذر من «العواقب السلبية» لزيادة عدد الصواريخ الباليستية التي تطلقها جماعة الحوثي في اتجاه السعودية، وكشف عن اعتزامه عرض إطار عمل للمفاوضات خلال شهرين، مشيراً إلى أنه يعمل على اتفاق يرضي كل الأطراف اليمنية، بضمانات دولية.
كذلك، قدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، فقال: «لا يزال اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، إذ إن «ثلاثة أرباع السكان، أي أكثر من 22 مليون شخص، يحتاجون بشكل عاجل إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وبينهم 8.4 مليون شخص يكافحون للعثور على وجبتهم المقبلة».
وأشار إلى أن مؤتمر المانحين الخاص باليمن، الذي عقد أخيراً، قد شهد تعهد 40 من الدول والمنظمات الإقليمية بالتبرع بأكثر من ملياري دولار أميركي، شاكراً بشكل خاص للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مساهمتهما البالغة 930 مليون دولار في خطة الاستجابة الإنسانية.
وأكد أن هذه «لم تكن مجرد مساهمة كبيرة بشكل استثنائي، بل كانت أيضاً سريعة وغير مشروطة، وصرفت بالكامل». وإذ شدد على إيصال المساعدات، أفاد أيضاً بأنه «ما لم تتخذ خطوات الآن في المناطق عالية المخاطر، فإننا نجازف بتفشي الكوليرا مجدداً». وعبر عن «قلق بالغ إزاء الصواريخ التي تطلق في اتجاه السعودية من داخل اليمن».
وشكرت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، كلاً من غريفيث ولوكوك، مشددة على أنه «لا بد من توقف الهجمات بالصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية»، مؤكدة أنه «يجب على كل الدول الأعضاء أن تنفذ القرارات التي أصدرت بالفعل، والتي تغطي هذه الهجمات». وأضافت أنه «يجب على المجلس النظر في أفضل السبل التي يمكن أن تساعد في دعم المملكة العربية السعودية في الدفاع عن نفسها»، وقالت إن إيران «بحاجة إلى الالتزام بقرارات المجلس».
وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، إن «العثور على السلام أمر ملح» في اليمن، إنما «يجب على إيران والحوثيين، على وجه الخصوص، أن يفهموا بشكل أفضل جديتنا عندما يتعلق الأمر بدورهم في زعزعة الاستقرار».
وأوضحت أن «الحوثيين أطلقوا، الأسبوع الماضي، دفعة أخرى من الصواريخ الباليستية في اتجاه المملكة العربية السعودية»، مضيفة أن ذلك «يزيد كل يوم خطر وقوع نزاع إقليمي».
وتساءلت عن سبب عدم قيام مجلس الأمن بـ«محاسبة الحوثيين وإيران على انتهاك حظر الأسلحة، وقرار مجلس الأمن رقم 2216»، مشددة على أنه «من الضروري أن يوضح هذا المجلس أن هذه الاستفزازات غير مقبولة».
وأكدت أن الولايات المتحدة «تعمل على تقديم الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية، مع تقليل الخسائر في صفوف المدنيين»، وأكدت أيضاً أنه «يمكن لهذا المجلس أن يتخذ خطوات لمعالجة استفزازات الصواريخ الباليستية الحوثية، وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية، ودعم العودة إلى المحادثات»، داعية إلى عدم الخشية من تسمية الحوثيين ورؤسائهم الإيرانيين بالاسم في القرارات المستقبلية. وشدد نظيرها الفرنسي، فرنسوا دولاتر، على أن إطلاق الصواريخ ضد المملكة العربية السعودية «أمر غير مقبول، ويجب أن يتوقف»، موضحاً أنه «بالإضافة إلى خطورة إطلاقها بشكل عشوائي، فإن لها عواقب على الأمن والاستقرار الإقليميين».
وأفاد المندوب الكويتي، منصور العتيبي، بأن بلاده «تؤمن بأنه ليس هناك حل عسكري أو إنساني للأزمة في اليمن، إنما حل سياسي يتعين أن يكون مبنياً على المرجعيات السياسية الثلاث، وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2216».
وقال إن استهداف مناطق مأهولة بالسكان في المملكة العربية السعودية، وبشكل متعمد، من قبل جماعة الحوثي، بالصواريخ الباليستية، التي وصل عددها إلى 119، ما هو إلا لدليل واضح على تحدي جماعة الحوثي لإرادة المجتمع الدولي، وشدد على أن مجلس الأمن يجب أن يستمر في موقفه الموحد، عبر التأكيد على أنه «لا يمكن الاستمرار في تجاهل قرارات مجلس الأمن، والقانون الدولي، والتعنت في الانخراط بالعملية السياسية».
وأخيراً، قال المندوب اليمني، خالد اليماني، إن «النظام في إيران يستمر في ممارسة التدخل السافر في الشؤون الداخلية لليمن ودول المنطقة»، مضيفاً أن حكومته وجهت كثيراً من الرسائل إلى مجلس الأمن، التي «تؤكد أن إيران دولة راعية للإرهاب، تسعى لزعزعة الاستقرار في كامل دول المنطقة»، وأشار خصوصاً إلى بيان أصدرته الحكومة اليمنية في 11 أبريل (نيسان) الحالي حول «استمرار عمل سفارة إيران في صنعاء، الذي يستخدمه النظام الإيراني كمركز لقيادة العمليات، وتقديم الخبرات العسكرية، واجتماعات الخبراء العسكريين الإيرانيين مع قيادات الانقلاب، على الرغم من قطع العلاقات بين الجمهورية اليمنية وإيران في أكتوبر (تشرين الأول) 2015»، فضلاً عن «الرسالة التي بعثتها الحكومة اليمنية في 6 يناير (كانون الثاني) 2016، بعد تحققها من أن إيران لم تغلق بعثتها في اليمن، التي تبلغ فيها النظام الإيراني بأنه غير ممتثل لقرار قطع العلاقات، وإمهال بعثته الدبلوماسية 72 ساعة لمغادرة الأراضي اليمنية».
وأضاف: «فشل مجلسكم هذا في الضغط على إيران لوقف تدخلاتها في الشؤون اليمنية، وتهديدها للأمن والاستقرار الإقليميين، والتوقف عن تهريب الصواريخ، وتهديد الملاحة الدولية، جنوب البحر الأحمر وباب المندب».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.