مفتشو «الكيماوي» في دوما... وباريس تحذر من «محو الأدلة»

خبراء المنظمة الدولية دخلوا برعاية الشرطة الروسية غوطة دمشق

صبي وطفلة أمام مدخل نفق في مدينة دوما أمس (أ.ف.ب)
صبي وطفلة أمام مدخل نفق في مدينة دوما أمس (أ.ف.ب)
TT

مفتشو «الكيماوي» في دوما... وباريس تحذر من «محو الأدلة»

صبي وطفلة أمام مدخل نفق في مدينة دوما أمس (أ.ف.ب)
صبي وطفلة أمام مدخل نفق في مدينة دوما أمس (أ.ف.ب)

أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) الثلاثاء بدخول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى مدينة دوما بالغوطة الشرقية، وذلك للبدء في جميع الأدلة للتحقق من استخدام أسلحة كيماوية، في وقت أعربت واشنطن وباريس عن القلق من «العبث» بالأدلة.
وقالت مصادر أمنية في مدينة دوما لوكالة الأنباء الألمانية إن «خبراء اللجنة دخلوا بعد ظهر اليوم إلى المدينة وتحت حماية وحراسة الشرطة العسكرية الروسية، حيث توجهوا فورا إلى المستشفى الذي يتم فيه معالجة مصابي الهجوم الكيماوي الذي وقع يوم السابع من أبريل (نيسان)، والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 70 شخصا بحسب مجموعة من التقارير».
وذكرت المصادر أن «اللجنة ستقوم على مدى ثلاثة أيام بلقاء كوادر المستشفى الوحيد في دوما واستجوابهم إضافة إلى لقاء عدد من المصابين في الهجوم».
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قالت إنه «من المرجح» أنه يتم إزالة آثار الهجوم بالسلاح الكيماوي. أضافت الوزارة أن سوريا وروسيا حتى الآن ما زالتا تمنعان المفتشين الدوليين من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من زيارة موقع الهجوم الكيماوي الذي يتردد أنه وقع في السابع من أبريل الجاري في مدينة دوما. وأوضحت الوزارة: «من المحتمل بصورة كبيرة أن الأدلة والعناصر الرئيسية تختفي من الموقع، الذي تسيطر عليه القوات الروسية والسورية بصورة كاملة».
وطالبت الوزارة سوريا بالسماح لمفتشي المنظمة «الوصول الكامل والفوري» لأي مواقع عليهم زيارتها بالإضافة إلى لقاء أي شخص يرغبون في محاورته أو الاطلاع على أي وثائق يرغبون في التشاور بشأنها.
وكانت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية قد شنت السبت الماضي هجمات جوية على منشآت يتردد أنها تصنع الأسلحة الكيماوية وتابعة للحكومة السورية، ردا على هجمات دوما. ودافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دافع عن الهجمات خلال خطاب أمام البرلمان الأوروبي، قائلا إن الدول التي شنت الهجمات تصرفت «من أجل شرف المجتمع الدولي».
وقال ماكرون: «هذه الهجمات لا تحل أي شيء، ولكنها ببساطة تضع نهاية لنظام اعتدنا عليه، حيث بصورة ما، يصبح جانب القانون الجانب الضعيف».
وأدان زعماء مجموعة الدول السبع الكبرى، بما في ذلك زعماء فرنسا وأميركا وبريطانيا وألمانيا، في بيان ما يتردد عن استخدام الأسلحة الكيماوية في مدينة دوما.
وحذر وزير الدفاع الفرنسي الثلاثاء النظام السوري من «رد مماثل» في حال «اجتاز الخط الأحمر مرة جديدة». ورأى مراقبون عدة أن الرئيس السوري بشار الأسد خرج أقوى بعد الضربات «المحدودة» ضد مواقع خالية، كونها أظهرت عدم قدرة الغرب أو حتى عدم استعداده للإطاحة به.
وأعلن مصدر في قصر الإليزيه مساء الاثنين أن ماكرون بدأ إجراءات ترمي إلى تجريد الأسد من وسام جوقة الشرف الذي قلّده إياه الرئيس الأسبق جاك شيراك في العام 2001.
ووسام جوقة الشرف هو أعلى تكريم على الإطلاق في الجمهورية الفرنسية ويعود تاريخه إلى نابليون بونابرت.
ولحقت باريس بذلك بركب موقف الولايات المتحدة الذي قال مندوبها لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الاثنين: «قد يكون الروس زاروا موقع الهجوم»، مشيراً إلى «احتمال أن يكونوا عبثوا به».
ونفت موسكو تلك الاتهامات. وأعلن مسؤول روسي في لاهاي الاثنين: «نخطط لوصول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأربعاء» بعد التحقق من سلامة الطرقات وإزالة الألغام منها.
وينتشر حالياً عناصر من الشرطة العسكرية الروسية والسورية في مدينة دوما بعد إعلان الجيش السوري السبت استعادة كامل الغوطة الشرقية قرب دمشق مع خروج آخر المقاتلين المعارضين من دوما.
ودعا مدير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أحمد أوزمجو للسماح للفريق الذي يضم تسعة أشخاص بدخول دوما في أسرع وقت ممكن.
ويهدف عمل البعثة بالدرجة الأولى إلى تحديد ما إذا كان تم استخدام مواد كيميائية، ولا يقع على عاتقها تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.